ثوار حصنوا أنفسهم بـ"محكمة الثورة"... نزعة الإعدام الميداني تنتقل من "النظام" إلى "الحر"
لم تعد تقتصر نزعة القتل العشوائي على جنود النظام وشبيحته بل تعدتهم لتصل سلوكيات جنود "الحر" والمتطوعين في صفوفه، حيث أظهرت صور تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة مجموعة من الجنود النظاميين، كانوا قد قتلوا بعد أن قُيّدت أيدهم إلى الخلف، قام بقتلهم عناصر من الجيش الحر في حي هنانو بمحافظة حلب.
إن مثل هذه الأفعال لم تقتصر على حلب فقط، بل شملتها أعمال مشابهة في العديد من المحافظات، كمحافظة حمص، كما يؤكد الناشط "أبو سمير"، حيث أكد أن عمليات الإعدام الميدانية تتم بحق كل من يرتدي الزي العسكري النظامي بغض النظر عن أي اعتبار آخر، وقد أدلى بحجة الثوار هناك تقول: "إن كل من يريد الانشقاق يستطيع ذلك بسبب التنسيق مع الكثير من الضباط داخل المؤسسة العسكرية، وإن كل الجنود النظاميين باتوا على علم بثنايا وخفايا الصراع الدائر في البلاد مما يقيم عليهم الحجة وتطبق بحقهم أحكام الإعدام الميدانية في حال تم القبض عليهم".
وتبدو عمليات الإعدام التي تتم بحق جنود النظام وشبيحته في جبلي الأكراد والتركمان قليلة –ولكنها تحدث- فتكون بناء على حكم قضائي صادر عن "محكمة الثورة"، ولا تعتبر محاكمات ميدانية، لأنها تستند على تحقيقات واعترافات ينتج عنها أدلة (تدين، أو لا تدين) الأسير المقبوض عليه.
ولكن نقلاً عن ناشطين وثقوا بعض عمليات الإعدام الميدانية في جبلي الأكراد والتركمان قالوا إنها تتم بحق من ثبت عليه جرم قتل أو وشاية أو اغتصاب للنساء قبل أن يتم القبض عليه، ويقتل فوراً لحظة اعتقاله، كما أنها تتم بحق العسكريين بعد المعارك في حال شوهدوا يقتلون أو يأمرون بالقتل بشكل مباشر، إضافة إلى أنها تطبق بحق عناصر الشبيحة بسرعة وفي أي ظرف من الظروف، لأنهم حسب ما يصف الناشط "أبو عبد الرزاق" يحاربون مع النظام بملء إرادتهم الحرة وبكامل قواهم العقلية.
أسر أو إعدام
إن إحدى العمليات التي جرت الشهر الجاري تؤكد على حقيقة ما يقوله الناشطون، حيث تمت عملية تحرير منطقة برج القصب التي كانت المركز الرئيسي لعمليات القصف باتجاه قرى سلمى ودورين وغيرها من قرى جبل الأكراد، ففي هذه العملية تم قتل 50 جندياً نظامياً بينهم من تم إعدامه ميدانياً (تواردت أنباء عن إحراق جثثهم)، ولكن المقاتلين يؤكدون أن هذه الإعدامات لم تكن في حالة أسر بل كانت أثناء معركة ولا تنضوي تحت مسمى "الإعدام الميداني".
ويقول أحد المتطوعين بصفوف "الحر" إن كل من يتم أسره يحال إلى محكمة الثورة في الجبل، التي تصدر حكماً قاطعاً بعد ذلك، ولكن في نفس الوقت يعترف آخر بأنه قد تمت عمليات إعدام ميدانية بحق العديد من جنود النظام وأغلبهم من الشبيحة، لعدة أسباب منها السرعة في العمليات النوعية والرغبة في إحراز التقدم السريع على الأرض، والذي يمنع أحياناً من انتهاج سياسة التحقيق من خلال المحكمة لتستبدل بتحقيقات سريعة تعتمد بشكل كبير على شهادات "رفقاء السلاح" ويتم بعدها اتخاذ القرارات.
وإنه من اللافت للانتباه اختلاف الرأي في قضية العنف المقابل لعنف السلطة، فالبعض يقول يجب أن نرد بقسوة والبعض الآخر يقول يجب أن نكون القدوة، ويرجح الرأي الثاني على الأول ففي استطلاع رأي بسيط وجدتُ أغلب المقاتلين لا يقبلون إلا بالمحكمة الثورية كجسد يحق الحق وينبذ الباطل، ويرفض هؤلاء أي أعمال قتل بحق أشخاص رموا أسلحتهم وسلموا أنفسهم حتى ولو كانوا من أعتى المجرمين.
إن قضية الإعدامات الميدانية تعتبر من القضايا الشائكة والمعقدة، التي يصعب التأكد من صحتها، وإن إنكارها قضية سهلة في حال عدم وجود أي دليل، ولكن المؤكد في هذه القضية أن مجازر النظام استعصت على التوصيف (جرائم ضد الإنسانية – جرائم إبادة جماعية – جرائم حرب – إعدامات ميدانية.... إلخ)، وإن ما يتحمله الجيش الحر أمام العالم أكثر بكثير مما يتحمله بشار الأسد أمام الرأي العام العالمي.
إن مزحة بسيطة مع ابتسامة استغراب عريضة تدلل على معنى كبير قالها "أبو جمال" أحد مقاتلي الجيش الحر:
(علّ المجتمع يتدخل لحماية جنود النظام من جرائم الجيش الحر.........)
رعد اللاذقاني - اللاذقية - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية