أن يُكتب لك الخروج حياً من تغطية الحرب الأميركية على أفغانستان والعراق، فهذا ليس كافياً للنجاة في سوريا، البلد الذي لم تتوقع الصحفية اليابانية ميكا ياموموتو أن يكون حجها المهني الأخير.
هذا هو حال ميكا الصحفية المخضرمة التي اختلطت دمائها بتراب سوريا بدلاً من تراب بلادها، حين قتلت يوم أمس الأول في حي سليمان الحلبي داخل مدينة حلب التي تشهد واحدة من أعنف هجمات النظام منذ أكثر من شهر.
وانضمت الصحفية اليابانية إلى ثلاث زملاء أجانب فقدوا أرواحهم على التراب السوري، فكانت مراسلة صنداي تايمز، الأمريكية ماري كولفن، والمصور الفرنسي ريمي اوشليك قد قتلا في حمص في شباط/ فبراير الماضي، وقبل ذلك بشهر قُتل الصحفي التلفزيوني الفرنسي جيل جاكييه خلال زيارة لحمص ضمن رحلة نظمتها الحكومة، وعشرات الصحفيين السوريين الشهداء، من صحفيين مواطنين ومحترفين.
من هي ميكا ؟
ولدت ياموموتو في مدينة تسورو التابعة لمحافظة ياماناشي اليابانية عام 1967، وقد ورثت مهنة الصحافة عن أبيها الذي كان يعمل مراسلاً لصحيفة "أساهي شينبون"، والتي تعتبر واحدة من أشهر خمس صحف في اليابان.
وبدأت مسيرتها المهنية كمخرجة تلفزيونية، ثم انضمت إلى وكالة "جابان برس" التي تهتم بأخبار الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا، وعملت لديها كمراسلة صحفية غطت فيها أحداث مشتعلة مثل الحرب في كوسوفو وأفغانستان 2001 والتحقت بتلفزيون "نيبون" لمواكبة الغزو الأميركي على العراق 2003، حيث نجت حينها من قصف مروحي طال فندق فلسطين في بغداد سقط على إثره صحفيان من وكالة "رويترز" ومذيعة إسبانية.
وعملت أيضاً كمدربة في كلية الصحافة التابعة لجامعة واسيدا، حيث كانت تركز محاضراتها على آثار الحروب على المدنيين ومهمة الصحفي خلالها وكيفية التعامل معها، ولكن يبدو أن كل هذه المحاضرات سقطت قواعدها في بلد اسمه سوريا، ظناً منها أنها قد غطت ما هو أخطر من الحرب الدائرة هناك، ولكنها حين أمّت البلاد الذي اندلعت ثورة شعبه في آذار/ مارس عام 2011 لم تكن تعلم ماذا ينتظرها، فتحولت من ناقل للخبر إلى الخبر نفسه.
دخلت ياماموتو وزميلها كازوتاكا ساتو مدينة حلب لتغطية المعارك هناك، و لقيت حتفها بجولة مع الجيش السوري الحر، حيث تعرضت لجروح بالغة نتيجة الاشتباكات مع قوات النظام، ووفقاً لما أفاده زميلها ساتو بقوله: "رأينا مجموعة مسلحة ترتدي زياً مموهاً تتقدم نحونا، كانوا جنود الحكومة، وبدؤوا لإطلاق النار بشكل عشوائي على بعد 20 أو 30 متراً فقط وربما أقل".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية