تنتظره يومياً على أمل أن يدخل إليها بابتسامته المعتادة.. تعد أطباقه المفضلة.. ترتب غرفته.. تتفقد أغراضه.. فهي على يقين بأن عودته قريبة.. ولكن هاهي الساعات والأيام تمر وهو مايزال بعيداً عنها.. إلا أن إحساس الأمومة الفطري لايسمح لها بفقدان الأمل.. وكالغريق الذي يتعلق بقشة ماتزال والدة (ن.د) تنتظر.
هذا الشاب كما روى لنا أحد المقربين من العائلة الذي خرج من منزله مستقلاً تاكسي من منطقة شارع بغداد منذ ثلاثة أشهر ولم يعد إلى اليوم، ليكتشف والده أن ابنه والبالغ من العمر واحد وعشرون عاماً قد تم خطفه بعد أن اتصل الخاطفين به، وطلبوا فدية 2 مليون ل.س فامتثل الأب لمطالبهم، ودفع مليون ليرة على أن يدفع الباقي بعد أن يستلم ابنه، إلا أن الخاطفين أخذوا المليون ولم يعيدوا الشاب.
وبعد ان اشتكى الأب إلى أحد الجهات الأمنية التي حققت في الموضوع تبين وحسب راوي القصة أن سائق التاكسي الذي تم القبض عليه، جزء من شبكة خطف تتألف من مجموعة من الشبان أصحاب السوابق، حيث اعترف سائق التاكسي انه على صلة بالمدعو م.ف.م، والمقبوض عليه بتهم دعارة وحشيش واغتصاب، وأفرج عنه مؤخراً بالمرسوم الذي أصدره بشار الأسد عند بداية الثور.
ليشير رواي القصة أن أخبار الشاب منقطعة تماماً عن أسرته إلى اليوم على الرغم من أن اسم الخاطف وكل المعلومات حوله باتت معروفة، وتابع: حتى إن والدة الشاب اتصلت بوالدة الخاطف لتتحدث معها من أم لأم وترجوها إعادة ابنها فما كان من والدة الخاطف إلا وانهالت عليها بالسباب قائلة لها "إن الأسد سيسقط والجيش الحر يحيمنا"..!! ليبقى بذلك مصير هذا الشاب مبهماً.
تشويه "الجيش الحر"
إن هذه القصة هي واحدة من قصص الخطف التي بتنا نسمع عنها يومياً، وتعجز أجهزة الشرطة عن إعادة المخطوف، وهي ليست القصة الوحيدة التي يحاول الخاطفون فيها إلقاء التهمة على "الجيش الحر" كما فعلت والدة الخاطف، وهو ما تجده كتائب الجيش الحر مجرد شائعات تعمل معظم العصابات والفاسدين في المجتمع بمن فيهم النظام وأتباعه على تكريسها لبث الخوف بين الناس من "الجيش الحر"، وهذا ما أشار إليه احد عناصر الجيش الحر في ريف دمشق في تصريح لـ"زمان الوصل" ولفت فيه إلى أن كتائب الريف تعمل اليوم على تنظيم نفسها، وذلك على شقين المدني والعسكري حيث أصبح لديهم محاكم لإيقاف ما أطلق عليه القتل العشوائي، ولفت أن أي موقوف يتم تحويله إلى هذه المحاكم التي منع فيها الضرب والتعذيب ليحاكم من لجنة قضائية مؤلفة من محامين وأطباء وقضاة ورجال دين.
وبيّن أنهم يناقشون فكرة إلغاء عقوبة الإعدام حتى بحق القتلى وعملاء النظام والانتظار في محاكمتهم لما بعد الثورة.
إلغاء الإعدام
وفي تعليقه على عمليات الخطف والسرقة والقتل التي تتم تحت اسم "الجيش الحر"، أشار إلى أن كتائب الريف تقوم بملاحقة هذه المجموعات التي تشوه سمعتهم، موضحاً أن هؤلاء هم مجموعات من الفاسدين حتى قبل الثورة، واستغلوا الثورة وحملوا السلاح لنشر الفساد والفوضى، حيث يتم ملاحقتهم من قبل كتائب الجيش الحر الذي قبض في الريف على حوالي 40 شخص منهم.
وأشار أحد الناشطين أن عمليات الخطف هذه لاتتم دائماً من قبل بعض العصابات التي همها طلب فدية والحصول على بعض النقود من العائلات الميسورة، إنما بات هناك مايسمى بالسوق سوداء للخطف وهي منظمة من قبل عملاء النظام، حيث يعمل النظام وأعوانه على تكريس هذه الظاهرة لبث الرعب بين الناس، ودائماً يتم إلقاء التهم على الجيش الحر، لإخافة الناس من كتائبه الغير منظمة نسبياً في كثير من المناطق.
اقتصاد الخطف
وتابع الناشط حتى إن شبيحة النظام وجدوا من هذا الفلتان الأمني والضوء الذي أعطي لهم لإرعاب الناس، مصدر رزق ، حيث يقومون بخطف الناس ويطلبون فدية مقابل إعادة المخطوفين، حتى إن عناصر الأمن في الأفرع الأمنية المعروفة باتوا يطلبون من ذوي الموقوفين لديهم - وعلى عينك ياتاجر- مبالغ من المال تترواح حسب التهم الموجهة للموقوف مقابل الإفراج عنه، وشكل من أشكال الخطف أيضاً كما وصفه الناشط، الذي أكد أن النظام ومنذ بداية الثورة عمل على إشاعة الفوضى، حتى إنه كرس مخافره في مختلف المناطق لقمع المتظاهرين، وترك للشبيحة وأصحاب السوابق في البداية مهمة النهب والسرقة دون محاسبتهم ليتحول الأمر الآن إلى الخطف والقتل وطلب الفدية فيما عرف بـ"باب اقتصادي" جديد وتجارة رائجة.
واليوم وفي خضم هذا الوضع الذي تعيشه سورية يبقى مصير (ن.د) وغيره من المخطوفين مجهولاً في وقت يستعد فيه ذووهم لبيع كل ما يملكون ودفعه في سبيل سماع ولو حتى خبر يبرد نار الانتظار التي تحرق قلوبهم.
وبحسب معلومات لـ"زمان الوصل" يطلب بعض الشبيحة قيمة الفدية بالدولار، وأحياناً باليورو مع خسارة الليرة السورية لقيمتها بشكل متسارع، وتطلب العملة الصعبة في عمليات الخطف الكبيرة التي تستهدف رجال أعمال غالباً.
نيرمين الخوري - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية