لماذا لم ترد روسيا على طلب قرض النظام ورفعت أسعار طائراتها..؟

فشلت صفقة شراء طائرات روسية، كان من المتوقع عقدها خلال الأيام القليلة القادمة، بعد أن وصلت المفاوضات إلى نقاش الأسعار النهائية للمرة الثانية أو الثالثة على التوالي.
الخلاف -وفق ما أشارت مصادر مطلعة- ناتج عن عدم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الأسعار، على الرغم من الزيارات العديدة التي أجراها الوفد السوري إلى موسكو للوصول إلى سعرٍ نهائي.
ويأتي فشل المباحثات بعد أن كانت سوريا أعلنت عن قرب استلامها طائرتين من طراز "سوخوي أو أنتونوف" في بداية العام المقبل، من أصل 15 طائرة روسية سيتم شراؤها على مدى 15 عاماً، وكان من المفترض أن تستلم سوريا ست طائرات منها حتى نهاية 2013 من طرازات "سوخوي أو أنتونوف".
رفع مهر السلاح الروسي
ويبدو أن الجانب الروسي خذل حليفه السوري، عبر تمسكه بعرضه المغاير لما يريده السوريون، والقائم على عرض لمجموعة من الطائرات بسعر لم يلق رضا المفاوض السوري، ويرى المراقبون أن روسيا بدأت تتشدد في شروطها وأسعارها أكثر فأكثر، من منطق "إذا لم تشأ تزويج ابنتك فارفع مهرها"، مع يقين روسيا أن البطء في إنجاز الاتفاق يترافق مع ضغوطٍ تتزايد يوماً بعد يوم على النظام السوري جراء الحظر المفروض على قطاع طيرانه المدني، إلى جانب حاجة سوريا إلى كل دقيقة تمر، كونها تدفع ثمنها ملايين الدولارات جراء العقوبات والحظر الذي أفرز نقصاً في طائرات الأسطول المدني السوري، رغم أن سوريا أعلنت في أكثر من مرة وبثقة عن قرب وصول هذه الطائرات، التي يظهر أنها لن تصل.
وكان الاتحاد الأوروبي أصدر قراراً منع بموجبه طائرات "مؤسسة الطيران العربية السورية" من التحليق فوق أجواء دوله ضمن حزمة العقوبات قبل الأخيرة التي فرضها.
ليأتي هذا الخبر تأكيداً لما كان يرى فيه الخبراء والمراقبون هواجس روسية، فالحليف السياسي يريد تحقيق المكاسب الاقتصادية في الوقت البدل الضائع من عمر النظام السوري، دون أن يقع في مقامرة خاسرة.
وتر الحاجة السورية
وفي نظرة بانورامية سريعة لبعض الاتفاقيات التجارية التي تم الحديث عنها مع الجانب الروسي الذي وجد فيه النظام السوري ضالته بعد أن خسر العديد من الحلفاء السياسيين والاقتصاديين، لجأت سوريا إلى الحليف الروسي للخروج من مأزقها السياسي أولاً، وإيجاد مخرج اقتصادي ثانياً للأزمات المتكاثرة، وكما هي العادة لم يوفر الروس الاستفادة إلى الحدود القصوى من هذه الحاجة.
اقتنصت روسيا الفرصة مبكراً لتحقيق مكاسب اقتصادية لا تقل أهميةً عن الثمار السياسية التي تعمل على حصادها، فمعظم الاتفاقيات الاقتصادية والنقدية، نقلها النظام إلى حليفه التاريخي، الذي لعب على وتر الحاجة السورية من جهة وحماية اقتصاده من جهةٍ أخرى.
معظم التعاقدات الاقتصادية والمالية التي رشحت إلى الإعلام مع الجانب الروسي، لم يعلن عن تفاصيل وافية بشأنها، لكن هناك بعض الجوانب يمكن استقراؤها من خلال بعض الوقائع، فعلى سبيل المثال لا الحصر وقعت روسيا عقوداً في بداية العام الحالي لاستيراد المنتجات الزراعية السورية، وفي تناقضٍ واضح علَّقت اتفاقية التجارة مع سوريا، وذلك لحماية تجارتها، ما يعني أن الاتفاقيات تأخذ بعداً سياسياً، وليس بالضرورة أن تكون مطبقة فعلاً على أرض الواقع.
ولم يعد خافياً على أحد أن حماية المصالح السياسية والاقتصادية على رأس أولويات الحليف الروسي، وهنا ينذر معظم الخبراء والمراقبون بخطرٍ سيقع فيه الاقتصاد السوري، بعد أن أصبح بمجمله مباعاً للشريك الروسي.
الخطر الذي حذر منه الخبراء بدا واضحاً من خلال اتفاقية تصدير كامل النفط الخام إلى روسيا مقابل استيراد احتياجات السوق المحلية من المشتقات النفطية، وهنا اعتبر المراقبون أن روسيا بدأت فعلاً بإمساك النظام السوري من اليد التي تؤلمه كما يقال، متوقعين أن تستفيد روسيا من الحصار والعقوبات المفروضة على سوريا وشراء النفط الخام بأقل من سعره العالمي، وبيع المشتقات النفطية بما يزيد عن سعرها العالمي.
أين القرض
وفي الوقت ذاته يلاحظ أن الجانب الروسي لا يغامر بالدخول في اتفاقيات أو تعاقدات فيها هوامش مخاطرة كبيرة، حيث لا يقدِّم إلا ما سيأخذ مقابله مباشرةً، فمبادلة النفط الخام بالمشتقات النفطية، مضمونة بالنسبة للجانب الروسي بما لا يقل عن 90 %، لأنها ستسدد مباشرةً، في حين لم يعط حتى الآن جواباً على القرض الذي طلبته سوريا، والسبب حسب المراقبين أنه غير مطمئن فعلياً لإمكانية سداده، لأنه مرهون بسنواتٍ قادمة حتى لو وافق على تقديم القرض بفوائد مرتفعة نتيجة هوامش المخاطرة، إلا أنها مغامرة غير مضمونة النتائج بالنسبة لروسيا.
بلقيس أبوراشد - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية