طوابير من المواطنين أمام الأفران تؤكد وجود أزمة حول رغيف الخبز بدأت بقوة حتى في المناطق الهادئة نسبياً من دمشق وريفها، وفي وقت يحاول فيه المعنيون من الجهات الحكومية إنكار وجود هذه الأزمة وتجاهلها في تصريحاتهم، إلا أن معاناة المواطن في الحصول على قوت يومه والارتفاع غير المسبوق في سعر ربطة الخبز تجاوزت اليوم خطها الأحمر.
(تباع ربطة الخبز بـ 75 ل.س بينما سعرها الرسمي 15 ل.س) بهذه الكلمات تحدث أحد المواطنين عن هذه الأزمة، مضيفاً أن هناك استغلالاً واضحاً من قبل أصحاب المحال، والأكشاك العامة لحاجة المواطن دون رقابة تذكر عليهم، هذا بالإضافة إلى وجود أزمة طحين يرفض المسؤولون الاعتراف بها.
ولعل هذا الارتفاع الذي طرأ على سعر الربطة في المحال لم يمنع الأفران أيضاً من استغلال الموضوع ورفع أسعارهم حيث اشترت مريم ربطة الخبز من الفرن في أحد أرياف دمشق بـ 35، وبينت قائلة:" بعد انتظار على شباك أحد الأفران استغرق ساعتين، وما احتملته من تدافع بين الناس للحصول على ربطة خبز تفاجأت بأن البائع يطلب مني 35 ل.س"، ولفتت مريم إلى أن هذا الارتفاع جاء دون أي تصريح رسمي برفع أسعار الخبز، فهو برأيها إما اجتهاد شخصي من أصحاب الأفران أو هو اتفاق ضمني بين المعنيين و الأفران إلا أنه وفي كلتا الحالتين، تحكّم بلقمة عيش المواطن.
مشاجرات من أجل الخبز
ولعل الأزمة عندما تصل إلى لقمة العيش فالمشهد الطبيعي أمام الأفران يتحول إلى طوابير ليس لها نهاية يتخللها تدافع قد يتحول إلى مشاجرات في كثير من الأحيان، وهو ما وصفه خالد الذي بيّن أن خوف المواطنين ولهاثهم في سبيل تأمين قوت اليوم لأطفالهم تجعلهم سريعي التوتر والغضب، وبالتالي فإن كلمة بسيطة من صاحب الفرن، أومن أحد المواطنين المنتظرين دورهم قد تجعل المكان يتحول إلى ساحة للشجار فيما بينهم، لافتاً إلى أن المرات التي اشترى فيها الخبز دون حدوث أي مشكلة كانت قليلة.
في حين يتحدث محمد عن معاناته في الوصول إلى شباك الفرن، ويلفت إلى أن الوقوف أمام الفرن بات معضلة حقيقية، وهي تتطلب اليوم تفرغاً كاملاً لأن الانتظار قد يستمر ثلاث ساعات أو أكثر، إلا أنه ليس باليد حيلة –حسب تعبيره- على اعتبار أن سعر ربطة الخبز في الفرن يبقى أرخص، لأن شراءها بالنسبة لمحمد بـ 75 من أحد الأكشاك يخرج عن قدرته الشرائية.
إن هذه الأزمة التي بدأت منذ حوالي العشرة أيام تقريباً هي المرة الثالثة التي تطفو فيها أزمة الخبز إلى السطح في مدينة دمشق وريفها، إلا أن النظام وفي كل مرة يحاول تلافيها بسرعة كيلا تُحدث بلبلة بين الناس، ويبرر الأمر في كل مرة بأن سبب المشكلة هو زيادة الطلب على مادة الخبز التي ارتفعت حسب أرقام النظام إلى 30% لذلك قام بتحديد كمية الخبز المسموح لكل مواطن الحصول عليها من الفرن بثلاث ربطات، مؤكداً على عدم وجود أي نقص بالمواد الأولية من الدقيق والمازوت أو حتى العمال.
القادم أعظم
إلا أن المراقبين يتحدثون عن أن أزمة الخبز موجودة وستزداد على الرغم من إنكار النظام لوجودها، ويشير أحد الخبراء إلى أنه وبغض النظر عن مخزون الدقيق، وكمياته بسبب عدم وجود أرقام دقيقة حوله، إلا أن هناك مشكلة حقيقية في الطاقات الطحنية التي تراجعت منذ بداية الثورة بسبب خروج المطاحن عن الخدمة لاسيما في حمص وحلب، هذا بالإضافة إلى صعوبة توفير المازوت للأفران بشكل عام.
ولم ينكر الخبير عن وجود ضغط كبير على أفران دمشق وريفها الآمن بسبب حركة النزوح الكبيرة إليهما هذا بالإضافة إلى توقف الأفران في المناطق الساخنة عن الإنتاج.
كما تحدث الخبير عن موضوع تلاعب في مكونات رغيف الخبز من حيث زيادة نسبة الشعير فيه على حساب الدقيق كالتجربة التي طبقت في سورية أيام الثمانينيات، وهو أمر يلاحظه المواطن من حيث جودة الرغيف وسرعة تلفه.
نيرمين الخوري - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية