م يبقَ أمام أم زينة بعد أن فشلت كل محاولاتها في تأمين الحليب لابنتها سوى تركها في إحدى فروع منظمة الهلال الأحمر التي عجزت هي الأخرى عن سد رمق هذه الطفلة ذات الأشهر الستة، إلا أن كلمات الأم الممزوجة بالحسرة على طفلتها أحرجت متطوع الهلال وجعلته يعمل على مساعدتها لكن بمجهوده الفردي، وعلاقاته مع المانحين المحليين، فأمّن ما استطاع تلبية لحاجة الأم وابنتها.
ولعل قصة أم زنية ومعاناتها مع تأمين احتياجات ابنتها الأساسية لم تكن المعاناة الوحيدة،إنما هي مشكلة عامة لدى النازحيين إلى مدينة دمشق وأريافها الآمنة، بعد أن اتضح أن الهلال الأحمر يعاني اليوم من صعوبة في تأمين بعض متطلبات النازحيين الأساسية وخاصة الأطفال منهم.
ولم يكن حال رنا بأفضل من أم زينة عندما لم تستطع أيضاً تأمين الحليب لابنها البالغ من العمر سنتين،"نعيش مع أبنائهم من قلة الموت" تقول رنا مشيرة إلى أنهم يحصلون على مساعدات الهلال الأحمر التي تقتصرعلى مواد أولية (رز وبرغل وعدس وطحين) كل شهرين أو ثلاثة"حسب الضغط"،في حين أنه لا يقدم لهم أي شيء يخص الأطفال كرعاية صحية أو حتى دواء.
أم عمار تنتقد بيرقراطية الهلال الأحمر عند توزيع المعونات قائلة:"لجأت إلى أحد فروع المنظمة، فطلبوا مني سند إقامة للحصول على حصص من مواد غذائية"، وتساءلت كيف سأحصل على سند إقامة و أنا نازحة في الأساس؟، لتشير بأن حتى سند الإقامة يكلف حوالي 300 ل.س، وهو مبلغ كبير بالنسبة لوضعهم حيث هربوا من القصف بأوراقهم الثيوتية فقط. ولم تخفِ أم عمار مخاوفها ونحن على أبواب فصل الشتاء في حال لم تستطع تأمين مساعدات من الهلال أو غيره من الجهات المانحة.
مشكلتا الهلال
متطوع في الهلال الأحمر(فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية) لم ينكر في حديث مع (زمان الوصل) معاناة المنظمة من بعض المشاكل أبرزها تأمين احتياجات النازحين الذين يزداد عددهم يوماً بعد يوم ، ولفت بداية بأن هناك العديد من الجهات المانحة للهلال الأحمر السوري حيث تقدم مساعدات بحسب اختصاصها، منها اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي وبرنامج الإنماء السكاني، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وغيرها من الجهات المانحة الأخرى، هذا بالإضافة إلى أن الهلال يعتمد أيضاً على المانحين المحليين الذين يلعبون دوراً هاماً في بعض المناطق في سورية حسب تعبيره.
و كشف المتطوع أن مشكلتين أساسيتين يعانيهما الهلال،الأولى ازدياد أعداد العائلات النازحة ما يجعل كم الحصص غير كافٍ لتلك العائلات، بالإضافة إلى وجود عجز ونقص فيما تقدمه الجهات المانحة، موضحاً أن برنامج الغذاء العالمي يقدم نحو 250 ألف حصة في سورية، الرقم الذي يعد ضئيلاً مقارنة بحجم النزوح المتزايد.
و لفت المتطوع إلى أن المشكلة الثانية هي نقص في المعلومة والتي تعتبر غير متاحة في كثير من الأحيان حيث لاتوجد إحصائيات حقيقية لأعداد المتضررين، وسببه ليس ضعف إمكانيات الهلال،إنما عدم قدرة متطوعيه من الوصول إلى الأماكن المتضررة بسبب الوضع الأمني المعقد في تلك المناطق.
حليب ومازوت
وأوضح المتطوع بأنهم يتعاملون مع الإحتياجات الأساسية للنازحين من إيواء ومواد غذائية فقط،بينما الأمور الأخرى كالرعاية الصحية فهي في الدرجة ثانية بالرغم من أهميتها، أما بالنسبة لحليب الأطفال فأكد المتطوع أن هذه المادة لاتوزع مع الحصص بشكل دوري حيث إن الجهات المانحة ومن ضمنها اليونيسف لا تقدم هذه المادة الأساسية، لذلك يعتمدون في تأمينه على المانحين الملحيين فقط،وهذا مايبررعدم توزيعه بشكل دوري أو في مناطق دون أخرى، مبيناً أنه حتى تأمين الإيواء واللباس في كثير من الأحيان فيعتمدون فيه على المتبرعين المحليين، وهنا ذكر أن أحد المتبرعين قدم العام الماضي 100 ألف ليتر من المازوت للنازحين بتكلفة وصلت إلى 5 مليون ل.س.
وبين المتطوع أن ما يوزعونه اليوم هو عبارة عن مواد غذائية وفرش وبطانيات، إلا أنه لم يخفِ أيضاً أن ما يتوفر لديهم من فرش وبطانيات لايغطي سوى 10% فقط من الحاجة الحقيقية بسبب غلاء هذه المادة وصعوبة تخزينها وتوزيعها.
هلال في مرمى الرصاص
و كشف عن ازدواجية رجال النظام في التعاطي معهم كمتطوعين،ففي حين "نسمع تصريحات عن وجود تعاون كامل مع المنظمة"، نرى على الأرض واقعاً معاكساً حيث لايوجد حماية للمتطوعين في المناطق المتوترة، حتى إنهم يتعرضون إلى الاعتقال والتوقيف على الحواجز بالإضافة إلى إطلاق النار،فهناك حوالي 8 شهداء للهلال الأحمر خلال عملهم على إيصال المساعدات للنازحين.
وأشار مصدر آخر من الهلال الأحمر أن عدد المتضررين اليوم في ريف دمشق يبلغ حوالي 60 ألف عائلة إلا أن من يستفيد من مساعدات الهلال يبلغون حوالي 40 ألف عائلة فقط،و لفت إلى أن الأرقام تشير إلى وجود 13 ألف عائلة نازحة في النبك و7 آلاف في جرمانا في حين هناك 11 ألف عائلة نازحة في الكسوة.
نيرمين الخوري - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية