أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"سرطان الحواجز" يأكل العاصمة ويقتل الحياة ببطء

دمشق - عدسة شاب دمشقي

"احتاج فيليكس ليخترق الغلاف الجوي إلى دقائق.. في وقت يحتاج المواطن السوري اليوم إلى أكثر من ساعة لقطع حاجز أمني واحد في مدينة دمشق"، نكتة بدأ يتناقلها السوريون مؤخراً تعبر عن معاناة حقيقية يعيشونها منذ أن بدأ النظام توزيع حواجزه على مداخل المدينة وأريافها، لتتحول تلك الحواجز إلى سمة من سمات العاصمة وريفها، فالشارع الواحد يحتوي اليوم على حاجزين أو أكثر في بعض الحالات، بحجة نشر الأمان والقبض على الإرهابيين الفارين.

التأفف والتذمر من ظاهرة هذه الحواجز التي انتشرت حتى في الأحياء الصغيرة منها باتت حالة عامة كما يشير – أحمد- وهو شاب جامعي يقطن في ريف دمشق، ليبين أن الخروج من المنزل بات عبارة عن معاناة حقيقية تزداد يومياً بسبب الاختناقات المرورية التي تسببها تلك الحواجز.

ولفت إلى أن الوصول إلى جامعته الواقعة في منطقة المزة أوتستراد، والتي كانت تحتاج إلى حوالي النصف ساعة إذا استقل طريق المتحلق الجنوبي باتت تستغرق اليوم حوالي الساعة ونصف، على اعتبار أن كل الطرق المؤدية إلى المزة من المتحلق أغلقها النظام، ليبقى هنالك طريقان أحدهما مفرق كفرسوسة ـ الذي يكلف عبور حاجزه الأمني حوالي الساعة، بينما الطريق الآخر والذي يستقله أحمد هو مفرق الفرن الآلي الذي يقع آخر المتحلق، فيحتاج عبور حاجزه الأمني أكثر من نصف ساعة، ولكن وفي كل الأحوال بات الذهاب إلى الجامعة مصدراًللإرهاق النفسي والجسدي له.

إرهابي أو مندس..
في حين أشار خالد أن أسباب الازدحام أمام تلك الحواجز تعمدها غير المبرر إغلاق بعض المنافذ الرئيسية في المدينة، بالإضافة إلى قيامها بتضييق الشوارع بأكياس رملية، أو حواجز اسمنتية لحصر مرور السيارات في مسار بالكاد تمر فيها سيارة واحدة أو سيارتان فقط، في حين يتسع الشارع نفسه إلى ثلاث أو أربع سيارات.

ذلك فضلاً أن المواطن بات مجبراً على الخضوع لمزاجية عناصر الأمن أو الجيش المتواجدين في كل حاجز، وهنا يشرح خالد بأن بعضهم يفتح أحاديث مع السائقين وخاصة الجنس اللطيف،غير آبه بكم السيارات التي تنتظر، في حين أن بعضهم الآخر يشبع شهوة السيطرة لديه فيتعالى بحديثه مع الناس، هذا عدا أصحاب النفسيات المريضة من عناصر الأمن المتواجدة بشكل خاص في الأرياف، فيبدأ العنصر بطرح الأسئلة بمجرد أن يقرأ على هوية المواطن بأنه من درعا أو حمص أو حماة حيث يتحول السائق في نظر أمن الحاجز إلى إرهابي أو مندس في أحسن الأحوال.

معاناة النساء والحواجز
"لا يظن أحد ان معاناة النساء أقل من الرجال" تقول سناء فتروي قصص الفتيات في مكابدتهن مع الحواجز و لا تكشف سراً عندما تتحدث عن "مبادرات الظرافة وخفة الدم " التي يحاول بعض عناصر الحواجز التظاهر بها بمجرد رؤية فتاة تقود السيارة، حيث ينهالون عليها بعبارات الغزل والإطراء، أو الدعاء لها لإيجاد ابن الحلال، متناسين حتى تفتيش السيارة، حيث "تضطر الفتاة في مثل هذه الحالات إلى رسم ابتسامة مصطنعة علهم يتركوها تمر بسلام".
أتاوات..

ولعل المشكلة الكبرى هي تلك التي يعاني منها أصحاب الشاحنات الصغيرة والتي ينقل سائقوها البضائع من مواد غذائية وغير غذائية بين الريف والمدينة، ويبين أبو عدنان وهو سائق شاحنة صغيرة ينقل بها الخضار والفواكه إلى بعض محال البقالة إلى أنهم يعانون أثناء مرورهم عند بعض الحواجز الأمنية من قيام عناصر الأمن، بأخذ بعض الكيلوات من بضائعهم دون أن يستطيعوا منعهم أو مجادلتهم، وهو أمر يحرجهم -حسب أبو عدنان- مع أصحاب المحال، ويكبدهم خسائر هم بغنى عنها في هذه الظروف.

أعناق رجال الحواجز
"سلامتكم أمانة في أعناقنا".. هي عبارة منتشرة عند بعض الحواجز إلا أنها على مايبدو لم تخفف حدة نفور المواطنين منها، وهنا يبين سمير أنه منذ تزايد أعداد هذه الحواجز ازدادت معها التفجيرات في المدينة، حتى إن وجودهم لم يمنع حدوثها، وتابع إنه يقف في بعض الأحيان نصف ساعة بانتظار دوره على إحدى الحواجز، لينظر إليه عنصر الأمن بعد كل هذا الانتظار، ويأمره بإشارة من يده بمتابعة مسيره دون أن يكلف نفسه تفتيش السيارة أو حتى النظر إلى الهوية في أدنى مستوى.

وهو ما يؤكده مواطن آخر ويقول :"إنّ وجود هذه الحواجز لاتشكل حماية للمواطنين فهي عبارة عن مسبب للاختناقات المرورية فقط، ويدلل على كلامه بأن تلك الحواجز لا تقوم بأي فعل احتياطي لمنع التفجيرات، فأقصى ما يقومون به هو فتح صندوق السيارة، أو النظر إلى هوية السائق، حيث لايمكلون على سبيل المثال أجهزة لكشف المتفجرات.

قطع فجائي..
أكثر ما يزعج جمال، قطع الطرقات بطرق عشوائية أو فجائية، فيشكو تضرر عمله -وهو متعهد بناء- خلال الآونة الأخيرة لأنه يتطلب حركة دائمة بين المناطق، في وقت تعاني مدينة دمشق من قطع لطرقات رئيسية دون مبرر واضح لهذا القطع، مبيناً أنه فوجئ منذ أيام بأن شارع بغداد، أهم الطرق الرئيسية في المدينة قد تم إغلاقه، الأمر الذي أدى إلى توقف كامل لحركة السير، وهنا اضطر جمال لأخذ طريق فرعي، أدى إلى النتيجة نفسها فيما لو بقي الشارع الرئيسي مفتوحاً، إلا أنه استغرق وقتاً أطول للوصول إلى وجهته، حيث لم تستفد الحواجز -حسب جمال- شيئاً من هذا القطع سوى عرقلة في السير وترهيب المواطنين.

إضراب ينفذه النظام
و أوضح أحد الناشطين رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية أن تلك الحواجز وضعها النظام ومنذ بداية الثورة لتقطيع أوصال المدينة من جهة، ولفصل الأرياف عن دمشق من جهة أخرى، إلا أن هذا التقطيع يؤدي بشكل أو بآخر إلى انهيار اقتصادي بطيء على اعتبار أن التجول بين الريف والمدينة لنقل البضائع بات مهمة صعبة، حيث يرفض سائقو معظم الشاحنات اليوم الخروج من مناطقهم لنقل البضائع، والوقوف على الحواجز مدة لا يستطيع أحد التكهن بطولها، في وقت يحصر المواطنون حركتهم أيضاً ضمن مكان إقامتهم بعد أن شلّتها تلك الحواجز، ويتابع الناشط أنه حتى أصحاب المهن الحرة باتوا يفضلون البقاء في منازلهم على الخروج للعمل في ظل هذا الازدحام ، وخلص الناشط إلى أن ذلك سيؤدي إلى إضراب لكن ينفذه النظام هذه المرة بصورة غير مباشرة.

نيرمين الخوري - دمشق - زمان الوصل
(80)    هل أعجبتك المقالة (77)

2012-11-04

الله اكبر.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي