أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

*أطعمهم من جوع فما آمنوه من خوف.... محمد: قصة حقد معلن


لم يكن العشاء الأخير كعشاء السيد المسيح مع تلاميذه وإنما كان عشاءً مختلفاً تماماً حلَ فيه القتلة أنفسهم مكان التلامذة، أما السيد المسيح فقد كان حاضراً في روح محمد الذي كان يأمل أن يشفع له "الخبز والملح" أمام الجاحدين.

محمد الذي يبلغ من العمر 23 عاماً هو واحد من خمسة أخوة كان أميزهم لدى أسرته و أقاربه، بل كان مميزاً على مستوى حي ديربعلبة شرق حمص حيث يقيم.

أتم دراسته الثانوية و حالت ظروف خاصة دون متابعة تحصيله الجامعي، فالتحق بإخوته للعمل في مطعم شعبي صغير ضمن حيه،إلا أنه لم يهمل مستقبله العلمي حيث استمر بالتدرب على الحاسوب لينال شهادات معترف بها دولياً، و كان يعتبر المثقف الوحيد في العائلة التي كانت ترى فيه مستقبلاً باهراً.

في بداية الحركة الاحتجاجية في حمص كان محمد سباقاً إلى الصفوف الأولى في المظاهرات التي تخرج من الحي ، و شارك بالمظاهرة الشهيرة التي تم فيها إسقاط صورة الأسد الأب فوق باب نادي الضباط في المدينة.
ومع استمرار الثورة نذرمحمد نفسه لخدمة المظاهرات السلمية، فجهّز الأوراق المطبوعة، ليوزعها على المصورين حتى يتم عرض اسم الجمعة بوضوح، كما يقوم بتوزيع اللافتات والأعلام في المظاهرة ومن ثم تراه يحاول ضبط صفوف المتظاهرين طالباً منهم عدم التعرض للأملاك العامة.

و كان يحذرالمصورين الهواة للامتناع عن التصوير أو على الأقل تجنب إظهار وجوه المتظاهرين خوفاً على سلامة الجميع، و كثيراً ما كان يواجه بردّات فعل قاسية من بعض الشبان، إلا أنه كان يستقبلها برحابة صدر ترافقها ابتسامة بريئة ترتستم على وجهه الأبيض الرقيق.

مساهمته بتنظيم التظاهرات السلمية التي تخرج في منطقة ديربعلبة وضعته في قائمة أخطر المطلوبين لدى النظام الأسدي.

في أحد أيام شهر تشرين الأول من عام 2011 قرر محمد أن يذهب من منزله إلى مطعم والده بالقرب من حاجز كلية البتروكيميا لتشغيل المولدة الكهربائية بعد انقطاع الكهرباء وخوفاً من فساد اللحوم الموجودة في المطعم دون تبريد، ورغم رفض أهله ذهابه إلا أنه أصر و ودعهم بجملة لطالما آمن بها " إذا كان دمي وقوداً لفانوس الحرية أنا رضيان المهم تشوفوا النور انتوا من بعدي".

خرج محمد إلى محله يرافقه ابن عم له وأثناء تواجدهما داخل المحل حصل إطلاق نار كثيف من قبل الدبابات الأسدية التي خرجت لتمشيط الشوارع بالرصاص الحي فسارع الشابان للاختباء داخل المحل بعد أن أغلقا بابه واستمر إطلاق النار لساعات، ومن ثم بدأ شبيحة النظام بكسر أبواب المحلات لسرقتها.
لم يسلم محل محمد من حملة النهب و السلب طبعاً، ليجده الشبيحة مختبئاً داخل المحل برفقة ابن عمه وعندها و بطريقة ساخرة سأله الضابط: هل أنت خائف من المسلحين، نحن سوف نحميكم منهم، و لكننا جائعون. هذا ما رواه جندي شارك بذاك الاقتحام.

طلبوا منه الشواء لإعداد وجبة عشاء فاخرة تقارب حوالي عشرة كيلو من اللحوم،وبعد انتهاء الشبيحة من تناول العشاء اقتادوا محمداً وابن عمه إلى معتقل كلية البتروكيميا و سرقوا حياة الشابين برصاص غدر أصاب رأسيهما من الخلف .

و انتهت حلقة من مسلسل التشبيح الأسدي بمشهد أهالي الحي الذين وجدوا جثتي الشابين عليهما آثار المعروف بعرف الشبيحة....تعذيب وحشي و تشويه بعد ممارسة فنون التمثيل و التنكيل !
ملاحظة: الجندي الذي روى تفاصيل ما حدث في المطعم تلك الليلة كان مع الشبيحة والضباط و الجنود الذين قاموا بتصفية محمد فانشق على اثرها.


*قصص لشهداء تنشرها "زمان الوصل" تباعاً ضمن قسم خاص لتؤكد وتذكر أن الشهداء ليسوا أرقاماً.

عمر الأتاسي - زمان الوصل
(94)    هل أعجبتك المقالة (107)

وليد

2012-10-27

لكن سيدنا عيسى لم يُقتَل ....


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي