ما هي إلا ساعات سفرٍ قليلة حتى تجد نفسك في وطنٍ أخر مختلف في كلّ شيء جوهري، ما عدا النسمات الساحلية العليلة والشاطئ القريب من الشواطئ السورية، إضافةً للطيبين من أهالي مصر القريبين في الأمانة والأخلاق من نظرائهم السوريين.
فالأسكندرية العاصمة المصرية قديماً وجدت نفسها فجأةً موطناً بديلاً للسوريين، وخاصةً أهالي الساحل السوري (اللاذقية-طرطوس-بانياس)، حيث اعتبرها الأهالي المكان الأنسب لهم بسبب ساحلها وهوائها المشابه لمدنهم التي عانت من حملة عسكرية شرسة شنتها قوات النظام السوري بعد مطالبة سكانها بالحرية منذ أكثر من سنة وستة أشهر، بحسب مشاهدات "زمان الوصل".
وشهدت المدينة الساحلية المصرية تدفقاً غير مسبوق من السوريين، والذين غيّروا مهنهم التي كانوا يشغلوها قبل الهجرة، فمن بحار إلى بائعٍ للمعجنات بعد أن استفاد من خبرة زوجته في إعداد نوع فريد من المعجنات السورية، ومن صيادٍ إلى بائع ٍ للأجبان، ومن بائعين للأدوات المنزلية إلى (معلمين) على القهوة يساعدهم مختصين بالـ(شيشة) وتحضير المشروبات الباردة والساخنة للزبائن، حيث تشهد هذه القهوة أجمل قصص الحرية اليومية من خلال قرب التعايش مع الأوضاع السورية، ابتدأً بنشرات الأخبار الخاصة بالأوضاع السورية ونهايةً بالتحليلات والمناقشات الحرّة التي ليس عليها حسيب أو رقيب.
ويعاني السوريين يوماً بعد أخر بسبب محاولة استغلالهم من قبل البعض، فبالإضافة للأوضاع المعيشية السيئة التي يعاني منها أبناء مصر أنفسهم، كانت الهجرة مؤثرة على السوريين القاطنين في الأسكندرية منذ عشرات السنين والذي أدى لوجود أحد الشوارع باسم شارع سوريا، حيث أدت للتنافس بين السوريين أنفسهم على لقمة العيش الصعبة أساساً.
وتأتي من قصة سرقة سيارة أحد السوريين كإحدى أغرب القصص التي شهدتها الأسكندرية الذي فقد سيارته في وضح النهار، حيث ورده اتصال بعد ساعات طالبه بالذهاب إلى الطريق الصحراوي ليستلم سيارته مقابل مبلغ من المال، وهو ما أقنعه بضرورة اخبار أحد ضباط الأمن المصريين، باعتباره الحل الأمثل لاسترجاع سيارته، الأمر الذي تمّ أخيراً مقابل ثلث سعر السيارة المسروقة.
وأخيراً تأتي المظاهرات الشبه يومية لأهالي سوريا وأغلبهم من الساحل الذين يطالبون بالحرية ودعم الجيش الحر وأهلهم في الداخل، وخاصةً بعد ورود أخبارٍ مفرحةً عن إنجازات الجيش الحر وبعض المواقف السياسية المبشرة، ولكن يبقى العيب الأكبر هو استمرار الخلافات بين قلّة من السوريين على زعامة تنظيم المظاهرات والحراك الشعبي في المدينة الساحلية المصرية.
جورج خوري - مصر (الاسكندرية) - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية