أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

اعتقل عام 1988 ولم يحاكم حتى اليوم... "المحمود" من أسر الإحتلال إلى سجون النظام

المحمود - زمان الوصل

"إلى سوريا.. يا ابنة الصبح المضرج بالأنين.. نامي على الأحلام مشرعة الجبين.. وبحلم قد يكون .. أرضك البكر تنادي للنجيع... أرضعيني يا دماء الطهر.. مازال في أحشائي ينتفض الجنين.. مثلما الأغصان تنبض بالحياة.. فالصبح آت.. والنسغ قد خبأته معتقاً معتقاً.. لم تدنسه الطغاة".

هي صرخات ألم حطمت الأصفاد واخترقت قضبان الظلم ، تستحضرها حال سوريا الوطن و هي تعيش آلام مخاض مولود جديد اسمه (حرية)أطلقها شاعر كان أسمى أحلامه الحصول على ورقة و قلم ليرسم ملامح مستقبل لبلاد حطمها الفساد والإفساد ,و من فصوله قصة صاحب الكلمات التي بدأت بأسر الاحتلال و لم تنتهِ بظلم ذوي القربى من فظاعات الاعتقال رفض النظام السوري طلب الاسترحام الذي تقدم به المسجونون المنسيون، منذ ما يزيد عن العام -قبيل نقلهم من سجن صيدنايا- وكان "الإعدام" هو الرحمة التي طالب بها المعتقلون المنسيون، ومن بين الذين طالبوا بحق الإعدام، كان المعتقل أحمد حمدو المحمود، المعتقل منذ عام 1988، من دون محاكمة إلى اليوم.

هكذا يكرمون الأبطال!
بدأت قصة أحمد المحمود، كما رواها لزميله المعتقل السابق (د.س) لـ"زمان الوصل"، عندما كان يقضي الخدمة الإلزامية في لبنان، فاعتقلته إحدى ميلشيات جيش لبنان الجنوبي المتعامل مع إسرائيل، وبدؤوا بالتحقيق معه، ولما لم يُدل بالمعلومات التي أرادوا الحصول عليها، أخلوا سبيله كونه رقيباً مجنداً، ولا يمتلك رتبة رفيعة ليعلم أمور مهمة عن القوات السورية الموجودة في لبنان حينها.
عاد إلى القطعة العسكرية بعدما إخلاء سبيله وأخبر العميد رئيس قطعته العسكرية بما حدث معه.. فأثنى عليه العميد قائلاً:"أنت بطل وتستحق التكريم، لأنك صبرت على السجن في معتقلات العدو الإسرائيلي، ولكن طلبتك المخابرات، لتجري معك تحقيقات روتينية".

وعلى هذا الأساس ذهب إلى مقر الاستخبارات السورية في لبنان سابقاً في عنجر، وهناك حققوا معه، و هو بدوره أخبرهم بتفاصيل ما أرادوا معرفتها، وكانوا -حسب قوله- يعاملونه بشكلٍ جيد، حيث لم يتعرض للضرب أو التعذيب، و لكن ذلك لم يمنعهم من تحويله إلى فرع الأمن العسكري ومنه إلى عدة أفرع أمنية، ليجد نفسه في سجن تدمر.

البطل يُعذب في سجن تدمر
يصف (د.س)سجن تدمر بأنه أقسى مكان ممكن أن يدخله إنسان ، إذ لن تمر ساعة دون أن يُعذب فيها المعتقلون، ولكن على الرغم من ذلك، فإن "سجناء تدمر هم الأكثر صفاءً وبراءةً، لأنهم تمسكوا بإنسانيتهم، رغم محاولة النظام انتزاعها منهم".

وتبدأ رحلة العذاب في سجن تدمر، منذ أن تطأ قدم المعتقل أرضه، وهذا ما حدث مع المحمود، الذي لم يتوقع هذا المصير بعد أن مدحه العميد وبجله وفق ما أخبر (د.س)، و لكن كانت المفاجأة عندما استقبله السجانون في تدمر، بضربٍ وتعذيبٍ كاد يودي بحياته، حتى أنه لم يُشفَ من الكسور والجراح إلا بعد عدة أشهر..فلم يكن مستغرباً أن يصف المحمود سجن تدمربأنه المكان الذي لا يتمنى فيه المرء سوى الموت.

ولشهر رمضان قصص في سجن تدمر العسكري،تبدأ بسحور قوامه قطعة خبز وشربة ماء تحت البطانية، و لا ينتهي بفطور مثيل للسحور على وقع صفعات الجلادين الذين يضاعفون "أجر الصائمين" بالتعذيب اليومي.

يستطرد (د.س)معرّجاً على سجناء (البلدية)اللقب الذي يُطلق على المعتقلين غير السياسيين في الغالب، من أصحاب السوابق الجنائية أو الفارين من الخدمة الإلزامية ، وغيرهم ممن يُكلّفون بمهام تنظيف مهاجع العساكر والباحات ونقل الطعام إلى مهاجع السجناء الأمنيين وتعذيبهم بأمرٍ من السجانين.

سجناء (البلدية)مفصولو الإقامة عن السجناء السياسيين، و لأنهم غالباً ما يصبون حقدهم على المساجين، "فإن تعذيبهم أقسى من رجال الأمن بكثير"، وهذا ما حدث مع محمود حسب رواية زميله (د-س)الذي استرجع مشهد "مراسم استقبال"المحمود لحظة دخوله السجن سيء الصيت، عندما تلقى رجال البلدية امراً بـ "شحط"المعتقلين إلى المهجع بعد تعذيبهم نظراً لعدم قدرتهم على المشي، وغالباً ما يستكمل زملاء(البلدية )تعذيبهم، إلا أنهم عندما "شحطوا" أحمد المحمود "اكتفوا بالبصاق عليه، لأنه كان على وشك الموت".

سجن صيدنايا جنة !
قضى المحمود فترة اعتقاله في تدمر مع مساجين متهمين بالإنتماء لجماعة الأخوان المسلمين، و هؤلاء حفظوّه القرآن الكريم مشافهةً، سنوات العذاب والظلم في تدمر لم تنتزع منه مشاعره و إحساسه "على العكس صقلتها"، و بدأ يكتب الشعر و يحفظه في ذهنه ، لأنه لم يكن يمتلك ورقة وقلماً، و عن طريق الحفظ ألّف المحمود ديوانين في سجن تدمر، تناول فيهما مواضيع الحرمان والألم والشوق، وكان يحجز للأمل مركباً دائماً في كل أشعاره.
عندما انتقل المحمود إلى سجن صيدنايا، اعتبر نفسه دخل إلى الجنة، فعلى الأقل -كما كان يقول لـصديقه "د.س"- صار يستطيع السهر في الليل، أما الهدية التي حمد الله عليها، كانت القلم والورقة اللذين دفع مبالغ طائلة للحصول عليهما.. يقول المحمود: إن عيدي الحقيقي كان في لحظة حصولي على الورقة والقلم..

وعلى الرغم من أنه يُفترض بإدارة سجن، إعطاء المساجين قلماً و ورقة بالمجان، إلا أنها تبيع لكل مهجع قلماً واحداً و عشرة ورقات فقط، يُجبر السجناء على تسليمها نهاية الشهر،شرط استخدامها لتقديم طلبات إلى إدارة السجن، وليس لتدوين المعلومات،إلا أن فساد السجانين، مكّن المعتقلين من الحصول على الورقة والقلم بعد رشوة المساعدين.

"كنت أشعر أنني أحمل على كاهلي، أطناناً من المعلومات الثقيلة، وفجأة صار بإمكاني تفريغها على الأوراق"هكذا يصف المحمود حاله عندما بدأ تدوين أشعاره، الامرالذي دفعه إلى سهر الليل لكتابة كل ما داوم على حفظه واسترجاعه خوفاً من النسيان.

المحمود الذي يعتبرأوراق أشعاره بأنها أطفاله، لم يكن يخفي خوفه عليها أكثر من نفسه، و يتحمل مشاق تخبئتها من حملات التفتيش التي تجريها إدارة السجن بشكل دوري.

ويذكر "د.س" أن المحمود اعتاد على تنظيم دورات تعليم اللغة العربية، لكافة المساجين الراغبين بذلك، وهو يحب الرسم بالألوان الزيتية بالإضافة إلى التشكيل بواسطة بزر التمر، وألّف في سجن صيدنايا ثلاثة دواوين. 

بعد 17 عاماً رأى والدته، ولكن!
عندما كان المحمود يحكي لـ (د.س) ما حدث أثناء زيارة والدته الأولى له، كانت الدموع تنفر من عينيه، مصرةً على فضح ألمه، فبعد 17 عام من الغياب، سُمح أخيراً في 2005 بالزيارة للمعتقلين السياسيين، ولكن بينما كان جميع المعتقلين يلقون زوارهم، لم يجد المحمود أحداً بانتظاره.. فسأل المساعد (وين زيارتي؟) وعندها تعرفت عليه والدته من نبرة صوته، أما هو فلم يتعرف عليها إلا عندما صرخت باسمه.

كان المحمود في استقبال دفعة "د.س" من المعتقلين، في سجن صيدنايا عام2007 بعد أن حُكموا، والاستقبال كما يقول "د.س": أحد بروتوكولات السجن، حيث يستقبل المعتقلون القدامى المحكومين الجدد..

و يتذكر "د.س" أنه أثناء الاستقبال عرّف المحمود عن نفسه بلقب أبي أسامة..وعندما استفسر المعتقلون عن هذا اللقب الذي حصل عليه المحمود رغم أنه لم يكن متزوجاً، أخبرهم بالسر قائلاً:" أثناء طفولتي، كنت أهوى تجميع أعداد مجلة أسامة، ولذلك اكتسبت من وقتها لقب "أبو أسامة".

أما أول ما لاحظه "د.س"على المحمود، فهي صفات الصلابة والقسوة ، إلا أن الحديث معه لدقائق كفيلٌ بإسقاط صلابته التي أكسبته إياها سنوات السجن، وإظهار الطفل المختبئ في داخله ، فهو على سبيل المثال يهوى متابعة برامج الأطفال وخاصة برنامج عدنان ولينا، فقبيل أحداث صيدنايا 2008، كان بإمكان المعتقلين شراء راديو وتلفزيون، من إدارة السجن، التي تبيعهم هذه الأجهزة بأضعاف مضاعفة عن سعرها الحقيقي، وكان المحمود يمتلك راديو وتلفزيون، وهو أيضاً من معجبي الممثلة الأميركية جوليا روبيرتس، إلا أن إدارة السجن صادرت جميع الأجهزة، بعد الأحداث دون أن تعيد ثمنها للمعتقلين. 

يوجد أبو أسامة حالياً، في سجن حلب المركزي، لأن النظام عندما أغلق سجن صيدنايا العام الماضي، نقل كل معقتل إلى السجن المدني الموجود في محافظته، ونظراً لكونه من مواليد حلب عام 1965نُقل المحمود إلى سجن حلب المركزي.


"منسيون في الجحيم".... "زمان الوصل" تتسلل إلى سجون النظام
2012-10-28
أن يُختصر عالمك بسنتيمترات قليلة، وتُحدد ممتلكاتك فقط ببطانية واحدة، لتجد نفسك ملقى في غيابات السجن إلا مالا نهاية... مجرداً من إنسانيتك وكافة حقوقك بما فيها معرفة جرمك..هذا هو حال مئات المعتقلين السوريين الذين...     التفاصيل ..

لمى شماس - دمشق - زمان الوصل
(247)    هل أعجبتك المقالة (261)

نيزك سماوي

2013-12-23

لا يمكن مقارنة هذه العصابة النصيرية المجرمة بإسرائيل أبداً ؟ كنا نكره إسرائيل ولكن بعد ما رأيناها وسمعنا من هذه الفاظئع المروعة في عصر الإحتلال النصيري المجرم الغاشم الجبان قرر الشعب السوري أن ينتصر ويطرد هذا المستعمر المجرم الخائن يجب على الثوار تدمير كافة سجون الإحتلال المجرم الغاشم الجبان تدمير مطارته تدمير كل شيء يعود له كي يظلم ويقتل ويعذب الشعب السوري به ، والله وكسر الهاء حتى لو لم يبقى لدينا سوى الحجارة فإننا سوف نقاتل هذا المحتل النصيري المجرم الغاشم الجبان الوسخ الحقير.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي