- لم يعد العدالة والتنمية "المقتدى الحزبي" ولم يعد أردوغان "الملهم الكاريزمي"
- بات أي كلام تركي موجه للسوريين كأي خبر يشيعه الإعلام السوري
- تركيا سهلت مؤخراً إدخال صواريخ مضادة للطائرات
- حجة بوش الإبن في حربه ضد العراق ستتجلى أختها قريباً في خطاب أوباما ضد بشار
في العشرين من الشهر الجاري صرح وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو بأن تركيا لا تستطيع استيعاب المزيد من اللاجئين السوريين في حال وصل عددهم في تركيا إلى مائة ألف.
ودعا إلى إقامة مناطق آمنة في سوريا لتكون مكاناً لاستيعاب اللاجئين، وذلك بغطاء من مجلس الأمن.
وكان إرشاد هرموزلو (مستشار الرئيس التركي عبد الله غل) وفي اتصال هاتفي مع إحدى القنوات التلفزيونية، أكد وصول عدد اللاجئين في تركيا إلى ما يقارب 70 ألف لاجئ.
إن هذا التصريح لم يستغربه الثوار في الشمال الغربي السوري، خصوصاً بعد أن انتقلت العمليات العسكرية فجأة إلى مدينة حلب المحاذية للحدود التركية، والتي تحتوي ثاني أكبر كثافة سكانية في سوريا بعد دمشق وريفها
إن الأسباب التي تدفع الأتراك للقول بذلك:
1- (ضغوط اللاجئين) فيرى الأتراك الأزمة السورية طويلة نسبياً ولا بد من الإشارة إلى العالم بأن تركيا لن تقوم باستقبال السوريين -المتوافدين بالمئات- مجاناً، خصوصاً وأن الأردن يعاني من عدد اللاجئين الكبير وتتخوف تركيا من تجربة مماثلة.
2- أعمال العنف ستصل حتماً إلى تركيا وهو ما تجلى على الأرض في تفجير حصل في جنوب تركيا أودى بحياة مدنيين، وهو ما يثير قلق "العدالة والتنمية"، فلا بد من إيصال رسالة واضحة إلى النظام السوري في أن الأمور لن تقتصر على التسهيل للحر بل وتغطيته سياسياً.
3- التعاطف التركي مع الشعب السوري "المسلم"، أضف إلى ذلك بأن الأتراك يعتبرون الشمال السوري مجالاً حيوياً لتركيا، خصوصاً منطقة جبل التركمان في محافظة اللاذقية والتي تعرضت في الأيام الماضية لعمليات قصف همجية بالطيران الحربي.
4- موقف الحليف الأمريكي الذي يحبذ حديثاً أي عمل يسرع في إسقاط النظام ويبعد الولايات المتحدة عن التفرد فيه، وهذا ما تجلى عملياً في المشاورات التركية الأمريكية حول إقامة منطقة حظر جوي.
5- المعارضة المسلحة ممثلة بالجيش الحر والتي استطاعت وعلى مدى شهر كامل الحفاظ على مواقعها في حلب وعلى تحقيق انتصارات كبيرة في أكثر من محافظة، كما أن الانشقاقات في الصفوف الأولى من النظام كل هذا دفع لتقوية الخطاب التركي.
ما الذي حدث على الأرض في الأيام الماضية:
أكد ناشطون في جبل التركمان بأن جنوداً أتراكاً توغلوا لعشرات الأمتار في الأرض السورية خلال الأيام الماضية ثم انسحبوا تدريجياً، وأكد مثلهم في جبل الأكراد بأن عناصر من المخابرات التركية راقبوا الثوار بشكل مباشر وعلى مدى أسابيع للتأكد من "سورية" الجبل وليس "كرديته"، وجدير بالذكر أن المخابرات التركية تأكدت بأنه لا يوجد كردي واحد في جبل الأكراد، وإنما هي تسمية لها أبعادها التاريخية، كما أن أنباءً شبه مؤكدة تقول بأن تركيا سهلت مؤخراً إدخال صواريخ مضادة للطائرات عبر حدودها.
كل هذا يدل على عملية تهيئة الأجواء الداخلية أمام خيار جدي وصعب يدور في أروقة السياسة الخارجية للدول المعنية بالملف السوري.
في أي جزء من الخارطة ستكون المنقطة الآمنة:
إن في الخطاب التركي تعبيراً أكثر من جلي "مناطق آمنة" وليس "منطقة آمنة"، أي أنها لن تقتصر ربما على الأراضي القريبة من الحدود التركية بل ستشمل الأراضي القريبة من الحدود الأردنية، وربما اللبنانية.
ولكن هذا التحليل ضعيف عندما يرجح الثوار أحد خيارين، الأول: منطقة آمنة مصغرة تشتمل على حلب وريفها وجزء من محافظة إدلب، والثاني: منطقة آمنة كبيرة تشتمل على حلب وريفها وإدلب وريفها الشمالي وريف اللاذقية الشمالي.
الداخل السوري من التصريح التركي:
بات أي كلام تركي موجه للسوريين كأي خبر يشيعه الإعلام السوري في الوسط المحيط بالسلطة، ولم يعد العدالة والتنمية "المقتدى الحزبي" ولم يعد أردوغان "الملهم الكاريزمي"، حيث أن الثقة قد انعدمت تقريباً في الخطاب التركي.
حتى أن البعض يصف تركيا بتصريحها الأخير بالجار البخيل، لاعتقادهم بأن هذا التصريح هو لإعلام اللاجئ السوري بأنه ضيف غير مرغوب فيه على الأراضي التركية.
إن الشعب السوري "يتمنى" من الخارج ولا يعول عليه في هذه المرحلة بعد الانتصارات التي حققها "الحر" في حلب ودمشق وعلى الأخص الدفع المعنوي الكبير بعد الإعلان عن بدء معركة تحرير حمص.
إن صفحات الأخبار التابعة للثورة لم تتلقى الخطاب التركي بجدية، ولكنها آثرت الصمت على التشهير به، ولكن كتائباً في "الحر" تأخذ هذا التصريح على محمل الجد ولكنها لا تعول عليه في الأسابيع القادمة إلا بعد نصر على الأرض يحرك العالم سريعاً نحو هذه الخطوة أو خطوة أفضل منها.
روسيا تسرع وأمريكا تصعد:
يعوق قيام المنطقة الآمنة الموقف الروسي الداعم للنظام السوري في مجلس الأمن والرافض لاستصدار أي قرار يصب في مصلحة المعارضة السورية، ومن الواضح أن روسيا تداركت المتغيرات المتسارعة بتصريح لوزير خارجيتها يقبل فيه بحكومة إنتقالية (بشروط) ولكنه لم يعلق على بقاء الأسد أو رحيله.
يبدو أن روسيا كإيران تعلم بأن "مؤامرةً تحاك لإقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا" على حد تعبير وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، ويبدو أن ميلاً روسياً لحل المعضلة السورية بات جلياً ليس فقط لأنها لمست جدية في التحرك الأمريكي هذه المرة، بل لأن النظام يخسر أركانه يوماً بعد يوم، وآخر ما خسره شخصية سورية رفيعة قضت في أحد المستشفيات الروسية وتم نقل الجثمان إلى سوريا.
وريثما تقترب الانتخابات الرئاسية في أمريكا يفاجئنا باراك أوباما بتهديده للنظام السوري بالتدخل العسكري، وعلى ما يبدو أن الأزمة السورية ستكون لعبة أوباما في الإنتخابات لكسب ود الرأي العام الأمريكي –الذي مل الوجه المسالم لأوباما- والرضا الإسرائيلي بعد أن أصبح الملف النووي الإيراني مرتبطاً بالحصيلة النهائية للأزمة السورية، ويقول متأمل "متألم" في العقد الماضي بأن حجة بوش الإبن في حربه ضد صدام حسين بخصوص السلاح النووي ستتجلى أختها قريباً في خطاب أوباما ضد بشار الأسد خصوصاً بعد تهديده بالتدخل العسكري المباشر في حال استخدم أو نقل السلاح الكيميائي، وقال: (نحن وجهنا رسالة إلى دول الجوار السوري بخطورة دخول هكذا نوع من الأسلحة إلى ساحة الصراع، لقد قلنا مراراً وتكراراً إن بشار الأسد فقد شرعيته.....الخ).
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية