أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

معبد الشمس الكبير.. أول مكان تشرق عليه الشمس في حمص

يعتبر معبد الشمس الكبير من اهم ما اشتهرت به حمص خلال فترات العبادة الوثنية وابعدها اثرا فى الحياة السياسية للمنطقة وللامبراطورية الرومانية فى الفترة التى سبقت انتشار المسيحية مباشرة.
ويستمد المعبد اهميته من احتوائه للحجر الاسود الذى تجسد فيه اله الشمس وقد دعاه اهالى حمص ايلاغابال وفق اللفظ الاوروبى ويغلب الظن انه امتداد للاله الارامى ايل جبال.
وكانت عبادة الشمس منتشرة لدى كل الاقوام العربية القديمة ويمثلها الاله بعل وهو اله يحمل كل صفات القوة والجبروت وتمتد خصائصه لكل الظواهر الجوية كالمطر وغيره.
وكان تعدد الالهة اساس الديانة الوثنية وكثيرا ما كانت تتوزع هذه الالهة على مجموعات يغلب ان تكون ثلاثية اما انفراد احد الالهة بالتعبد له فكان نادرا جدا.
لم يتم التاكد بشكل قاطع من مكان المعبد القديم لعدم وجود اى نص او اثر يشير بشكل واضح الى مكانه الا ان الاعتقاد توجه اولا نحو جامع النورى الكبير المعروف بانه اقيم فوق كنيسة قديمة .
وبما ان المعابد الوثنية فى الامبراطورية الرومانية تحولت الى كنائس بعد اعتماد المسيحية كدين للدولة فقد ترسخ هذا الاعتقاد ثم ظهر راى اخر يقول بان مكان المعبد الاكبر كان فى تل حمص القلعة واعتمد هذا الراى على اشارة الرحالة الانكليزى بورتر حيث يقول وفى قمة القلعة عدة قطع من حجر سماقى صلب هى بلا ريب بقايا الهيكل الضخم الذى كان يشغل هذا الموقع فى وقت ما.
ويدعم هذا الراى القيام ببعض الحفريات بقلعة حمص ووجود مستطيل منقوش عليه بالخط اليونانى القديم تقدمه مايدواس بن غولا سيس الى هذا المذبح اله الشمس ايلو غابال مشكورا فكان كشف حجر المذبح فى التل مرجحا كبيرا للراى الجديد وذلك لعدة اعتبارات ومنها انه كان من طقوس العبادة لالهة الشمس العربية القديمة ان تتم عند الشروق فتوجه التحية للاله عند ظهوره ونظرا لارتفاع التل فهو اول مكان تشرق عليه الشمس فى حمص بالاضافة الى ان اله الشمس كان يدعى فى حمص ايلاغابال والذى يمكن ترجمته اله الجبل ولعدم وجود جبل فى حمص فهو لتفخيم التل.
وقد واجه هذا الراى اعتراضات اهمها اذا تم التسليم بان المعبد كان فعلا فى التل بدليل اعمدته المتواجدة هناك فمن اين جاء العمود الاحمر السماقى الذى ينتصب الان فى صحن الجامع الكبير قرب مكان اكتشافه وهل كان التل يتسع لهذا المعبد الهائل.
ويعتبر اخرون ان كلا الرأيين صحيحان اذ ان الشمس تنتقل بين حالتى الانقلاب الشتوى والصيفى ويجب ان ينتقل الاله الممثل لها على الارض اى الحجر الاسود وبذلك يكون له معبدان فتارة فى مكان الجامع النورى الكبير حاليا وتارة اخرى فى قلعة حمص ولكن لم ينته احد الى حقيقة انهما يجب ان يكونا معبدين.
واعتاد العرب القدماء على عبادة الحجارة النيزكية وارتبطت عبادتها باله الشمس فهو اله السماء ومرسل هذه الحجارة التى قدست وعبدت. وقد انتشرت عبادة هذه الحجارة فى اماكن كثيرة من اسيا الصغرى وشرق اوروبا وشمال افريقيا فكان حجر حمص جزءا من ديانة شملت معظم العالم ويقول المؤرخون فى وصف الحجر الاسود انه حجر هبط من السماء كالصاعقة ليس له شكل ولم يجروء اى انسان على اضفاء صورة ما على سطحه الاملس الذى تشوبه بعض الخطوط ونقشت صورة الحجر على نقود كل افراد اسرة الاباطرة الحمصيين فصور احيانا على شكل بيضة وقد التف حوله ثعبان وهو منتصب فى ساحة المعبد.
وكانت الاحتفالات تبلغ ذروتها يوم انتقال الحجر المؤله من مقر الى اخر فى الربيع والخريف حيث يتدافع الناس للتمكن من مشاهدة كاهن الشمس الاكبر عندما ينزل من عربته ويتقدم ليرتقى درج المعبد محاطا بمعاونيه من الكهنة فتظهر عذارى المعبد لاستقباله ويدخلون جميعا ليعودوا بالحجر الاسود ويتقدم الموكب الكاهن الاكبر وعندما يصل الى الساحة الكبيرة امام المعبد يوضع الحجر على عربة مذهبة تجرها ستة احصنة ويتحرك الجميع عبر شوارع حمص حتى المقر الجديد للاله حيث يتم انزاله بالطقوس المعهودة.

وبعد تقلد باسيان وهو حفيد جوليا ميسا اخت جوليا دومنة منصب الكاهن الاكبر لمعبد الشمس تقود جوليا ميسا معركة عسكرية ضد المنافسين حتى تتمكن من الوصول الى روما فيتربع حفيدها باسيان امبراطورا باسم ايلاغابال وينتقل معه الحجر الاسود ليمارس نفس
الطقوس الدينية ولم يحاول ان يوفق بين الهه والالهة الرومانية بل اخذ ينشر وبشكل منهجى برنامجا دينيا لاحتواء كل العبادات الاخرى وهذا النهج الدينى هو ما قتل الامبراطور ويتوج الكسيان ابن خالته امبراطورا وتكون اولى اعماله ترحيل الحجر الاسود الى حمص ولم يحاول فرض عبادة الشمس من جديد.
وقد عاد الحجر من روما الى مكانه فى حمص واستمرت عبادته حيث وجدت قطعة ذهبية اصدرها الامبراطور اورانيوس انطونيوس فى عام 254 ميلادى عليها صورة حجر حمص بثيابه وحليه على عربة ثم تنتقل الينا الاخبار ان الامبراطور اورليان نذر اقامة معبد لاله الشمس فى حال انتصاره على زنوبيا ملكة تدمر ثم انه قدم اضاحيه لهذا الاله بعد انتصاره وبالطبع فقد كان هذا استمالة لقلوب سكان حمص لمساعدته ضد زنوبيا ولكنه يدل على محافظة عبادة الشمس على اهميتها فى حمص والتى استمرت حتى انتشار المسيحية اما الحجر الاسود فتسكت كل المصادر عن الاشارة الى ما حل به.

سانا
(233)    هل أعجبتك المقالة (327)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي