أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

النازحون في دمشق ..عيدهم جرح كبير وعيديتهم قذيفة دمرت أرواحهم


"عطانا النظام العيدية وما قصر معنا" عبارة خرجت من فم أم وائل مع ابتسامة ممزوجة بغصة وإصرار، و استرسلت برواية قصة نزوحها من بيتها الذي تعرض للقصف منذ أيام.
و لكن مالبثت أن تحولت مرارة السخرية إلى دموع تنهمر على خديها عندما سألناها عن العيد.. فأجابت بكلمات تملؤها الحرقة.. أي عيد سيأتي وبيتنا تحول إلى ركام.. وقذائف النظام تنهال علينا من كل حدب وصوب.. فلم نعد نميّز هل نحن أحياء أم أموات؟!

أم وائل هذه السيدة التي التي هٌجّرت و أولادها من بلدة حمورية أحد أرياف دمشق بعد قذيفة منزلها لاتطلب من الله سوى الفرج و خلاص السوريين من هذه المحنة.
العيد تحول إلى غصة كبيرة برأيها بعد أن أصر زوجها على البقاء في البلدة يفترش الشارع وهي تحاول اليوم أن تحصل على ما يسد رمق أولادها.

"أيام هذا العيد هي الأقسى بالنسبة لعائلتي" جملة اختصرت معاناة أم وائل التي وصفت نفسها بالمشردة التي تحاول طرق أبواب لجان الإغاثة لمساعدتها الحصول على قوت يومها، بعد رحلة نزوح خاطفة من المنزل لم تمكّنها إلا اصطحاب أوراقها الثبوتية، "فقذائف النظام لاترحم، ولاتفرق الكبير عن الصغير".

و تعتبر المرأة الأربعينية أن العيد الحقيقي لن يتحقق حتى يفرّح النصر قلوب السوريين والعودة إلى الديار.

لم تكن أم ميرا النازحة من بلدة الرستن شمال حمص أفضل حالاً، بعد أن طالت رصاصة الغدر زوجها ليتركها وحيدة مع طفلتها ذات العامين. فالعيد بالنسبة لها بات يعني اليوم تأمين الحليب لابنتها..فتقول:(لم يعد العيد - بالنسبة لنا على الأقل- ملابس جديدة وأرجوحة إنما حوّله بطش النظام إلى دمعة وجرح كبير منذ أن بدأنا نفقد يوماً بعد يوم أهلنا وأصدقاءنا وأقرب الناس إلينا).

ولعل أكثر ما يحز في نفس أم ميرا أنها لاتستطيع اليوم أن تفرح قلب ابنتها التي لا ذنب لها بكل ما يجري حتى ولو بقطعة حلوى.
ما تعيشه أم وائل وأم ميرا إنما يجسد أحوال من نزحوا إلى دمشق، خوفاً من قذيفة قد لاتقتصرعلى منازلهم فقط،و إنما تنال من أهلهم وأبنائهم، فباتت همومهم تنحصر بتأمين الغذاء لأطفالهم، بينما تحول العيد لديهم إلى مناسبة جديدة تذكرهم بمآسيهم وفرصة أخرى لذرف الدموع، والحسرة على أيام لن تعود حسب وصفهم. 

لكن رغم الظروف القاسية لن يعدم النازحون من يحاول أن يكفكف دموعهم بعطاء -و لو صغير -علّه يمدهم بأمل جديد للأيام القادمة و "إذا خليت بليت"، هذا ما جسدته مجموعة شباب من جرمانا تطوعوا بأعمال الإغائة والدعم النفسي واللوجستي للنازحين منذ ثلاثة أشهر.

هذه المجموعة المؤلفة من 30 شاباً و شابة كما يبين ريان - وهو أحد أعضائها- عملت على جمع 25 ألف ل.س من المتبرعين، في محاولة منها لبث الفرح في قلوب العائلات النازحة إلى المدينة ، و اشترت 100 كيلو من المعمول و قامت بتوزيعها على 100 عائلة في البلدة التي تقطنها أغلبية درزية بريف دمشق.
و يكشف ريان عن نية المجموعة توزيع الألعاب والملابس على أطفال النازحين كعيدية لهم صباح العيد، مبيّناً أنهم يقومون أيضاً بحملة لجمع ملابس شتوية بالإضافة إلى فيتامينات للأطفال.

ريان الذي لايتجاوز عمره الـ 20 عاماً أشار إلى أن مادفعه، وأعضاء المجموعة إلى هذا العمل هو الواجب الوطني، وشعورهم بمدى معاناة أولئك الذين تشردوا عن بيوتهم ومناطقهم دون أي ذنب، و قال: "إننا لانقدم شئياً، مقابل أولئك الذين يقدمون أوراحهم أو يحتملون معاناة الاعتقال في سبيل الحرية".

نيرمين الخوري -دمشق - زمان الوصل
(92)    هل أعجبتك المقالة (88)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي