إثر المعاناة التي شهدها الاقتصاد السوري وجعلته يدنو من شفير الانهيار، خلال العام المنصرم، جراء تضخم العجز في الميزان التجاري، وتقلص احتياطي النفط، وتراجع احتياطي العملات الصعبة، طلب الرئيس بشار الأسد من اقتصاديين ورجال أعمال مقربين منه، إعداد تقرير يدرس الوضع الاقتصادي، وأسباب تدهوره، وكيفية التعامل معه لتفادي الأزمة الخانقة والانهيار.
وعلمت "السياسة" أن من بين رجال الأعمال الذين شاركوا في صياغة التقرير، نبيل كزبري، وسامر الدبس، ومازن الطباع، وغسان مهنا، الذين تربطهم علاقات شخصية حميمة مع الأسد. ولم يطلب الرئيس السوري من وزارة الاقتصاد أو من جهات حكومية أخرى، إعداد هذا التقرير، لأنه يدرك انه لن يتلقى تقريراً يصور واقع الاقتصاد على حقيقته، وأن التوجيهات التي سيتضمنها، ستكون متأثرة إلى حد كبير، بالمصالح الشخصية للمسؤولين الذين سيعدون التقرير، خصوصاً وأن عدداً منهم يتحمل المسؤولية عن الوضع الاقتصادي المتردي.
كما علمت "السياسة"، أن التقرير الذي اعتمد على معطيات اقتصادية من الوزارات والمؤسسات الحكومية السورية، فضلاً عن معطيات البنك العالمي، واستمر إعداده ما يزيد عن الشهر والنصف، أفضى إلى تصور مستقبل بائس جداً للاقتصاد السوري، حيث توقع استمرار تراجع معيشة المواطن، ودخول الاقتصاد في أزمة خانقة في المستقبل القريب.
وتوصل إلى نتيجة حاسمة، مفادها أنه إذا لم تقم الحكومة السورية، باتخاذ إجراءات جذرية وبعيدة المدى، كتطوير قطاع الإنتاج، والقضاء على الفساد والروتين، وتخفيض مستوى التضخم والعاطلين عن العمل، فإن الاقتصاد سينهار خلال ثلاث سنوات على أبعد تقدير، خصوصاً إذا لم تستطع الدولة استقطاب استثمارات أو مساعدات خارجية كبيرة، أو استنباط مجال دخل آخر، يعوض عن تراجع كميات النفط، التي تدر حالياً ما يزيد عن 30 في المائة من الدخل القومي، والتي من المتوقع أن تتراجع إلى مستوى يحول سورية إلى دولة مستوردة للنفط بحلول العام 2011.
وأضاف التقرير أن تراجع احتياطي العملات الصعبة، سيفرض على دمشق إما تقليص المشتريات العسكرية، أو تضييق الخناق بشكل أكبر على المواطن، مشيراً إلى أن الدعم الإيراني ليس بإمكانه إخراج سورية من الأزمة، خصوصاً وأن طهران تعاني من مشكلات اقتصادية متفاقمة، نتيجة تضييق الخناق عليها، من خلال العقوبات الاقتصادية.
وتلخصت التوصيات، التي خلص إليها التقرير، والتي رفضها الأسد، في أن المخرج الوحيد للخروج من الأزمة الاقتصادية، يكمن في تحسين العلاقات بين سورية والعالم العربي، وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وكذلك مع الدول الغربية بهدف جذب الاستثمارات الخارجية.
وقد قام الرئيس السوري بعد التباحث مع نائبه فاروق الشرع، بإبلاغ معدي التقرير أنه "ليس على استعداد لتبني توصياتهم، وأن الشعب السوري على استعداد لتحمل شظف العيش من الجوع والعطش، بل وحتى الموت، طالما أن القيادة السورية ملتزمة بمواقفها المتصلبة".
كما طلب الأسد، عدم نشر أي معلومات عن التقرير وتوصياته، رغم أن النتائج التي استخلصها، يمكن لأي محلل اقتصادي أن يصل اليها.
الاقتصاد السوري مقبل على الانهيار.. والأسد يقول: شعبنا جاهز للجوع والعطش
السياسة الكويتية
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية