يتفقد سكان بلدة الباب التي تعد قاعدة خلفية للمتمردين شمال مدينة حلب حيث تدور معارك بين الجيش السوري والمسلحين المعارضين، منازلهم السبت بعد ان شنت القوات السورية غارة جوية ادت الى مقتل 12 شخصا على الاقل في هذه البلدة.
يقول المهندس يوسف الواطي اثناء صعوده سلما كان داخليا ولكنه اصبح الان مفتوحا على السماء "لقد كان هذا منزلي. والان لم يتبق اي شيء".
ويمد له رجال الحي يد المساعدة اثناء بحثه بين الانقاض عما يمكن انقاذه من ملابس او فرش.
اما ام عمر، التي لها اربعة اطفال، فكانت ترافقها نحو عشر نساء من قريباتها لدعمها معنويا. نظرت ام عمر الى منزلها المدمر وقالت "لقد خسرنا كل شيء، كل شيء".
ومثل العديد من نساء البلدة، لجأت ام عمر الى المناطق الريفية بحثا عن الامان يوم الجمعة الذي اصبح اليوم الذي تخرج فيه التظاهرات وتسيل فيه الدماء في سوريا.
وتضيف متحدثة الى وكالة فرانس برس "ليس امامي من خيار سوى اللجوء عند اقاربي".
تبعد بلدة الباب نحو 30 كلم شمال شرق مدينة حلب التي تشهد اشتباكات ضارية بين القوات السورية النظامية والمسلحين المعارضين. كما انها قاعدة خلفية لمسلحي الجيش السوري الحر.
ويقول قادة المسلحين في الباب لفرانس برس ان نحو عشر كتائب تستخدم بلدة الباب كنقطة انطلاق لشن عمليات في حلب.
ورغم ان بعض السكان يقدرون عدد قتلى الغارة الجوية التي وقعت الجمعة وسوت العديد من المنازل بالارض بنحو عشرين قتيلا، الا ان طبيبا في احدى العيادات الرئيسية في البلدة قال السبت ان 12 شخصا قتلوا.
وذكر احد السكان قال ان اسمه ابراهيم "بالامس بعد صلاة (الجمعة) ظهرت الطائرة وبدأت بقصف المتظاهرين المسالمين عشوائيا".
وجاء الهجوم على البلدة التي يبلغ عدد سكانها نحو 80 الف نسمة عقب صلاة الجمعة فيما كان المصلون يخرجون من المساجد للتظاهر ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد.
وقال يوسف الواطي "بدأت الطائرة تحوم فوقنا وبعد ذلك بدأت باسقاط القنابل واحدة تلو اخرى"، مضيفا ان ثماني غارات جرت خلال عشر ساعات.
واضاف ان عشرات النساء والاطفال من حيه لجأوا الى طابق تحت الارض في مبنى سكني تقيم فيه اربع عائلات بمن فيها عائلته. واكد ان جميعهم نجوا.
وقال السكان ان ستة اشخاص قتلوا في غارة اخرى في اليوم ذاته، وكانوا يذكرون اسماء القتلى ويعدونهم على اصابعهم. وقدر بعضهم عدد القتلى بما يقارب العشرين.
الا ان الطبيب صرح لفرانس برس ان "12 شخصا قتلوا".
وتدل الاسقف المنهارة والاسلاك العارية والجدران المدمرة على الغارات الجوية التي نشرت الذعر بين سكان بلدة الباب. وتتناثر قطع الزجاج والانقاض في العديد من الشوارع التي تضيق ايضا بالحفر التي تجبر السيارات على تجنبها وتحويل طريقها.
وشاهد مراسلو فرانس برس على الاقل ستة مواقع مختلفة دمرتها التفجيرات هي اربعة مبان في ثلاث مناطق سكنية مختلفة، ومدرسة ومنطقة تسوق.
وقال العديد من السكان ان النظام يعاقب البلدة التي انقطعت عنها الكهرباء منذ ايام عدة، بسبب حريتها وكذلك بسبب المكاسب التي يحققها المتمردون في مدينة حلب.
وتساءل التاجر محمود علي وهو يحصي الدمار الذي لحق بمخزنه المليء باكياس ضخمة من العدس "هل هذا ما يسمونه عملية جراحية نوعية ضد الارهابيين؟".
وقال "الارهابي الوحيد هو بشار الاسد".
وانهى ساكن اخر الجملة قائلا ".. وطياروه الجبناء الذين لا يجرؤون على ان يخطوا خطوة في الشوارع".
الا ان العبارات الشجاعة هذه سرعان ما تتوارى ويحل محلها الخوف عندما يرصد السكان طائرة تحلق فوقهم على مسافة بعيدة لا تمكنهم من معرفة ما اذا كانت احدى مقاتلات الجيش.
ويصرخ عدد من الرجال "لا تتجمهروا، لا تتجمهروا"، فيما تتركز نظراتهم على البقعة الصغيرة المتحركة في السماء الى حين اختفائها.
يقول عمران، الشاب الذي اكتسى شعره الاسود بالغبار جراء بحثه بين الانقاض، انه لن تجري جنازات كبيرة في بلدة الباب لان الناس يخشون استهدافهم.
ويكمل "كل عائلة تدفن موتاها بهدوء لتجنب التجمهر".
وانسحب الجيش السوري من بلدة الباب في اواخر تموز/يوليو ما اتاح لمسلحي المعارضة السيطرة على مناطق شاسعة منها تمتد من مشارف حلب حتى الحدود التركية شمالا.
ولكن سيطرة الجيش الحر على تلك المنطقة هشة تهددها القوة المتفوقة للجيش السوري. ويقول سكان محافظة حلب ان اكثر الهجمات اثارة للرعب هي تلك التي يشنها الجيش السوري بطائرات ميغ المقاتلة والصواريخ.
ويقول عمران "الاسد غاضب فقط من حريتنا".
الفرنسية - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية