أكدت مصادر اقتصادية سوريا أن عدداً من رجال الأعمال السوريين فككوا معاملهم في البلاد ونقلوها إلى دول عربية أخرى خوفاً من خسارتها فيما لو استمر العنف قائماً في سوريا، وأشارت المصادر إلى أن أكثر من 70% من كبار رجال المال والأعمال غادروا وعائلاتهم سوريا وشرع بعضهم بتأسيس أعمال بديلة في الخارج.
وقالت المصادر لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء "رجال الأعمال عموماً قادرون على استقراء الراهن والمستقبل، ومنذ نهاية العام الماضي شعر بعض الصناعيين بخطورة الوضع على استثماراتهم في سوريا وقاموا بتفكيك مصانع كبيرة لهم ونقلوها إلى دول خليجية، كما غادر البلاد نحو 70% من كبار رجال المال والأعمال مع أسرهم وتوجّهوا خاصة إلى الإمارات والولايات المتحدة وكندا وأوروبا". وأفادت بأن "بعض المصانع التي تم تفكيكها تقدّر بعشرات ملايين الدولارات، وهي عموماً مصانع تحويلية وهندسية"
وتؤكد تقارير أن الأزمة المستمرة في سوريا منذ ستة عشر شهراً أدت إلى إغلاق عشرات المصانع والشركات، ومئات الورشات الأصغر وخاصة المنتجة للمواد غير الأساسية، وإلى تدمير آلاف المحال التجارية، كما واجه الصناعيون صعوبات في استيراد المواد الأولية وفي تصدير منتجاتهم، كما أوقفت الشركات الحكومية كافة مشاريعها الاستثمارية
وتشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي في سوريا تراجع خلال السنة الأخيرة من 3.2% إيجاباً إلى 4% سلباً، وارتفعت نسبة التضخم من 4.4% إلى 6.6%، كما تراجعت الصادرات السورية للخارج أكثر من 50%
ووفق تقديرات، فقد نحو ربع مليون سوري وظائفهم خلال السنة الأخيرة، وارتفعت البطالة إلى نحو 40% من قوة العمل، وتراجع الإنتاج الزراعي بنسبة 20%، ويعاني الفلاحون من عدم توافر الأسمدة وارتفاع أسعارها بسبب العقوبات وتقييد السلطات الأمنية عملية بيعها خوفاً من استخدامها كمواد متفجرة. وانخفضت قيمة العملة السورية بمعدل 50% خلال عام، كما ارتفعت الأسعار بمعدل 50% كحد أدنى، وتراجعت الودائع في البنوك السورية بنسبة 50%، وفقد مؤشر البورصة في دمشق نحو 80% من قيمته وتداولاته، وتوقفت البنوك عن تمويل عمليات الاستيراد، ولم يعد بالإمكان تحويل قيمة المستورات السورية عبر مصارف دولية، وأنفقت الحكومة السورية عدة مليارات من الدولارات من رصيدها لدعم عملتها
إلى ذلك تراجعت السياحة في سوريا بأكثر من 98% بعدما كانت توفر دخلاً يقرب من 6 مليارات دولار سنوياً لنحو 2 مليون شخص يعمل فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، وتوقفت تجارة الترانزيت من دول الجوار بشكل كلي. كما خفضت سوريا إنتاج النفط إلى الحد الأدنى وأغلقت بعض الآبار المُنتجة، ما يعني خسائر تفوق 3 مليار دولار سنوياً، وتقول مصادر سياسية أوربية إن احتياطيات سوريا من النقد الأجنبي تراجع من نحو 17 مليار دولار إلى نحو 8.5 مليار
وفرض الاتحاد الأوروبي مؤخرا عقوبات جديدة على النظام السوري ورجالاته بهدف إضعافه وقطع موارد تمويل حملته العسكرية التي يشنها على معارضيه المطالبين بإسقاطه، وشملت هذه العقوبات أكثر من 200 مسؤولاً بما فيهم الرئيس وعدد من أفراد أسرته ومعاونيه وأكثر من 40 هيئة ومؤسسة لها علاقة بالنظام. وكذلك فعلت الولايات المتحدة وكندا وسويسرا وأستراليا وغيرها، وقلّصت الدول العربية وتركيا تعاملات مع سوريا إلى الحد الأدنى، وحتى المنظمات الدولية أوقفت مساعدتها ومعوناتها للحكومة، وكل ذلك ساعد على سرعة تدهور الأوضاع الاقتصادية
شملت العقوبات الغربية حظر تصدير السلاح إلى سوريا ومراقبته، ووقف كل عمليات شراء واستيراد ونقل النفط ومشتقاته ووقف كل الضمانات المالية المرافقة لذلك، ومنعت الشركات الأوروبية والأمريكية من القيام باستثمارات جديدة في قطاع النفط في سوريا، كما منعت طبع الأوراق النقدية السورية في الاتحاد الأوروبي، وأوقفت كافة المساعدات الاستثمارية والتنموية والتدريبية
وطالت العقوبات شركات الهاتف المحمول وشركات قابضة يملكها أقرباء للرئيس السوري، ووسائل إعلام وأقنية تلفزيونية يملكها مقربون من شقيقه، والمؤسسة العامة للنفط، والمصرف التجاري السوري الحكومي، وشركات وهيئات ذات صلة بالجيش السوري.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية