أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

جواز سفر فلسطيني حوله بنظر عسكري إلى "عميل"

أم عمار السعينية تنتظر ابنها أمام القصر العدلي - زمان الوصل

على حافة سور القصر العدلي وسط دمشق تجلس أم عمار المرأة السبعينية لساعات وعيناها شاخصتان باتجاه باب دخول السيارات الآتية بالموقوفين. خرج ابنها من مخيم فلسطين لزيارة أقاربه في ريف دمشق، فأوقفه حاجز للجيش، وحين عرض عليهم جواز سفره الفلسطيني، الوثيقة الوحيدة التي يملكها، استغرب العسكري المدجج بالسلاح أن يكون لدى عمار سعد الشاب الفلسطيني المولود بسوريا جواز سفر فلسطيني، مباشرةً ذهب تفكيره المعبأ بفكر المؤامرة بأن عمار عميل لإسرائيل، وإلا كيف له أن يحمل جواز سفر فلسطيني يتيح له السفر..! اعتقد بجهله أنه قبض على صيد ثمين وسينال جائزة من مرؤوسيه ، فقاده إلى دهاليز الأمن ومنذ ذلك اليوم انقطعت أخباره.

"جئنا إلى سوريا في بعد أحداث أيلول الأسود" تروي أم عمار بحسرةٍ كيف خرجوا من عمان إلى سوريا إثر معارك أيلول الأسود بين السلطة الأردنية والفلسطينيين عام 1970، أنجبت عمار وشقيقه في سوريا، وبعد افتتاح سفارة فلسطينية في سوريا، منحتنهم السفارة جوازات سفر، لكن العسكري الذي أوقف عمار على حاجز المليحة لم يسمع بتلك الجوازات، فقام بتسليمه لفرع المخابرات (الجوية) اشهر فروع الرعب في سوريا ومنذ ذلك اليوم انقطعت أخباره.

تفتح أم عمار حقيبتها وتخرج مجموعة من الأوراق حصلت عليها من المفوضية الفلسطينية، تعرض إحداها بعناية -جلدتها كي تحافظ عليها- تبدو في أعلاها صورة عمار، شاب أسمر وسيم،"ما فيه أطيب من قلبه" تقول الأم، الوثيقة (اخراج قيد) تثبت بأنه فلسطيني من مواليد سوريا 1985، ومتزوج، وبأن عائلته الفلسطينية(الأب والأم) دخلا سوريا 1970، وتعرض أوراق ثبوتية أخرى للعائلة، جمعتها "بشق النفس" واعتنت بها على أمل أن يكون فيها خلاص ابنها.

حملت أم عمار الأوراق اتجهت بها إلى فرع الجوية، لكن سرعان ما تلاشت فرحتها بتقديم"صك" براءة ابنها، منعها عناصر الحراسة على باب الفرع من الدخول، وبإصرارها استطاعت أن تشرح لهم قصة ابنها وضرورة أن يأخذوا منها الأوراق، أقصى ما استطاعت الحصول عليه وعد من احد العناصر بالاتصال بها إذا لزم الأمر.. وطبعاً لم يتصل احد.

مضى على غياب عمار أكثر من ثلاثة اشهر، لكن الأم السبعينية لم تفقد الأمل، فكل يوم تداوم على القدوم من مخيم فلسطين إلى القصر العدلي وسط دمشق رغم صعوبة التنقل ورغم تعب العمر البادي على هيئتها، تدخل إلى ديوان المحكمة بخطى بطيئة لكنها تخفي عزيمة لا تلين، عزيمة أم تملك قضية عادلة "من يعرف ابني أكثر مني" تردد بثقة.

تدخل بين عشرات المراجعين، تجاهد وسط الزحام لتسأل عن اسم ابنها، وحين يجيبها الموظف في الديوان دون أن ينظر إلى وجهها" ما فيه اسم لعمار.." تخرج لتجلس على حافة السور، وتظل هناك لساعات، وكلما دخلت سيارة، تنهض وتنظر من فرجة الباب الأسود -متجاهلة صيحات العسكري بالابتعاد عن الباب- وتنظر معها عشرات العيون، إلى الشبان المكبلين الذين يتم اقتيادهم من السيارة إلى داخل بناء القصر العدلي، وحين لا تلمح وجه عمار بين المكبلين تعود لتجلس على حافة السور بانتظار سيارة أخرى، تبقى على هذه الحال لينقطع أملها وينتهي الدوام، حالها حال العشرات من النساء والرجال الذين أتوا من المناطق المحيطة بدمشق.

المرأة السبعينية تفضل أن تتكبد المشاق اليومية على إرسال ابنها الأخر ليسأل عن شقيقه، توضح "معه نفس الوثيقة (جواز سفر فلسطيني)، وهناك حواجز على الطريق وأخشى أن يحدث له ما حدث لأخيه، لا أريد أن أخسر الاثنين" وتضيف بأن زوجها رجل طاعن في السن وليس بمقدوره المجيء وأن زوجة عمار لديها طفل رضيع. 

تأمل أم عمار كما غيرها من النساء المنتظرات أمام القصر العدلي خروج أبنائهم قبل عيد الأضحى، وتسأل برجاء "ألم تسمعوا شيئاً عن العفو..؟" وحين لا تلقى جواب يؤكد ما ترغب بسماعه، تضيف "لا بد ما يطلع بالعفو قبل العيد"، ثم تنظر في الوجوه الصامته لتقول شيئا هي متأكدة منه.."الله بفرج عن الجميع".

فلسطينيون من القدس إلى دمشق - زمان الوصل 


"فلسطينيو سوريا" مجموعة لرصد "قتل وقنص ولجوء" أبناء القضية العربية
2012-10-06
إثر إطلاق مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا تداعت شخصيات سياسية وإعلامية وقانونية ومؤسسات دولية لاستكمال تسيير أعمال المجموعة لتكون واجهة للمتابعة السياسية والإعلامية والتوثيقية والقانونية لوضع الفلسطينيين في...     التفاصيل ..

رسائل النظام وصلتهم عبر القذائف... فلسطينيون يتحدون مع الثورة
2012-08-24
عندما انهالت قذائف الهاون على مخيم اليرموك، أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا، أوائل شهر آب/ أغسطس، ما أسفر عن استشهاد 20 شخصاً على الأقل، اعتبر كثير من الفلسطينيين في سوريا ذلك بمثابة دعوة للاستيقاظ. وقال ناشط...     التفاصيل ..

إحصائية تفصيلية ... عدد شهداء فلسطين في سوريا 300
2012-08-10
في احصائية خاصة بــ "زمان الوصل" بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين في الثورة السورية 300 شهيدا، منذ تاريخ 23/3/2011 حتى كتابة التقرير، منهم 262 شهيداً موثقاً ضمن  الشهداء الذين سقطوا بالأحداث العامة في سورية كالمظاهرات والقصف...     التفاصيل ..

أسامة براء - دمشق - زمان الوصل
(90)    هل أعجبتك المقالة (94)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي