لايزال قطاع غزة يعيش أوضاعا كارثية في ظل الحصار الخانق الذي تفرضه قوات الاحتلال الاسرائيلي على أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني مما عرض المئات من المرضى وخاصة الأطفال للموت بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن المستفيات.
وذكرت تقارير إخبارية ان الأوضاع في القطاع لم تتغير كثيرا رغم ما أعلنته اسرائيل من تزويد محطة الكهرباء الرئيسية في القطاع بالوقود اللازم لتشغيلها، الا ان الواقع أثبت خلاف ذلك. فحكومة الاحتلال برئاسة الارهابي ايهود اولمرت وكعادتها خدعت الجميع بهذا الاعلان حيث أكد الدكتور محمود الخزندار نائب رئيس جمعية أصحاب محطات البترول بقطاع غزة أن كمية الوقود التي أدخلتها إسرائيل اليوم للقطاع لا تكفي الحد الأدنى لاحتياجات الجمهور وتشغيل محطة توليد الكهرباء.
وقال الخزندار إن إسرائيل سمحت اليوم بإدخال 225ألف لتر من السولار الصناعي الذي تحتاجه محطة توليد الكهرباء، موضحا أن هذه الكمية لا تكفي لإعادة تشغيل المحطة فقط دون البدء بتوزيع الكهرباء للسكان.
وأضاف الخزندار أن الاحتلال أدخل أيضا 500 ألف لتر سولار عادي، في حين يحتاج القطاع أسبوعيا 2.5 مليون لتر بدون أن يتبقى مخزون لدى الشركات، بينما تم إدخال 120 طن من غاز المنازل، في حين يحتاج القطاع 350 ألف طن.
وقال نائب رئيس مجلس الإدارة للجمعية،"إن القرار الإسرائيلي يعتبر التفاف على القوانين الدولية والمعاهدات والاتفاقيات التي ترعى السكان تحت الاحتلال وتكريس لسياسة الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، حيث أن الكميات المفترضة من السولار لا تكفي للمستشفيات وأبار المياه ومحطات الصرف الصحي".
وأوضح الخزندار أن ما تم إدخاله من الوقود هو أربعة شاحنات لشركة الكهرباء أي بمعدل 180 ألف لتر في حين تحتاج الشركة إلى 350 ألف لتر أي أن الكمية لا تكفى لتشغيل المولدات في ظل وعود بإدخال مليون لتر، مشيرا الى أن الأزمة في قطاع غزة لا تزال قائمة، إذ أن كميات الوقود لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات القطاع.
الوضع كارثي وخطير
في هذه الأثناء، أكد النائب جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، على أن إدخال بعض كميات وقود للكهرباء والغاز والسولار، "لا يفي بالاحتياجات اللازمة، ولا يعني حلاً للأزمة أو بداية لحلها"، مشدداً على أن الوضع "ما زال خطيراً وكارثياً".
وشدد الخضري على أن الوضع ما زال خطيراً، وأن هذه الكميات المعلنة للدخول من قبل الاحتلال، مقلصة وغير كافية، ويجب أن لا نُخدع بكل ما يقال من إدخال وقود وغاز وسولار"، مؤكداً على أن الحل يكمن في إنهاء الحصار بالكامل.
وقال في مؤتمر صحفي عقده بغزة اليوم الثلاثاء: "الحصار أشمل من قضية الوقود، والكهرباء، فالحصار طال كل نواحي الحياة، وأثر عليها بشكل سلبي، والوضع الصحي متدهور".
وأضاف: "السولار الصناعي المخصص لمحطة توليد الكهرباء يومياً (500) ألف لتر، في حين أن المسموح الآن بالدخول (300) ألف لتر يومياً فقط"، مشدداً على أن توقف محطة توليد الكهرباء لفترة زمنية طويلة، يعني أن إعادة عملها من جديد يحتاج لمليون لتر من الوقود، لتبدأ العمل كبداية".
وأوضح "السولار الصناعي اللازم للقطاع كحد أدنى (400) ألف لتر، في حين أن المعروض اليوم للدخول (70) ألف لتر فقط، وأن حاجة القطاع للبنزين من (70) ألف إلى (100) ألف لتر كحد أدنى، لكن دولة الاحتلال قررت عدم إدخال أي كمية".
وبين الخضري أن احتياج القطاع من الغاز (350 ) طن، في حين أن المسموح مروره الآن من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني فقط (170) طن.
وأشار رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار إلى أن "هناك 1500 حالة مرضية تشكو وتنتظر أن تغادر القطاع للعلاج بالخارج، أو تسجل في عداد ضحايا الحصار الذين وصلوا أكثر من 75 حالة خلال سبعين يوماً، مع استمرار إغلاق المعابر بالكامل، وغياب 80 نوعاً من الدواء، وتقليص المستلزمات الطبية.
ودعا الخضري إلى تواصل التحرك العربي والإسلامي والدولي والجماهيري في كل مكان لإنهاء قضية الحصار وتجويع غزة، مبيناً أن اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار ستواصل فعاليتها، داعياً كل من نظم فعاليات خارجية في العالم، الاستمرار في الفعاليات تضامناً مع غزة، حتى تعود الحياة كما كانت بشكل طبيعي.
مواطنو غزة يتساءلون: ماذا نفعل وما هو الحل؟
نالت أزمة انقطاع الكهرباء من جميع مناحي الحياة في قطاع غزة، الوزارات والمؤسسات خاصة والمستشفيات والبلديات والصحافيين والبنوك والمحال التجارية والمسالخ والبرادات وكل المصانع.
مستشفى "الشفاء" في مدينة غزة وغرف العمليات فيها، تنتظر الكهرباء، والمرضى على الأسرة بلا علاج، وأخرجت جثث الموتى من الثلاجات إلى العراء. وحذر نائب مدير المستشفى جمعة السقا من أن انقطاع الكهرباء سيؤدي الى كارثة حقيقية في المشافي لعدم تمكنها من إجراء أي عملية جراحية، مشيراً الى أن حياة عشرات المرضى في أقسام العناية المركزة وغسيل الكلى، مهددة بسبب توقف معظم أجهزة هذه الأقسام عن العمل.
وأغلقت الأفران بسبب نفاذ الوقود اللازم لتشغيل الماكينات ونقص كميات الطحين وشح المياه.
ونقلت جريدة "المستقبل" اللبنانية عن المواطن الفلسطيني عمران محجوب قوله، إنه انتظر مدة ساعة على باب الفرن ليتمكن من الحصول على أكثر من ربطة خبز، خوفاً من أن تغلق باقي المخابز أبوابها.
وأكد الناطق باسم اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار رامي عبده أن معظم أفران القطاع توقفت عن العمل وأن كل الأفران المخابز ستغلق لعدة أسباب أهمها توقف مطاحن الدقيق عن العمل وعدم دخول أصناف من الدقيق الى القطاع، إضافة إلى أن المخابز تعتمد على الكهرباء والغاز الطبيعي للعمل.
الأسئلة كثيرة، كيف تعمل المحال ومتاجر اللحوم بلا كهرباء؟ كيف يتم ضخ المياه من الآبار الى المنازل؟ كيف تنتقل المياه الى خزانات المياه.
منذ الفجر، كان المسنة خضرة ابراهيم تحاول أن تطلب من جيرانها ملء وعاء من الماء لها، لأن خزاناتها فرغت ولم تجد الماء لتتوضأ به كي تصلي الفجر، وقالت "البرد قارس جداً ولا يوجد تدفئة ولا إضاءة، قمنا في ظلمة الليل نتخبط بالعتمة".
أما السيدة مها عواد فوقفت أمام ثلاجتها وهي ترى اللحوم قد فسدت وأخذت تضرب كفها على كفها الآخر وتقول "ماذا أفعل بها؟ هل أطبخها كلها، وأين غاز الطهي لطبخها؟ حسبنا الله ونعم الوكيل".
بشكل عام، الوضع في غزة على حافة الهاوية وربما يتحول الى كارثة كبرى، باعتبار أن القطاع أصبح منطقة منكوبة.
هل تفعلها مصر وتفتح معبر رفح لمنع حدوث كارثة؟
مسيرات عربية احتجاجا على قطع الكهرياء |
من ناحية أخرى، أكد عدد من الخبراء في الشأن الفلسطيني أن الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة وقطع الكهرباء عن القطاع يفرض علي مصر القيام بتحرك لمنع حدوث كارثة إنسانية ولحماية حدودها في الوقت نفسه.
وقال الدكتور عماد جاد، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن هناك قواعد واتفاقيات تحكم معبر رفح، مشيراً إلي أن مصر سبق وفتحته أكثر من مرة من طرف واحد لتمرير حجاج أو عالقين وذلك بالرغم من أن مصر تتعرض لنقد شديد، لكن وصول القطاع إلي كارثة إنسانية لا يصب في مصلحة مصر، وفي هذه الحالة يمكن أن تفتح مصر المعبر لتمرير مواد إغاثة إنسانية علي نحو يساعد سكان القطاع علي البقاء.
وحذر جاد من أن قطاع غزة لو وصل إلي شفا كارثة إنسانية من الممكن أن يندفع عشرات الآلاف من الفلسطينيين تجاه الحدود المصرية ومن مصلحة مصر ألا يحدث هذا.
ن جانبه، قال اللواء عبدالفتاح عمر وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب المصري، إنه من غير الممكن أن تلجأ مصر لفتح معبر رفح من جانب واحد، وقطعا القيادة السياسية لا تأخذ بالعواطف.
ونقلت جريدة "المصري اليوم" المستقلة عن عمر قوله، مصر لا تخون القضية الفلسطينية، وتحركات دبلوماسيتها تصب في مصلحة خدمة القضية الفلسطينية لكن الفلسطينيين أنفسهم هم من يقف كعائق أمام حل قضيتهم، وما يحدث بين فتح وحماس دليل علي ذلك.
أما فايز أبو حرب عضو مجلس الشعب عن دائرة رفح فقال إن أي توتر تصنعه إسرائيل داخل قطاع غزة سواء بقطع الإمدادات أو منع الحجاج ينعكس بالسلب علي الحدود المصرية ـ الفلسطينية، ويؤدي إلي نوع من التوتر علي الحدود لأن المواطن في غزة حين لا يجد حاجاته الأساسية لن يصبح أمامه سوي الاندفاع خارج الحدود.
ولفت أبوحرب إلي أن إسرائيل تريد وضع مصر في موقف حرج مع الفلسطينيين لأنه في حالة اندفاع الفلسطينيين نحو الحدود فستوضع مصر في موقف حرج، فإما أن تغلق الحدود بالقوة وتضرب الفلسطينيين، وإما أن تفتح الحدود وتنتقل المشكلة إلي أراضيها.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية