أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فلسطينيو الثورة السورية

لماذا الحديث عن "فلسطينيي الثورة السورية"؟!


فقد أثارني بالأمس عنوان خبر " فلسطينيو الأسد" وكان المقصود بهم مجموعة من المرتزقة بزعامة أحمد جبريل وبوقه أنور رجا، فالفلسطينيون في سوريا وخارجها ليسوا من جماعة جبريل ولا من شبيحة الأسد... 

إنهم مثل أي شعب يحترم نفسه فيحترم حرية وارادة غيره من الشعوب، فيه قد تجد هؤلاء الذين عقولهم مغيبة لمصلحة مجموعات ومنهم الزعران في بحر من الطيبين والشجعان وأصحاب الكرامة... لا يمثلهم كاذب أكاديمي كمخول الذي خرج من " صفة الاكاديمي" الى صفة الصارخ بتشبيح أسدي ينفي ما شهدناه في القدس وفي أراضي ٤٨ من تأييد للثورة الشعبية السورية... وينفي تعرض النظام الفاشي لكل فلسطيني وفلسطينية في سوريا قصفا واعتقالا واعداما بتهمة يفخر بها هؤلاء: تأييد الثورة!

إذا كان لا بد من ذكر حقائق قد تكون مزعجة حتى للأصدقاء السوريين - مع رفضنا التام للخطاب الأقلوي -  فلا يقل موقف الشيخ رائد صلاح عن موقف الأب باولو ولا يقل موقف سكان مخيمات سوريا، وهم بالمناسبة عرب أقحاح، عن موقف السويداء ولا عن موقف اخوتنا الأرمن!

في سوريا يقدم النظام البعثي الذي تقول عنه صحف اسرائيل هذا اليوم: إنه الخيار الأفضل لنا وللولايات المتحدة... أقول يقدم نفسه تحت شعار سخيف واستهلاكي تجاري ، شرحه بايجاز السيد غسان ابراهيم يوم امس في حلقة الاتجاه المعاكس ، باسم " المقاومة والممانعة" وباسمها يجري تخوين كل فلسطيني ليس في جيب الأسد.. حتى خالد مشعل أخرجوه من " جنة الوطنية والنضال" الأسدية وصار" عميلا صهيونياً، وبالمناسبة الشباب الفلسطيني في سوريا ليسوا بعيدين عن كل الأطياف السياسية (يسارا ويمينا) المؤيدة للثورة بكثير من الممارسات التي يعرفها الناشطون في التنسيقيات والجيش الحر ولجان التنسيق المحلية...

وحتى لا يصبح النقاش بأحكام عامة واعتباطية تخرج من داخل البعض أيضا ذات التربية البعثية التي برزت مؤخرا وهي تبصق بوجه العروبة وبوجه العرب جميعا لمصلحة تحالفات ضيقة وسخيفة تذكرنا بشعوبية ميليشيا لبنانية وعراقية مثلها في مرحلة من المراحل حراس الأرز ونبيه بري ومقتدى الصدر (بمثاقب وهاون تهجيرهم) فدعونا نكون صرحاء في زمن يفترض أنه زمن ثوري:

- من غير الجائز أن تقع الثورة السورية في مطب النظام من حيث التعميم والتصنيف الذي يجعل من زعران أحمد جبريل، والذين بالمناسبة أخرجهم بشار من سجونه كجنائيين ليصبحوا " لجان شعبية" على حواجز المخيمات لتقمع الفلسطيني حتى لا يكون له دورا في الثورة السورية...

- لا يجب الابتعاد عن حقائق يعرفها أهل الثورة ( وليس هؤلاء الذين يدسون باسم الرمادية) عما تعرض له أهالي مخيم درعا في جنوب سوريا من قصف واغتيال وقح واعتقال وتعذيب وتهجير... يجب أن لا ننسى أنه في الوقت الذي كانت فيه " نخب الفنانيين" تنشغل ببيان " الحليب" كان شباب فلسطيني يقدم روحه في مجزرة الكرك وهم يهربون الطعام...

- يقول الباحث الفلسطيني طارق حمود في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" بأن الرقم التقريبي لعدد الشهداء يتجاوز 700 من الفلسطينيين في سوريا... إضافة إلى ٣٥ ألف معتقل وأسير... وربما أعداد المهجرين من بيوتهم تجاوز رقم المعتقلين.. فمن ينسى قصة المهندسة سعاد الطيب والدكتور هايل حميد والمسعف محمد الخضرا وسلامة كيلة الذي عذب وأُبعد على الطريقة الصهيونية إلى الأردن.

إن مناسبة الحديث عن هذا الأمر لأسباب عدة لا داعي الآن للخوض فيها، لكنني أذكر هنا قصة ذلك الضابط الأسدي (زهر الدين) الذي جاء إلى مخيم اليرموك مع مجموعة من الحرس الجمهوري واقتحم متجرا فسأل صاحبه: هل ذهبت إلى الجامعة؟ فقال: نعم.. فسأله زهر الدين: هل دفعت أقساط جامعية...؟ فقال الشاب: ولماذا أدفع أقساط فأنا إبن هذا البلد وعربي وتعتبرون فلسطين جنوب سوريا ولست أجنبيا... ثم إن مجانية التعليم ليست إنجازا أسديا كما يراد أن يُشاع!

لا أدري كم كلف هذا الشاب صراحته ووعيه بما يقول... لكنني ما أعرفه بأن أتباع الأسد يظنون بأن الفلسطيني في سوريا وبمقدمات تجارية تاريخية ليسوا أكثر من بضاعة في عدة النصب الممارسة باسم الممانعة...

ومن المؤسف أن تتسلل مثل هذه الاستنتاجات إلى من يعتبر نفسه ثائرا بينما هو يسيء للثورة ومبادئها في رمي التهمة من خلال ثقب أحمد جبريل نصف الفلسطيني ونصف السوري والأسدي والإيراني بكل ما يعنيه الانتماء...

في الحواجز التي تقام في يلدا قام شبيحة الأسد باعدامات كثيرة لشباب فلسطيني، وفي الحجر الأسود كانت المذبحة المرتكبة بحق عائلة الخطيب دليلا آخرا على الاستهداف المقصود للفلسطينيين وليس مجرد قتل بدون معرفة هوية الشهداء... لقد استشهد في صفوف الجيش الحر في التضامن والحجر الأسود ثوار فلسطينيون دفاعا عن شعبهم السوري، فهم ليسوا " أقلية وافدة" وهم ليسوا " ضيوفا قليلو الأدب" بل بشر وعرب ينتمون إلى سوريا ليس فقط بالولادة... ففي الزمن الذي جاء فيه عز الدين القسام من جبلة ليقود الثورة الفلسطينية الكبري عام ١٩٣٦ لم يكن الأمر غريبا...

إذا كان هناك اليوم بضعة أبواق فلسطينية فهي لا تمثل الفلسطينيين أبدا... فثمة جيش من الأبواق في لبنان والأردن وسوريا ونابلس ورام الله... لكن من من الشعب الفلسطيني لا يعرف تل الزعتر وحصار المخيمات في لبنان ومن لا يعرف قصف طرابلس ومطاردة الشهيد ياسر عرفات واعتقال الآلاف من الفلسطينيين واللبنانيين ( واختفاء الكثيرين منهم حتى يومنا هذا)...

ليس فلانا من "كتيبة الكتيبة" في عمان يمثل الفلسطينيين أبدا، ولا يمثل ناهض حتر أيضا الأردنيين... والتركيز ليس على هؤلاء بل على الموقف الذي يؤيد الثورة السورية وفق احصاءات واستطلاعات علمية صدرت مؤخرا...

وبالعودة إلى فلسطينيي سوريا فإن استهدافهم إن عن طريق شبيحة الأسد وقصفهم وإطلاق تهديدات علنية ورسمية عبر صحيفة الوطن أو عن طريق مرتزقة جبريل وغيره ممن يبيضون " ممانعة" وهم بالأصل ممنوعون طيلة حكم الأسدين من حمل السلاح والمقاومة إلا اللفظية ومن كان يعتقل وهو عائد من مشاركته في أعمال مقاومة كان مصيره فرع فلسطين والضابطة الفدائية وكأنها خدمة مباشرة للاحتلال الصهيوني.. وهو ما بدا واضحا في عمر الثورة السورية... فاسرائيل التي لم تستطع قصف مخيمات سوريا يقوم نظام "الممانعة" بقصفها كما تمنى شارون ذات يوم...

الفلسطينيون في سوريا جزء من النسيج الوطني والاجتماعي السوري، هم ليسوا مجرد ضيوف"من" عليهم الأسد... بل من احتضنهم هو الشعب السوري، كما احتضن هذا الشعب الأخوة الأرمن وغيرهم... وفي فلسطين أيضا هناك فلسطينيون أرمن وفلسطينيون سوريون بالأصل وفلسطينيون مغاربة وأفارقة... بل فلسطينيون من أصول كردية... وهكذا كانت دائما منطقتنا لا حياد فيها بين الحق والظلم...

إن الثورة السورية التي قدم فيها الفلسطينيون أكثر من ٧٠٠ شهيد و٣٥ الف معتقل وهم على استعداد لمواصلة مشوار الحرية والتحرر مع اخوتهم السوريين هي ثورة تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى لأن تنبذ لغة التعميم من خلال ممارسات جماعة جبريل.. وفتح الدائرة بشكل أوسع لتكون الحقيقة على غير ما يردها نظام فاشي يدس لغة ما متنميا أن تتبناها بعض المجموعات المحسوبة على الثورة... فمن داريا والمعضمية... ومن درعا إلى الحسينية والسيدة زينب والذيابية والرمل الجنوبي واليرموك وفلسطين والغوطة الشرقية وحمص وحماة وحلب يعرف الثوار السوريون اسهامات اخوانهم الفلسطينيين في ثورة الحرية... ومن يعرف كل هذا يفترض به أن يتصدى للأصوات التي تشوه الحقائق... وحتما الثورة السورية ثورة حق وعدالة وهي منتصرة!

الياس س الياس - زمان الوصل
(383)    هل أعجبتك المقالة (849)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي