عندما يظهر لك "الجيش الحر" فجأة.. قصص واقعية
لم يكن الجيش الحر في ذهن كاتيا سوى انعكاس للصورة التي جهد النظام من خلال إعلامه الرسمي على زرعها في أذهان السوريين، فهم -كما كانت ترى- ليسوا سوى عصابات إرهابية هدفها اصطياد الناس لسرقتهم وقتلهم والتمثيل بجثثهم، إلا أن الأقدار شاءت وعن طريق الصدفة أن ترتب لقاء جمع كاتيا بإحدى كتائب هذا الجيش.
وروت قصتها لـ"زمان الوصل" قائلة: كنت متجهة بسيارتي عبر طريق المطار إلى إحدى المناطق، فاختلطت علي الشوارع لأدخل في طريق أوصلني إلى مكان مهجور وأبنيته مهدمة، وقرأت بعد ذلك لافتة كتب عليها: (بيت سحم)، وهنا حاولت الخروج من المكان إلا أن اتجاه الطرقات أجبرني على متابعة السير لأجد نفسي بعد بضعة كيلومترات محاصرة من قبل مجموعة من الشبان الملتحين بدؤوا بالاتجاه نحوي"، وتابعت كاتيا: "لم أحتج سوى ثوان لأكتشف أنهم من الجيش الحر من خلال الأعلام التي يضعونها، لتسيطر علي بعد ذلك حالة من الجمود والهلع الشديدين ظناً مني أنني ميتة لا محال، ليتجه إلي أحد أولئك الشبان، ويطلب بطاقتي الشخصية، إلا أن حالة الرعب كانت على ما يبدو ظاهرة علي لدرجة أن يداي لم تستطيعا من شدة الارتجاف إخراج الهوية، وهنا بادرها الشاب قائلاً: ما بك لم هذا الخوف؟ نحن لن نقتلك فلسنا بمجرمين، لكن من سيقتلك أولئك الذين يضعون قناصاتهم على الأسطح وينشرون دباباتهم حولنا"، في إشارة منه إلى جيش النظام، ثم بينت كاتيا أن هذا الشاب وبعد أن طمأنها قام بإرشادها ا إلى طريق آمن لتخرج من المكان، لأنها لو استمرت المضي بالمنطقة سوف تقتلها قناصات النظام التي توجه طلقاتها إلى كل ما يتحرك حتى ولو كان امرأة أخطأت الطريق.
الطمأنينة
كاتيا وهي فتاة من الطائفة المسيحية خرجت من هذه التجربة بشعور مريح مطمئن كما وصفت، فالجيش الحر كما تراه اليوم ليس كما يحاول النظام تصويره من خلال شائعات حرص على بثها بطريقة ممنهجة لإخافة المواطنين بشكل عام والأقليات بشكل خاص، وبالتالي هي لم تعد تخاف من مرحلة ما بعد سقوط النظام. ولم تخف كاتيا أنها تحاول نشر قصتها لتعمل هي الأخرى على نشر شعور الطمأنينة بين أقربائها والمحيطين بها والخائفين من الثورة وكتائب الجيش الحر.
الحر يعيد سيارته
ولعل قصة رافي تشابه قصة كاتيا، حيث ساهمت إحدى كتائب الجيش الحر في إعادة سيارته، وبيّن رافي الذي يعمل على سيارة لنقل البضائع الغذائية بين أرياف دمشق، أنه في أحد الأيام حدث اشتباك بين جيش النظام وكتائب الجيش الحر، فأجبره حاجز جيش النظام على الخروج من سيارته والهرب، وظن وقتها أن السيارة بما فيها من بضائع قد تمت سرقتها، إلا أن اتصالاً ورد على هاتفه أعاد إليه الأمل، حيث عرّف المتصل عن نفسه بأنه تابع لإحدى كتائب الجيش الحر في الريف، وأن السيارة معهم، وحصلوا على رقمه من بطاقاته التي يضعها في سيارته ويقوم بتوزيعها على المحال، وطلبوا منه تحديد موعد ومكان لإعادة السيارة له، فذهب رافي حسب الموعد المحدد، وفعلاً وجد السيارة في المكان المتفق عليه والبضائع بداخلها لم تمس، فعرض رافي مبلغا من المال على الشاب كنوع من الشكر على أمانته إلا أن الشاب رفض أخذ أي مبلغ، وقال له: "إن واجبنا حمايتكم".
حرص الحر على الأطفال
وتتحدث سميرة وهي معلمة تعمل في إحدى مدارس برزة أن كتائب الجيش الحر في المنطقة هي من تقوم بإخراجهم من المدرسة مع الأولاد في حال علموا بأيه هجوم محتمل من قبل قوات النظام على المنطقة، ولفتت أنه لولا حرص كتائب الجيش على حياتنا وحياة الأطفال لكنا اليوم في خبر كان.
هذه القصص وغيرها الكثير تروى عن كتائب الجيش الحر ومحاولاتهم في بناء جسور الثقة بينهم وبين المواطنين كمحاولة لطمأنتهم وتكذيب الصورة التي يقوم النظام بنشرها عنهم، دون أن ننسى أن هناك تجاوزات قد تحدث في بعض المناطق من الكتائب أو من بعض المجموعات التي تقوم بأعمال السرقة والقتل والخطف باسم الجيش الحر، إلا أن هناك كتائب في ريف دمشق بشكل خاص تعمل بكافة إمكانياتها المتوفرة من أجل القضاء على تلك التجاوزات أو على المجموعات التي تعمل باسمها، وذلك من خلال عدة بيانات كانت قد نشرتها تلك الكتائب.
نيرمين الخوري - دمشق وريفها - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية