(لم تعد الحياة تُطاق في دمشق).. جملة تخطر على بالِ كل من يحاول التجول في شوارع الشام، بعد أن قررت حواجز النظام اختصار مخططها العمراني، الذي صممه المهندس الفرنسي "إيكوشار" في ثلاثينيات القرن الماضي، إلى عدد محدد من الشوارع المُختارة وفقاً لراحة وسلامة أفرع الأمن.
شارع (آمرية الطيران) يؤكد كذب رواية النظام
لا يرى الدمشقيون الموالون منهم والمعارضون، من إغلاق الشوارع والمداخل الرئيسية، أي نتيجة باستثناء إرباك حركة السير وإزعاج المواطن وتعطيله، كون ذلك لم يحمِ مراكز الأمن.
ويدلل أحد الناشطين على وجهة النظر هذه، بقوله: إغلاق طريق آمرية الطيران، منذ عدة أشهر، لم يحمِ بناء الأركان من التفجيرات التي حدثت فيه مؤخراً.
ويبيّن الناشط: بدأ الأمن بتطبيق خطة بناء جدران عازلة حول كل فرع أمن، وإغلاق الطرق القريبة منه، بعد التفجير الذي حدث في القزاز بجانب فرع فلسطين، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن تسريبات موثقة أشارت إلى أن النظام هو من قام بالتفجير، نتأكد من أن خطة إغلاق الطرقات لا تهدف، إلا لجعل المواطنين يكرهون الثورة، فهي -وفقاً لرواية النظام- سببت كل هذا الإرباك المروري.
الشبيحة أولاً
يلاحظ المارون على أتوستراد المزة أن بعض السيارات لا تقف على الإشارات المرورية، متجاهلةً شرطي المرور المُحدق بها، ودون أن تكلف نفسها أعباء الاكتراث بالمارين.. أما إذا ما تجرأ أحدهم وسأل الشرطي عن هذه الفوضى، فسيكون التبرير: إنها سيارات أمنية، لديها مهمة مستعجلة.
ولأنه يحق لباصات وسيارات الشبيحة ما لا يحق لغيرها، فإن المواطن لم يعد يستغرب أن يجد الشارع الذي وصل إليه بشق الأنفس مقطوعاً بشكل مفاجئ، بسبب وقوف باص شبيحة في منتصفه كيفما اتفق.
الرمد أحسن من العمى
يحكي أبو سامر العامل في أفران المخابز الاحتياطية في المزة لـ"زمان الوصل" عن معاناة سكان دمشق، الذين كثيراً ما يضطرون للتنقل سيراً على الأقدام، مستغنين عن وسائل النقل، لأن شوارعهم مغلقة.. ويضيف: أما خيار الرمد بالنسبة للدمشقيين، فهو المرور في شارع بغداد أو شارع المعرض القديم.. أو أي شارع رئيسي تكرمت قوات النظام بعدم إغلاقه، مكتفية بملئه بالحواجز.. ويتابع أبو سامر: دمشق اليوم هي أقرب ما تكون إلى سجن كبير، فبعد أن كان سكان العاصمة يُباهون بدهائهم في انتقاء شوارع مُختصرة بين المنزل والعمل، فقد الدمشقيون القدرة على أن يرسم كل واحد منهم (شامه).. فالأمن حدد للسكان الأماكن المسموح لهم المرور بها.
لمى شماس - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية