تنهال قذائف المدفعية النظامية على مدينة بصرى الشام الواقعة أقصى جنوب شرق سورية مخلفة دماراً لأهم المواقع الأثرية في المدينة المسجلة على قائمة التراث العالمي منذ 1980ليسقط في أولى الصور الواردة من هناك تاج سرير بنت الملك والذي يعود للقرن الثاني قبل الميلاد والذي أعيد ترميمه سنة 1945 وهومعروف باسم (كليبيه) وهويقوم على أعمده رومانية من حجر البازلت يصل ارتفاعها الى /14/ متراً.
مهرجان بصرى للدبابات والمدفعية
فيما تستمر الآليات الثقيلة ببسط سيطرتها على المدينة وما حولها من قرى جرّاء قصفها المتواصل من قلعة بصرى التي اتخذتها مرابض لها بعد أن كانت قبلة للسياحة العربية والإسلامية والأوروبية وتناست القوات السورية مهرجانها السنوي للفنون الشعبية فغدت القلعة اليوم أحد أمنع حصون القوات الأسدية في إرسال وابل حممها النارية على محيطها، فيما تشير بعض المعلومات المتوفرة إلى أن ثمة تصدعات كبيرة أصابت القلعة وبنيانها التاريخي بعد صمود تجاوز آلاف السنين.
لا تنتهي قصة القوات الأسدية مع الآثار في هذه المواقع التي سبق ذكرها، إذ تجاوزت كافة حدود الأعراف الدولية بدخول عناصر الشبيحة إلى مبرك ناقة الرسول الأكرم عليه أفضل الصلاة والتسليم، وعاثوا به فساداً وخطوا عباراتهم الدنيئة ودنسوا الأرض الطاهرة التي اتخذت مسجداً منذ الفتح الإسلامي للمدينة وفي خطوة لم تفرق بين إرث تاريخي سواء كان إسلامياً أومسيحياً أورومانياً، دخل الجنود بأحذيتهم العسكرية إلى أقدس الأماكن الدينية عند مختلف طوائف المدينة فعاثوا خراباً ونهباً بدير الراهب بحيرا حيث عرفت هنا أولى البشائر بالرسالة المحمدية عندما طلب الراهب النصراني من قافلة قريش أن تعجّل بحضور سيدنا محمد بعد أن تركوه بحراسة القافلة وارتفع حين دخوله باب الدير، وقال الراهب مقولته بعد أن عرف علامات النبوّة.
لا حياء لمن تنادي
ومع كل فذيفة مدفع في هذه المدينة التاريخية أوتلك، ترتفع صيحات التحذير والاحتجاج من بعض المنظمات الدولية لكنها سرعان ما تعاود صمتها السابق أمام هول الإجرام بالبشر اليومي والمجازر المرتكبة في الأراضي السورية.
إذ سبق أن حذرت منظمة اليونسكوالتابعة للأمم المتحدة وحضت قبل أشهر خلت الدول الأعضاء والهيئات الدولية إلى حماية التراث الثقافى الغنى فى سوريا وضمان عدم تعرضه للسرقة والتهريب من البلاد، وقالت اليونسكوفى بيان "إن الإضرار بتراث بلد هوإضرار بروح الشعب وهويته".
فيما يعيد علماء آثار تحذيرهم من تكرار كارثة نهب الآثار العراقية في مدينة حلب السورية نتيجة ما تتعرض له على يد النظام الحاكم، كما عقدت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" في القاهرة مؤتمراً بالتعاون مع وزارة الآثار وجامعة القاهرة، شارك فيه خبراء من سوريا، الأردن، فلسطين، تونس، السعودية وحذرت من مخاطر التدمير والنهب المحدقة بالكنوز الأثرية فى سوريا، بما فيها آثار مدينة تدمر والآثار اليونانية والرومانية فى أفاميا، بسبب الاضطرابات التى تشهدها البلاد منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية فيها قبل أكثر من عام ونصف.
يقول النشطاء في سورية، إن الجيش السورى قصف عدة مواقع أثرية من بينها قلعة المضيق فى ريف حماة، خلال عملياته لاستعادة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام موثقين رواياتهم بالصور التي يتناقلها الإعلام يومياً.
جرائم تاريخية
وقد كان متحف مدينة حماة فى وسط البلاد فريسة للصوص الآثار، بما فى ذلك الأسلحة القديمة المعروضة فيه وتمثال يعود إلى العصر الآرامى، كما تعرضت للنهب مدينة إيبلا الأثرية الواقعة فى محافظة إدلب، التى تركزت فيها العمليات العسكرية والاشتباكات بين القوات النظامية والمنشقين عنها فى الأسابيع الماضية، وهوما تكرر على يد القوات النظامية وآلياتها الثقيلة في مدينة تدمر المصنفة من قبل منظمة اليونيسكوكموقع من مواقع التراث العالمي منذ عام 1980 فنالت نصيبها من القصف، وتمركزت الدبابات قرب المقابر البرجية الشهيرة.
وحسب نشطاء ، فإن منطقة (أفاميا) الأثرية المسجلة على لائحة التراث العالمي في اليونسكومنذ عام 1999"تعرّضت لعمليات حفر سري عشوائي ونهب منظم في وضح النهار"، كما أكّد آثاريون أن جدران المعبد الآشوري في تلّ (شيخ حمد) في دير الزور قد تم تدميره تدميراً واسع النطاق، وهويعود للعصر البرونزي.
ولم ينجُ متحف حمص من النهب وفقاً لتجار الآثار الذين أشاروا إلى أنه تمّ إغراق الأسواق في الأردن وتركيا بالقطع الأثرية الآتية منه، وتعرضت مدينة (إيبلا) الأثرية الواقعة في محافظة إدلب للنهب، وهي المدينة الآرامية التي عثر فيها على خمسة آلاف مخطوط حجري مسماري، كما قصفت القوات السورية قلعة حلب الأيوبية الشهيرة، وطال القصف والتخريب والحرق السوق الأثري القديم في حلب أيضاً.
يُشار إلى الجغرافية السورية بمدنها المتعددة تحتوي على آثار آرامية ويونانية ورومانية وإسلامية، وهوما دفع النشطاء لتكرار مطالبة المنظمات الدولية المعنية حماية الآثار، مؤكدين أن قوات النظام السوري تستهدفها، بما فيها من قلاع صليبية ومساجد وكنائس قديمة وآثار يونانية ورومانية نادرة، فضلاً عن الإهمال الحكومي لعشرات المتاحف المليئة بالآثار.
محمد المقدداد - درعا - عمان (الأردن)
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية