فرَّ جهاد كسيبي من مدينة حمص شهر أيار/ مايو عام 2012 مع
عائلته بعد تعرضهم للهجوم، ويقول إن إخوته تعرضوا للتعذيب في السجون السورية،
وربما يكون قد قتل أحدهم، "أما نحن فإذا عدنا فمؤكد أننا سنقتل".
جهاد (32 عاماً) هرب من بلاده
مع زوجته وطفليه بعد تَهدّم منزله والحي الذي يقيم فيه في مدينة حمص، ويروي
أهوالاً مروا بها قبل مغادرة البلاد، حيث كانت القوات النظامية تقصف بعنف المنطقة التي يسكنها، وهو يقول أنه إذا عاد إلى سوريا، سيتم قتله على أيدي
قوات الأمن في البلاد.
الرجل الثلاثيني متزوج من
البرازيلية جاننوريا آندريسا اوليفيرا (26 عاماً)، وهو سوري يعيش في شقة اشتراها من جيران سابقين له في البرازيل "معظم القادمين من حمص يعيشون في هذا الحي في ساو
باولو ".
عاش الزوجان في حي الإنشاءات، المتاخم لحي بابا عمرو وهو من الطبقة الوسطى، كان يعيش حياة هادئة قبل اندلاع النزاع وفقاً لروايته.
ويقول إن الجنود الذين دخلوا بيته وقاموا بحرقه لأنه وجدوا صورة لأحد الأطفال المعارضين للنظام "حرقوا كل ما في المنزل".
شهد جهاد أعنف هجوم على حمص في شباط/ فبراير الماضي وقد أختبئت النساء في الملاجئ.
اتصل جهاد بالسفارة البرازيلية في دمشق وأكدت له أنا سوف ترسل مساعدة بعد أن طلبوا التحدث مع آندريسا التي كانت في الملجأ. "تحدثوا معنا لأكثر من 20 دقيقة وبعد أن سألوا عن العنوان، قالوا إنهم سوف يرسلون سيارة لإخراجنا، لكنهم انقطعوا عن الاتصال بنا لمدة سبعة أيام.
وقبل مغادرته بيوم واحد، انفجرت قنبلتان في الجانبين الأيمن والأيسر من المنزل، ودُمّرت شقته في كلا الجانبين.
"وصلتنا سيارتين وصعدنا بها أنا وعائلتي (أمي وأخواي) لكن في الطريق إلى دمشق أُلقي القبض على أخوتي من قبل الجيش كما تعرضت أمي للضرب قبل أن تعتقل أيضاً".
أقام جهاد مع زوجته وولديه لدى وصوله الى دمشق في أحد الفنادق مدة 15 يوماً بانتظار التحرك الدبلوماسي لمحاولة إطلاق سراح الأخوة.
آلمني أن تهان زوجتي الأجنبية من أبناء وطني.
جهاد طلب مزيداً من الوقت لاسترداد بعض الأشياء من بيته في حمص "لم يكن
لدي المال، لكن هناك بعض الأشياء كنت أود استردادها كما أن زوجتي كانت ترغب
بالعودة".
وكانت واحدة من أكثر اللحظات
توتراً للزوجين، عند عودتهما إلى شقتهما القديمة في حمص، إذ وجدا
المبنى شبه مدمر، "دمروا وسرقوا كل شيء، بالكاد
استردينا بعض الملابس"، ويضيف رب الأسرة النازح. "إنه عندما ركبنا السيارة من جديد أوقفنا حاجز جيش وطلبوا البطاقات
الشخصية وزوجتي لم يكن جواز سفرها في حوزتها فتعرضت للنهر والتعنيف، آلمني كثيراً
أن تهان زوجتي الأجنبية من أبناء وطني، كنت خائف جداً لأن البندقية كانت بأيديهم
وكان يمكن أن يطلقوا النار علينا في أي لحظة".
عاد جهاد وعائلته إلى دمشق وتم إرسال الزوجة والولدين إلى البرازيل، وبقي هو
في محاولة أخيرة لمعرفة مصير الأخوين.
ونجع في مساعيه مع أخ واحد بعد أن دفع رشاوي وتنقل من سجن لآخر، "لقد
عانى أخي من أسوأ أنواع التعذيب، لا يمكنك تخيل ذلك"، قبل أن يغادر لاجئاً
إلى البرازيل.
ويقول علي كسيبي شقيق جهاد الذي جرح حديثاً من السجن إنه كان في بعض
الأحيان يبقى مكبل اليدين لمدة تصل إلى ست ساعات والأسلاك تنهال على جسده الرطب.
كما شملت أشكال أخرى من
التعذيب كالضرب ونقص الغذاء والزنزانة المكتظة.
حكومة وحشية
وجاء في آخر الأخبار التي
تلقاها جهاد أن أمه وشقيقه الآخر على قيد الحياة، لكن لا يعرف مكانهما بالضبط. أما أعمامه وأبناء عمومته فهم يحاولون الفرار من البلاد إلى الدول المجاورة، وقد
نجح بذلك البعض، فيما آخرون قضوا نحبهم، يقول جهاد أنا أعرف البعض ممن جاء إلى
البرازيل".
يقول جهاد أن بشار الأسد على رأس حكومة وحشية وديكتاتورية في رأي السوريين: "لم يكن لدينا الحق في الكلام سابقاً، أما
اليوم فنحن نقول له لا، وهو يقتل كل من يقول عكس رأيه، لا يهم أن يهدم منزل فوق
قاطنيه بالأسلحة الثقيلة وربما بالأسلحة الكيمائية بعد فترة".
جهاد يحلم ببلد ديمقراطي حيث
يمكن للجميع التصويت وانتخاب القادة، لكنه لا يعتقد أن هذا يمكن أن
يحدث مع الحكومة الحالية في السلطة.

عاد إلى وطنه ثم عاد إلى المهجر
التقى الزوجان قبل سبع سنوات في البرازيل، في حي بوم ريتيرو، في وسط مدينة ساو
باولو، أثناء إقامته في البلاد من سوريا. كانوا يعيشون في عاصمة الولاية حتى عام 2008، لكن جهاد أخذ زوجته لزيارة مسقط
رأسه. فقرروا الانتقال إلى حمص،
حيث كانوا يعيشون لمدة أربع سنوات.
في الأشهر الأولى من الصراع في
سوريا، جهاد يتذكر هجوم على مبنى قريب في منطقتهم . "كانت هناك ضوضاء عالية وذهبنا إلى منزل والدتي.أسقطوا صاروخاً على باب مبنى مجاور، سقط جدار بأكمله، تركت
زوجتي مع والدتي وعدت إلى الشقة.
مع مرور الوقت، في بداية عام
2012، بدأت الهجمات تزداد شدةً أدخل جهاد زوجته وأمه إلى الملجأ لكن الرجال تركوا
منازلهم لمساعدة الناس.
"لا يمكن أن نسمع صراخ الجيران يطلبون النجدة
ونحن جالسين هو شعور سيء للغاية آلاف الرجال تعرضوا للأخطار لأنهم رفضوا الاختباء،
كنا نحاول إنقاذ الناس في الحي".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية