أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل تتكرر تجربة الألمان في سوريا... حرق العملات للتدفئة ووضع الأموال في سلال للتسوق..؟

زيادة العملة دون الاحتياطي يعني تضخماً يترافق مع ركود يعيشه الاقتصاد

العقوبات الأوروبية والحظر المفروض على الشركات المتخضضة في طباعة العملة عالمياً، دفع الحكومة السورية إلى التوجه نحو الحليف السياسي والاقتصادي الروسي، كملاذ أخير لطباعة فئات نقدية جديدة، بحجة تلف العملة المتداولة في السوق.

ورغم النفي المتكرر للمسؤولين السوريين وتأكيدهم عدم وجود فئات نقدية جديدة تدخل للتداول حالياً، إلا أن مصادر مطلعة كشفت عن معايرة أجهزة كشف تزوير العملة، المستخدمة ضمن المصارف العاملة في سورية لقبول مواصفات جديدة لفئة الألف ليرة سورية.

و هذا الإجراء بدأ منذ شهرين الأمر الذي يؤكد أن عملة جديدة دخلت للتداول بمواصفات مختلفة عن تلك التي تمت طباعتها في السابق .خطورة مثل هذا الإجراء تكمن في الارتفاع المتوقع لنسب التضخم، نتيجة تصدير نقد جديد دون وجود ما يغطيه من الناتج المحلي "نقد أكبر من الإمكانيات الحقيقية للاقتصاد".

أي بمعنى آخر الاتجاه نحو التمويل بالعجز، فزيادة العملة دون زيادة في الاحتياطي،يعني بالضرورة تضخماً يترافق مع ركود يعيشه الاقتصاد.

التضخم وطباعة العملة
السلطة النقدية في سوريا لا تترك فرصة إلا وتؤكد على أن أي طباعة جديدة للعملة لن يكون لها آثار تضخمية، حيث أتى على لسان حاكم مصرف سوريا المركزي أديب ميالة أن "طباعة أوراق نقدية جديدة بهدف استبدال الأوراق النقدية التالفة والمهترئة ليس له أي أثر على التضخم أو على غلاء المعيشة،حيث يهدف فقط إلى استبدال الأوراق التالفة بأوراق جديدة".

وكلام الحاكم يلقى آذاناً صاغية عند بعض المراقبين الذين يحاولون سوق الحجج للدفاع عن خطوة طباعة العملة في روسيا، والتي تكمن في تعويض ما خسرته الليرة من قيمتها، عبر ضخ كمية أكبر من النقد، بمعنى أن الليرة خسرت ما يقارب نصف قيمتها وهذا ما يتطلب ضخ عملية جديدة تغطي هذه القيمة، إلى جانب عذر النظام في طباعة عملة بمواصفات مختلفة تقطع الطريق على المضاربات الخارجية.

ومنبع هذا التبرير يأتي من وجود عملة سورية في الخارج يتم استبدالها بالدولار بقصد المضاربة، وهو ما كان سبباً – على حد زعمهم - في انخفاض قيمة الليرة السورية، ما يعني أن العملة الجديدة لا يمكن استخدامها إلا ضمن الأراضي السورية.

الانغلاق
وهذا يعني التقوقع و الانغلاق الاقتصادي،ولا يمكن أن يتم في ظل الظروف الجديدة للاقتصاد السوري، كما يؤكد هؤلاء على مبررات النظام في توجهه إلى روسيا لطباعة العملة، وهو الخيار الوحيد أمامه.

وبعيداً عن التعليق على مصدر طباعة هذه العملة لأن الأهم هو تأثيرها الاقتصادي، لا سيما في ظل التكتم على حجم الكتلة النقدية المتداولة أصلاً في السوق السورية، وبعيداً عن التكتم على حجم العملة الجديدة التي ستتدخل أو دخلت إلى التداول، والتي لا يعلم بها إلا حاكم مصرف سوريا المركزي والأصدقاء الروس، فإن التضخم القائم حالياً في البلاد لا يقل عن نسبة 35 % في أفضل الأحوال، ولا حاجة لتقديم الدلائل والمؤشرات المالية.

لا فعل اقتصادي
ونفياً لكلام الحاكم ومؤيديه، فإن الآثار التضخمية على الاقتصاد السوري وحال الأسواق خير دليلٍ على هذا الكلام، وبدل أن يتوجه عمل الجهات الوصائية في الاقتصاد إلى السيطرة على الأسواق وضبطها، اتجهوا نحو طباعة عملة جديدة وضخها في الأسواق، ما يعني أنهم يريدون إدخال الاقتصاد في دوامة الإغراق، بتأثيرات تضخمية عالية، فالاحتياطات في الدولة معروفة وفي ظل الواقع الحالي الذي تعيشه البلاد من تناقص السيولة المحلية التي لم ترتفع، وبالتالي الضخ النقدي الجديد لا يقابله فعل اقتصادي حقيقي أدى إلى زيادة النقد.

العملة السورية في سلة 
التجربة التي تحاول سوريا تطبيقها عبر طباعة عملة جديدة سبق واتجهت إليها ألمانيا إبان الحرب العالمية الأولى في العام 1926، وفي ذلك الوقت كان الألمان يحملون نقودهم في حقائب وسلال لتسوق الاحتياجات، بسبب ارتفاع التضخم، والعامل يعطى يومياً حصة من معاشه ليشتري حاجياته، بينما استخدم الألمان الفئات النقدية الصغيرة بقصد التدفئة بدلاً من شراء الحطب.

وكما فشلت التجربة في ألمانيا وأدت إلى خسارة كبيرة في الاقتصاد، منيت بالفشل كذلك الدول التي جربت هذا الحل كيوغسلافيا بعد الحرب العالمية الثانية، وصربيا في العام 1990 وكذلك زيمبابوي، فطباعة العملة دون احتياطي يزيد من خسائر قيمتها، فالنقد الجديد سيرفع الأسعار، ليدخل الاقتصاد في حلقةٍ مفرغة. 

والملفت في عملية الطباعة هذه أنها للفئة الأعلى (ألف ليرة سورية) مع العلم أن عمليات استبدال العملة المهترئة كما هو متعارف عليه عالمياً تكون للفئات القليلة كونها أكثر تداولاً و أكثر عرضةً للاهتراء، في حين أن الفئات النقدية العالية تتطلب فاصلاً زمنياً طويلاً لحين استبدالها، فلو كان القصد هو استبدال العملة المهترئة فالأولى التوجه للفئات النقدية الصغيرة وليس العالية.

ومن ناحية أخرى يجب ألا ننسى التكلفة النقدية العالية لطباعة العملة حيث أن كل ورقة نقدية تتم طباعتها تكلف ما يقارب 6 سنت.

(144)    هل أعجبتك المقالة (161)

2012-11-28

اكلناها .


ريال

2012-12-11

الليرة السورية بخير و انتم عندكم محلل اقتصادي محلول جنسياً و فكرياً و بعد شهرين سيكون الريال السعودي في مزبلة العملات....


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي