أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

يرأسها قاض ومستشارين عسكريين ومدنيين... "محاكم ثورية" تتشكل في جبل الأكراد

يروي مراسل "زمان الوصل" رعد اللاذقاني تجربته في جبل الأكراد التابعة لمحافظة اللاذقية، تجربة لم يكتب عنها أبداً ولم تسطرها حتى صفحات "الفيس بوك" الثورية..

يكتب المراسل ماشاهد وسمع وأحس وهو في حضرة "المحاكم الثورية"، في ظل وضع قضائي صعب تعيشه الأراضي السوري، سواءٌ تلك التي تحت سيطرة النظام، أو الجيش الحر وبقية فصائل المعارضة..

يقول رعد:

شهدت الثورة السورية مخاضاً عسيراً للوصول إلى هياكل مؤسساتية ثورية تمثلها والثوارَ في الداخل والخارج، فلم تكن ولادة المجلس الوطني إلا تحصيل حاصل كما يصفه ثوار الداخل، ولم يكن الإعلان عن المجلس العسكري للجيش الحر إلا ضرورة حتمية لإذابة خلافات القيادات العسكرية المنشقة، وكذلك الحال عند هيئة التنسيق الوطنية التي لم تكن أفضل حالاً من سابقاتها فيصفها أحد الثوار في الساحل بأنها "الملاذ الآمن للفارين من العطالة السياسية".

إن الواقع المرير الذي تعيشه ثورة الأحرار أثبت حتمية الاعتماد على الذات، لخلق واقع موائم يرمي لمستقبل يختفي فيه الظلم وتذوب فيه الصراعات.

ولطالما أذهلتنا إبداعات الثائرين وأدهشتنا أفكارهم في كل جزء من أرض سورية، ثار الثائرون على الظلم فثاروا على النظام الذي جسد الظلم بكل أوجهه وأشكاله، بمحاكمه وقضاته وقوانينه وحتى دستور عصابته، وما لبث الواقع أن أفرز متطلبات جديدة تحتاج لمؤسسات مستحدثة.

ومن تلك ما وَجدتُ فيها معلماً تفخر به الثورة السورية، تلك المؤسسة التي أذهلتني، وجعلت في بضع ساعات من حياتي مدرسةً أتعلم فيها قصة (المحكمة الثورية).

ما هي المحكمة الثورية:

المحكمة الثورية: مؤسسة قضائية بسيطة تعمل على إقامة العدل ونبذ الظلم باعتمادها على مصارد التشريع المختلفة وخصوصاً الشريعة الإسلامية.

يقوم على رأسها قاض وعدة مستشارين -في أغلب الأحيان- عسكريين ومدنيين "رجال قانون ورجال دين" يعملون مع القاضي على جمع الدلائل والإلمام بجوانب القضية المعروضة أمامهم، وهي محاكم ثورية تستمد شرعيتها وقوة إلزامها القانوني من الثورة، توجد في المناطق المحررة حصراً، أحكامها سريعة ملزمة غير قابلة للطعن، لذلك فهي أشبه ما تكون للمحاكم الميدانية.

تحاكم العسكريين والمدنيين في الجرائم العسكرية والمدنية، وتناط بها مهمة الحفاظ على حقوق الأفراد والحفاظ على ملكياتهم وأرواحهم، وفي بعض الأحيان تتوسع مهامها إلى إدارة كل الأمور المنظمة للحياة في المنطقة المحررة.

ما هو سبب إنشائها:

يقول الثوار: أوجدتها الضرورة الناجمة عن سيطرة الجيش الحر على المدن والأحياء والبلدات والقرى، وعن عمليات أسر عملاء النظام وعناصر جيشه وأمنه.

أحكامها في الأسرى:

تتعدد أحكامها وتتنوع ما بين (الإعدام-  إطلاق السراح بشرط- إطلاق السراح من دون شرط) 

الإعدام: يعدم كل من يثبت بحقه جرم (القتل العمد)، أو اغتصاب الحرائر، أو الوشاية بالثوار.

إطلاق السراح بشرط:  يطلق سراحه بشرط كل من لم تتلطخ أيديه بالدماء، ويتعهد بعدم الالتحاق مجددا بصفوف كتائب الاسد، ويكون بشرط لأنه يقوم على فدية معينة أو عملية تبادل أسرى.

إطلاق السراح من دون شرط: يطلق سراحه من دون شرط كل من حاول الإنشقاق ولم يستطع، ووقع أسيراً لدى الجيش الحر،  فيطلق سراحه وله كامل الحرية في الالتحاق بالجيش الحر أو اللجوء آمناً إلى البلد الذي يختاره.

لا تعتمد هذه المحكمة في إطلاق أحكامها أو أسلوب تحقيقها معياراً طائفياً على الإطلاق كما يقول الثوار، فهي تعاقب المسيء أياً كان جنسه أو دينه أو لونه أو عرقه أو قوميته، ويجمع الثوار على إطلاق اسم "المحاكم الثورية الوطنية" عليها.

تنفيذ الأحكام:

تناط عملية تنفيذ الأحكام بعناصر من الجيش الحر الموكلة إليهم هذه المهمة من قبل القيادة العسكرية.

اختصاصاتها العامة:

تقوم هذه المحاكم بالنظر بكل الإشكاليات المعروضة أمامها في المدينة أو القرية وتطلق الأحكام الملزمة للأفراد والجماعات على حد سواء.

كما يتوقع الثوار في جبل الأكراد أن تنتشر هذه المحاكم لتشمل كافة الأراضي السورية المحررة قريباً، لكونها حققت نجاحاً كبيراً في ريف اللاذقية المحرر.

قد ترجح فئة من المراقبين الميدانيين إطلاق اسم المحاكم "الشرعية الثورية" عليها كونها تعتمد الشريعة الإسلامية كمرجع أساسي، ولكن الثوار يفضلون تسميتها المحاكم "الثورية الوطنية".

تصدف الأحداث الطريفة في جلساتها أحياناً، فمن الطُّرف التي قصّها علي أحد عناصر الجيش الحر أنهم قد قبضوا على ثلاثة عناصر من الجيش النظامي على أحد الحواجز، فأخذوهم إلى التحقيق وعزلوهم في غرف مغلقة حتى فرغوا لهم..... بدأوا بالتحقيق الطريف، نادوا على المجند الأول وبدأوا  بالأسئلة: ( مااسمك؟ ما اختصاصك؟.......إلخ ) فأجاب، ثم نادوا على الآخر فأجاب، ثم نادوا على الثالث فجاء رافعاً رأسه وقال: (يللا ما خلص هالمسلسل، بدكن تجربوا فينا جربوا، بس لا تقولولنا جيش حر لأنو غير .؟..؟..؟.. ما بيقنعني إنو فيه جيش حر) ضحك الثوار منه ولم يحققوا معه، وفي الصباح التالي أخذوه إلى المحكمة الثورية، ليسأله القاضي: ألم تصدق أنك بين يدي الجيش الحر؟

أجاب العسكري: في البداية لم أصدق ذلك، ظننت أنكم من الجيش النظامي وتحاولون اختبارنا، ولكن بما أنكم لم تضربوني ولم تعذبوني فأنتم حتماً لستم من الجيش النظامي.

جبل الأكراد - اللاذقية - زمان الوصل
(92)    هل أعجبتك المقالة (101)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي