أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

النظام يُسطر موازنة 2013 على "ألواح الثلج"

وّقع للشعب على "شيكات بلا رصيد"...

موازنة جديدة و رقم قياسي جديد، حيث تحاول الحكومة السورية منذ بداية الأحداث تخصيص أرقامٍ هائلة للموازنات العامة خلال الأزمة، كنوع من استعراض العضلات، و يأتي مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2013 الذي أقره مجلس الوزراء السوري ضمن هذا الإطار.

بلغت الموازنة 1383 مليار ل.س، في الوقت الذي كانت فيه موازنة العام الحالي 2012 هي الأعلى في تاريخ سوريا، برقمٍ بلغ 550. 1326 مليار ل.س مقابل 835 مليار ل.س في موازنة عام 2011 "بزيادة 491 مليار ليرة"، لتكون موازنة 2013 أعلى حتى من موازنة عام 2012 بنسبة 4 %، هذا الارتفاع الهائل ربما تريد الحكومة السورية من ورائه توجيه رسائل تطمين بأن الاقتصاد ما زال بألف خير.

لكن في النتيجة النهائية هذه الأرقام ما هي إلا كلام في الهواء، دون توافر إمكانيات حقيقية لتغطيتها، فإذا كانت موازنات أيام الاستقرار في حالة عجزٍ دائم، فما هو حال موازنات أيام الأزمة؟ فعلى سبيل المثال موازنة العام 2010 شهدت عجزاً وصل إلى 3.5 مليار ليرة، "بنسبة تقارب 24 % من إجمالي الموازنة".

أرقام خيالية لموازنات عام 2012 وعام 2013، يعتبرها البعض كلاماً مسطراً على ألواح الثلج لا معنى له، فإذا كان النظام يريد تطمين المواطن و الثقة بالاقتصاد، فهذا لا يمكن إلا عبر معطيات واقعية قائمة على الأرض.

مغامرة... شيكات من دون رصيد 
مراقبون اقتصاديون اعتبروا من خلال تصريحات لـ"زمان الوصل" بث تلك الأرقام نوعاً من المغامرة، و آخرون وصفوها بالشيكات دون رصيد، لأن موارد الاقتصاد السوري تتجه نحو الضمور شيئاً فشيئاً بفعل الأزمة التي تعصف في البلاد، ونتيجة شلل الحركة الاقتصادية بشكلٍ شبه كامل، وهذا التناقص في الإيرادات سيؤدي بالضرورة إلى ارتفاع كبير في عجز الموازنة المعتمدة بأرقامها الخيالية، ورغم أن عجز موازنة عام 2012 لم يظهر بعد لكن يرجح الخبراء أنها لا تقل عن 40 % من إجمالي الموازنة، ونسبة لا تقل عن 6 % من الدخل القومي.

زيادة على الأرقام الخيالية للموازنات، هناك ملاحظة ثانية تتجسد برفع الأموال المخصصة للشق الجاري، فموازنة العام القادم ووفق تصريح وزير المالية السوري الدكتور محمد الجليلاتي خصص منها للإنفاق الجاري مبلغ 1108 مليارات ليرة سورية، بزيادة 16%عن العام 2012 والذي كان 550. 951 مليار ليرة، في حين تم تخفيض الإنفاق الاستثماري.

و هذا تساؤل جديد تفرضه الأرقام، فالحكومة تخصص معظم الموازنات نحو الاستهلاك عبر شقها الجاري، دون تحقيق عائد استثماري، ولهذا الأمر تبعات كبيرة على مستوى الاقتصاد فزيادة مساحة شق الإنفاق الجاري، أحد الأخطاء الكبرى التي تجعل كل هذه الأموال متآكلة دون تحقيق قيم مضافة لها، عبر استثمارها.

الموارد المحلية
والسؤال المطروح دائماً هو من أين يمكن تأمين كل هذه الأرقام في حين أن الموارد المحلية ووفق تصريح وزير المالية هي بحدود 634 مليار ليرة، ليشترط من جديد ضرورة العمل على ضغط الإنفاق الجاري إلى أدنى حد وذلك بترشيد الإنفاق عبر ربط كل نفقة بضرورة توليد منفعة، وهو نفس الشرط الذي كانت قد وضعته حكومة عادل سفر عند إقرارها لموازنة 2012 حيث كان الحديث عن ترشيد الإنفاق ومكافحة الهدر والفساد والتركيز على المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية التي تحقق قيمة مضافة و تلبي احتياجات المواطنين وتدعم عملية التنمية الشاملة، وهو ما لم يتحقق فعلياً على الأرض.

الرقم الذي أورده وزير المالية كمورد محلي يعني بالضرورة بقاء ما يزيد عن نصف الموازنة معلقة لموارد أخرى ربما خارجية أو تمويلاً بالعجز، في ظل شلل الحركة الاقتصادية في البلاد وما لها من تبعات على تراجع الدخل القومي.

التضخم ثم التضخم
خبير اقتصادي يعتبر أن تراجع الدخل القومي والعجز الكبير الذي ستنتهي إليه مثل هذه الموازنات، والمترافق مع الركود اقتصادي، سيؤديان إلى نتيجة حتمية وهي التضخّم، والذي حكماً سيزداد في المراحل القادمة، لأن تمويل الموازنة بالعجز سيكون عبر حلولٍ متعددة، فالحكم الطبيعي في مثل هذه الحالات أي عند ظهور العجز إما أن تتم تغطيته من الضرائب أو من الاقتراض الخارجي أو من المصرف المركزي.

لكن هناك تراجعاً في إيرادات الضرائب وهو ما اعترفت به الحكومة السورية، حيث أشار وزير المالية إلى أن الظروف الحالية وتوقف بعض المؤسسات عن العمل أدى إلى تناقص الإيرادات عبر تناقص كتلة الضرائب التي بلغت العام الحالي نحو 267 مليار ليرة، وتم تقديرها في الموازنة الحالية بنحو 180 مليار ليرة، ليتمثل الحل في الاستدانة من مصرف سورية المركزي، و الذي يعتمد عليه في كل دول العالم في تأمين جرعات محددة ولسد حاجة طارئة.

الاستدانة
و لا يوجد مصدر واحد يؤيد تغطية هذا الرقم الهائل، أما الاستدانة من الخارج "وهنا يمكن الاستفادة من تدني المديونية الخارجية لسوريا" يمكن أن تتم عبر طرح سندات خزينة، وهذا غير متاح في الظروف الحالية، إذ أن أحداً من الدول بما فيها الصديقة لن يغامر في تقديم أموالٍ لنظامٍ بات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار.

ولا يمكن لأحد أن يتوقع وجود قدراتٍ هائلة للحكومة، تمكنها من تحويل الاقتصاد السوري بقفزاتٍ نوعية لتحقيق إيراداتٍ عالية في ظل الأزمة، ما يعني أن حلاً وحيداً بدأت الحكومة السورية بالتوجه إليه بالفعل وهو طباعة العملة دون وجود رصيد، ليكون الحكم مبرماً وقطعياً من قبل القائمين على الحكم في البلاد، وهو إدخال البلاد في دوامة التضخم المنهكة للاقتصاد. 

بلقيس أبوراشد - دمشق - زمان الوصل
(100)    هل أعجبتك المقالة (99)

خرى

2012-10-24

يعني شو بتريدو لكن تلحسو ..............


2012-10-24

جايينككككك.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي