قصة شهيد*: علاء جمعة من نسمات الساحل إلى الحرية ثم الشهادة

عندما ينتقل المواطن العادي إلى العمل الإعلامي بناء على قناعات رسخت في ذهنه، وبعد ما شاهده من دمار وظلم قامت به قوات النظام الذي يحكمه، فإنك تراه مستعداً لإيصال صوت وصورة الحق بأيّ طريقة، ناسياً ومتناساً ما يمكن أن يلحق به من ضررٍ غالباً من ينتهي بفقدان حياته، خاصة وأنّ النظام السوري يعتبر الإعلاميين ومن يتعامل معهم أشد خطورة من آلاف المتظاهرين، لا سيما وأنّهم صلة الوصل بين الصورة الحقيقية لما يجري في سوريا والرأي العام الخارجي، الذي يحاول النظام تضليله، وعلاء عمر جمعة كان أحد هؤلاء الإعلاميين الشجعان الذين كانوا ضحية همجية النظام وعقليته الإجرامية.

 بدأ صاحب الـ 23 عاماً نشاطه الإعلامي مع بداية الثورة في قرية استربة، التي شهدت الكثير من المظاهرات التي عرّفت العالم على حي الرمل الجنوبي في اللاذقية، فقام بإيصال حراك أبناء منطقته السلمي إلى معظم الشبكات الإخبارية والمحطات الفضائية الباحثة عن حقيقة ما يجري على أرض الواقع.

ولأنّ أيّ ركن في سوريا مهدد بالدمار إذا ما طالب قاطنيه بحقوقهم الإنسانية، فكان مصير علاء التهجير قسراً بعد أن أنجز مهمته بتوثيق قيام آليات النظام بقصف حي الرمل الجنوبي، وإطلاق الرصاص العشوائي على المنازل الآمنة قبل اقتحامه، الأمر الذي أجبره على الهجرة إلى تركيا لفترةٍ وجيزة.

 الشاب الساحلي لن تنتهي مهمته هنا فأعاده واجبه الأخلاقي إلى الأراضي السورية سريعاً، ووثّق قصف الطيران العامودي لمنطقة عزاز التابعة لمحافظة حلب على الحدود التركية السورية، إضافة لإطلاق رصاص الجيش السوري على اللاجئين المتواجدين في مخيم كلّس بتركيا، كما ساهم بنقل معاناة اللاجئين خارج حدود الوطن.

 ويوم الأربعاء السابع من شهر تموز الماضي حقّق علاء ما تمناه وذكره مراراً بأنّه يرغب بأن يموت داخل حدود الوطن، فمات شهيداً بعد أن أطلقت قوات النظام العشرات من قذائف الهاون التي أودت بحياته وصديقيه غسان حجو وهاني ضهرو على الحدود السورية التركية، فدفن في تركيا في اليوم التالي بعد أن دمّرت قوات النظام الكاميرا التي كانت السلاح الذي شكّل قلقاً دائماً للنظام، إلا أنّ أصدقاءه حملوا سلاحه من بعده وعاهدوه بأن يستمروا على نفس نهجه، طالبين الحرية أو الشهادة.