أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السياحة صفر.. والأوابد التاريخية لم تسلم من سياسة نحرق البلد

أحدْ أهم الأَسواق في مَدينة حُمص وأقدمها - عدسة شاب حمصي

دخل الاقتصاد السوري في نفقٍ مظلم، بعد أن تحول إلى أداةٍ في يد النظام لخدمة خياره العسكري والأمني، ولأن السياحة هي أبرز القطاعات حساسيةً للأحداث الأمنية، فهي الأخرى تقع في عين العاصفة ما أصابها في مقتلٍ أخرجها من دائرة الاقتصاد.
وانهماك النظام في خوض معركة وجوده الحالية، جعله غير قادر على تحييد تآكل الكثير من المناطق السياحية والأثرية، فكما دمر السوق القديم في حلب، أيضاً أحرق الغابات في الفرنلق، ودمر دور العبادة الأثرية القديمة ككنيسة أم الزنار في حمص، كما لم يوفر القلاع الأثرية كما قلعة حلب والمضيق وغيرهما، وعلاوةً عن خسارتنا لتاريخٍ عمره مئات السنوات، فإن آثار كل ذلك ستحصدها البلاد لعشرات السنين القادمة، ما دفع المختصين إلى إطلاق نواقيس الخطر وإعلان حالة الطوارئ السياحية.

ووفق ما يرى أحد الخبراء فإن ما يحدث يدمر ركناً هاماً من أركان الاقتصاد الوطني، فالصناعة يمكن إعادة بناء منشآتها وعودة نشاطها، والتجارة أيضاً، وكذلك الزراعة، لكن البنية التحتية للقطاع السياحي هي المكان بطبيعته وحضارته، وإذا ضاع ذلك، سنخسر هذا القطاع، لا سيما وأن النظام أساساً لم يعمل في يومٍ من الأيام على تطوير هذه البنية، وتقديم الخدمات اللائقة لإنعاش السياحة، وها هو اليوم يقضي حتى على ما نمتلكه من بنيةٍ تحتيةٍ لهذا القطاع والتي كانت تعتبر في يومٍ من الأيام كنوزاً سياحية، وعلاوةً على ما سيواجهه اقتصاد البلاد في المراحل المقبلة من نفي المخاطر والهواجس التي يمكن أن تتملك السائح وغياب رغبته في القدوم إلى سوريا، بات هناك مسؤولية أكبر، تتمثل بإعادة بناء ما تهدم. 

وعلى خلاف القطاعات الأخرى، فإن الجهات المعنية في سوريا لم تستطع أن ترسم له صورةً وردية وتؤكد على أنه بألف خير، حيث أتى اعترافهم مبكراً ومنذ الشهور الأولى للثورة، بأن نسبة الإشغالات في الفنادق السياحية صفر، ما يعني أن لا سياحاً يدخلون إلى البلاد، إلى جانب تسريح آلاف العمال بشكلٍ تعسفي في هذا القطاع وما لذلك من تأثيرٍ على مستويات البطالة واتساع دائرة الفقر.

و إضافة إلى دورها في جذب القطع الأجنبي للبلاد، تساهم السياحة بنسبة 12 % من الناتج المحلي، وتصل إيراداتها إلى ما يقارب 8 مليار دولار سنوياً حيث يصل متوسط إنفاق السائح خلال الرحلة إلى 900 دولار، لكن كل هذا لم يمنع النظام في سوريا من التضحية بهذا القطاع، لتكون النتيجة النهائية ووفقاً لآخر تصريحٍ لوزيرة السياحة السورية هالة الناصر انخفاض القدوم السياحي من 2.4 مليون سائح في 2010 إلى عدد لا يتجاوز40 ألف سائح أغلبهم من السوريين المقيمين في دول الخليج.

ومنذ بداية الحملات العسكرية أعلنت معظم شركات السياحة الأوروبية والعالمية عن إلغاء رحلاتها إلى سوريا، كما امتنعت شركات التأمين عن تقديم خدماتها السياحية لأي سائحٍ يغامر بالدخول إلى سوريا، أضف إلى ذلك التحذير الأوروبي من دخول سوريا، ورغم أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم، كان أعلن محو أوروبا من الخارطة، إلا أن هذا لا ينفي حقيقة أنها كانت من أهم موردي السياح إلى سوريا ما دفع وزارة السياحة السورية في وقتٍ من الأوقات إلى توجيه 80 % من موازنة خطتها الترويجية إلى السوق الأوروبية.

ورغم محاولات شركات السياحة في بداية الأحداث نشر التطمينات وتقديم التسهيلات المجزية عبر تخفيضاتٍ وحسومات كبيرة، إلا أنهم اليوم لا يخفون تذمرهم من ممارسات النظام التي وصلت إلى حدود إضاعة الحاضر والماضي والمستقبل، فأصحاب المكاتب السياحية يشيرون إلى أن الضرر الكبير الذي تتعرض له السياحة يومياً لم يعد بالإمكان إصلاحه أو الهروب منه، فحركة القدوم السياحي ستستمر بالتراجع لسنواتٍ قادمة حسب ما يشير صاحب أحد المكاتب السياحية، والموضوع ليس مسألة تخفيضات أو حسومات، لأن هناك ما هو أعمق وأخطر يحدث في البلاد. 

ووفقاً للأرقام الرسمية فقد بلغت عائدات القطاع السياحي 387 مليار ليرة سورية (ما يعادل 8 مليار دولار) عام 2010، منه 24%إيرادات وسائل المبيت بجميع أشكالها (فنادق، شقق مفروشة، إقامة أخرى) و17% إنفاق على الطعام و6%إنفاق على النقل و32%تسوق و12% تسلية و9% لأمور أخرى. وبالمقابل، بلغ حجم إنفاق السائح بالرحلة 45478 ليرة سورية.
‏13 نوفمبر‏، الساعة ‏02:52 مساءً‏ · أعجبني

بلقيس أبو راشد - زمان الوصل
(121)    هل أعجبتك المقالة (131)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي