لايمكن أن تمر في حدائق دمشق دون أن تصادفك عوائل النازحين، الذين ضاقت عليهم مدينة تحول معظم سكانها إلى فارين من بطش آلة النظام التي لا ترحم، وكذلك هو حال مدارس دمشق وبعض ريفها الممتلئة بمدنيين دك القصف بيوتهم، فبعد أن امتلأت منازل الدمشقيين بجيرانهم المنكوبين فُتحت لهم المدارس واستقبلتهم الحدائق، غير أن تردي الظروف الاقتصادية وتحول العاصمة إلى مدينة حزينة حداداً على شهدائها، لم يمنع من محاولة ادخال القليل من الفرح إلى قلوب الأطفال المنكوبين الذين عُلقت طفولتهم على سبطانات دبابات الأسد بعد أن يتمت بعضهم وشردت آخرين بحسب وصف نشطاء، ومن أجل ذلك ضم شباب "تنسيقيات الأحياء الدمشقية" وغيرهم من المتطوعين، الأطفال النازحين في قوائم حُددت فيها أعمارهم وأجناسهم، وتم شراء قطعة ثياب واحدة على الأقل لكل طفل..
عيدية ودمعة
وتراوحت "العيدية" بين المدارس وفقاً للقدرات المادية لسكان المنطقة الموجودين حولها، فأطفال مدرسة "أم الفضل" في حي الشاغور مثلاً، حصلوا على ثياب وألعاب للعيد، وتأمن للمقيمين في المدرسة غداء يوم ستطبخ فيه النساء في مطبخ أحد المطاعم الموجودة في دمشق القديمة، تبرع به صاحب المطعم للنازحين، أما أطفال الريف في دوما و زملكا وغيرهما فإن نصيبهم من المساعدات كان أقل حظاً، حيث لم يتأمن لكل طفل سوى قطعة واحدة من الملابس الجديدة، وذلك نظراً لأن معاناة سكان الريف أصعب بكثير مما يقاسيه الدمشقون في يومياتهم، بالإضافة إلى أن التنقل بين الريف والمدينة بات بغاية الخطورة نظراً لتعدد الحواجز الأمنية الموجودة على أبواب البلدات الريفية.
ومن أكثر الصعوبات التي يواجهها الشباب المشاركين في حملات المساعدة التي كثرت مع اقتراب العيد هي مضايقات رجال الأمن، الذين لا يُستغرب تواجدهم المفاجئ في المدارس، أو توقيفهم لأحد المتطوعين بشكل عشوائي يتبع لمزاجيتهم، ناهيك عن محاولات النهب التي يلعبها الشبيحة من خلال ادعائهم أنهم ينظمون حملة مساعدات، ويجبرون من يجدونه في طريقهم على التبرع عبرها.
أمن العوائل
ومن جهة أخرى يزداد التخوف على أمن العوائل المتواجدة في الحدائق مع ارتفاع وتيرة الاشتباكات التي تجري في مركز المدينة كل يوم، خاصة أنه تسرب خبر من مصدر مسؤول في النظام، بأن قوات النظام ستغلق جميع منافذ الريف إلى دمشق خلال أيام العيد، لأنها تحضر لحملات دهم كبيرة على الأحياء الشامية الثائرة بحسب نشطاء، لذلك سُيمنع مرور أهل الريف إليها خشيةً من مؤازرتهم للدمشقيين، كما يمكن من خلال ملاحظة الانتشار الكثيف لحواجز الشبيحة في يوم "الوقفة" التنبئ بأن أيام العيد ستكون عصيبة على دمشق.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية