شيّعت بلدة "جرمانا" الشهيد الدكتور أسامة بركة أمس، الذي استشهد إثر تدهور حالته الصحية في معتقلات النظام السوري. ووفقاً للناشطين المشاركين في التشييع، لم يتمكن التواجد الأمني الكثيف من تكميم أفواه المشيعين عن الهتاف للشهيد، متجاوزين بذلك توصيات الشبيحة المندسين في موكب التشييع، والمطالبين بعدم وصف الدكتور بركة بـ "الشهيد"، حيث تعالت أصوات المشيعين وهي تقول :"الشهيد حبيب الله".
كما بيّن الناشطون أن أعداد المشيعين تجاوزت ثلاثة آلاف، وأن معظمهم كانوا من أهل جرمانا ذات الأغلبية الدرزية، مما يشير -حسب الناشطين- إلى فشل خطة النظام الهادفة إلى وضع الطائفة الدرزية في خانة الموليين لحكم الأسد، ذلك لأن المشيعين حمّلوا النظام مسؤولية "قتل" الشهيد بركة، فيما منع الشبيحة أصدقاء الشهيد من إلقاء كلمة باسمهم في مجلس العزاء، خوفاً من أن يفضح هؤلاء في كلمتهم ممارسات التعذيب التي طُبقت على الشهيد أثناء اعتقاله.
ويقول الناشط والمُشيع لؤي: مرت طقوس التشييع والدفن دون أن يتخللها أية عملية اعتقال، مما يدل على أن الأمن يحاول حتى اللحظة الأخيرة عدم استفزاز أهالي جرمانا.
والجدير بالذكر أن طبيب الأسنان الشهيد أسامة بركة من مواليد محافظة السويداء عام 1967، وهو مقيم في بلدة جرمانا.
واشتهر الشهيد بركة بتقديم الخدمات الطبية المجانية للعائلات النازحة من ريف دمشق إلى جرمانا، هذا بالإضافة إلى معالجته للكثير من مصابي درعا، بعد أن يتم نقلهم عن طريق التنسيقيات إلى جبال السويداء.
ويؤكد أصدقاء الشهيد أنه كان يعاني من أوجاع في كليته المزروعة، وأنه كان بحاجة ماسة للدواء الذي مُنع عنه في المعتقل، بالرغم من أن الدواء كان بحوزة الشهيد في لحظة اعتقاله، ولذلك يتهم أهل الفقيد النظام بالتسبب بقتله.
وفيما يلي كلمة أصدقاء الشهيد أسامة بركة التي تم منعهم من إلقائها في مجلس العزاء:
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرات المشايخ الأجلاء
أيها المأتم الكريم
ليست الأشجار وحدها تموت واقفة.. ها نحن في هذه اللحظات الحزينة نودع رجلاً مات واقفاً كي لا ننحني أبداً، كي لا ننكسر للذل والعبودية..
ها نحن في هذه اللحظات الحزينة نودع فقيدنا الغالي الدكتور أسامة بركة، الذي جسد في مسيرة حياته ومماته قيم الإنسانية والوطنية الحقة.
نودع اليوم رفيقاً وصديقاً عزيزاً وابناً باراً لبلده ولشعبه وللمكان الذي عاش فيه (جرمانا).
نودع طبيباً كانت عيادته عنواناً للطبيب الإنسان، للطبيب المسعف، للطبيب الوطني الذي قدم العلاج والدواء لمئات الأسر من مختلف مناطق سوريا، ووضع عيادته وخبرته في خدمة المرضى بلا مقابل، وحرص على حياة الآخرين أكثر مما حرص على حياته.
نشأ فقيدنا الدكتور أسامة بركة في أسرة كريمة وتربى على الصفات الحميدة ومكارم الأخلاق. ومنذ يفاعته حمل دائماً هم الوطن، وتمثل قيم العدالة والحرية والكرامة، انحاز إلى شعبه وبلده من أجل مستقبل أفضل لسوريا، وحلم بالانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية، دولة لكل السوريين.
تعرض الدكتور أسامة للاعتقال قبل نحو شهرين بغير وجه حق، وقطع عنه الدواء وهو في أمس الحاجة إليه بسبب مرضه، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية واستشهاده صبيحة يوم أمس الأول.
نسأل الله أن يتغمد شهيدنا برحمته، ونعاهد روحه الطاهرة بمواصلة درب قيمه النبيلة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
لمى شماس - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية