مختصون لـ"زمان الوصل": الليرة نحو انخفاض أكبر والمركزي "مشلول"

قفز سعر صرف الدولار فوق الـ80 ليرة سورية في الأسبوع الأخير مخترقاً حالة الاستقرار التي رافقته على مدى أشهرٍ من تدخل مصرف سوريا المركزي، ما يشير إلى استنزاف كبير لقدرات النظام الاقتصادية، وتراجع قدرته على التحكم بسعر صرف العملة الوطنية التي تسبق عادة انهيارها.

ويرجح خبراء اقتصاديون استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار في الأيام القادمة، فبعد أن استطاع المصرف المركزي السوري السيطرة على السعر، من خلال ضخ كمياتٍ عالية من الدولار في السوق المحلية، تبدو اليوم هذه الأداة غير متاحة كما في المراحل السابقة، ما يعني أن النظام بدأ يستشعر خطر الإفلاس، ويجاهد ليمسك يده على ما تبقى بحوزته من العملة الصعبة خوفاً من يومه الأسود، في ظل تراجع موارده يوماً بعد يوم، مقابل متطلبات تتعاظم مع فشل تحقيق إنجازات على الأرض وتأزم أفق الحلول التي يحاول فرضها بآلته العسكرية.

زيادة الطلب
يكتسب هذا الإرتفاع العديد من المؤشرات والدلائل، فالدولار في السوق يخضع كأي سلعة أخرى لقانون العرض والطلب، فزيادة الطلب على القطع الأجنبي، وما يقابله من عرضٍ كبير لبيع الليرة السورية، تشير فيما تشير إليه لعدم ثقة المواطن بعملته المحلية، ومن جانبٍ آخر عدم قدرة المركزي على ضخ مزيدٍ من العملة، وبالتالي تخليه عن هذه المهمة المكلفة، فالحاجة إلى الدولار والخوف من انهيار العملة يدفع السوق لابتلاع كل ما يتم ضخه في الأسواق من دولارات.

الأموال المستنزفة
ويرى خبير اقتصادي أن عودة الدولار إلى حالة الارتفاع تأتي كنتيجة طبيعية لغياب الحسم الذي أمل النظام أن يكون لصالحه، وهو ما دفعه لبذل الجهود والأموال في الحفاظ على سعر الدولار، أما اليوم يبدو أن هذا الأمل بدأ بالتلاشي، وبالتالي كسر الدولار رقماً قياسياً رسمياً، ففي الوقت الذي وصل فيه السعر إلى 110 ليرة في شهر آذار الماضي كان الرقم الرسمي محافظاً على حدودٍ معينة، حتى وإن كان مجرد رقم إعلامي وغير واقعي، لكن السعر الرسمي والسعر في السوق السوداء اليوم على تقاربٍ كبير، ولهذا دلائل كبيرة، لها علاقة بأفق الحل السياسي، من جهة، كما أن الموضوع يرتبط بحقيقة الاحتياطات النقدية المتوفرة لدى المصرف المركزي من جهةٍ ثانية، والأهم هو حجم الأموال المستنزفة من القطع الأجنبي في ظل استمرار العمليات العسكرية، وغياب شبه تام للموارد الاقتصادية.

ويلفت الخبير إلى حدثٍ آخر شهدته البلاد في الأسابيع القليلة الماضية وهو سيطرة الثوار على العديد من الآبار النفطية، وهو ما لا يمكن للحكومة السورية إعلانه، حيث فقدت السيطرة عن هذه الآبار وبالتالي خسرت عائدات إنتاجها وتصديرها والتي كانت تغطي جزءاً من حاجة النظام للقطع الأجنبي.

استبدال العملة 
في حين أرجعت بعض المصادر السبب في ارتفاع الدولار وزيادة الطلب عليه إلى استبدال المواطنين لعملتهم بدواعي السفر، ووفق بعض الأرقام فإن الفترة الأخيرة شهدت منح 7000 جواز سفر في دمشق لوحدها، ما يعني أن حركة خروج المواطن من بلاده ترتفع يوماً بعد يوم.

وأياً تكن أسباب الارتفاع تبقى النتيجة الحتمية هي تدهور واقع القطع الأجنبي، واستمرار هروب المواطن من عملته، ما يعني إمكانية بدء النظام في تنفيذ خطةٍ بطرح سندات خزينة بالدولار تمولها مصارف وشركات محلية أو دول صديقة، حيث تم التمهيد لهذه الخطوة مؤخراً عبر إشارة بعض وسائل الإعلام الموالية للنظام إلى منافع حصول سورية على 5 مليارات دولار من خلال سندات خزينة من الهند أو روسيا أو الصين، حيث أكدت تلك المصادر أن هذا سيساعد في المحافظة على استقرار سعر الصرف الأجنبي لمدة سنتين قادمتين، مشيرةً إلى إمكانية تعويضها فيما بعد من عوائد النفط وصادرات القطاع الخاص التي كانت تشكل نحو 17% من إجمالي الصادرات إضافةً إلى السياحة.

ولكن يرد خبير اقتصادي مفترضاً جدلاً أن النظام استطاع الحصول على تلك النقود، فإن للأمر مخاطره على الاقتصاد الوطني فيما بعد، فرغم انخفاض مديونية سوريا الخارجية إلا أن استحقاق دفع هذه السندات مع فوائدها سواء كانت قصيرة أو بعيدة الأجل، سيكون كارثياً على اقتصادٍ يحاول الوقوف بعد كل الخراب الذي أحدثته الآلة العسكرية والشلل شبه الكامل للحركة الاقتصادية.

بلقيس أبوراشد - دمشق - زمان الوصل
(117)    هل أعجبتك المقالة (111)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي