بعد أن فقدت روسيا الأمل في قدرة الأسد وكتائبه السيطرة على الثورة السورية، لجأت إلى استلاب زمام المبادرة من الغرب في محاولة لفرض حل بنكهة روسية على العالم، وقبل ذلك على الثوار، وقد اعتمدت في ذلك على ثلاث مرتكزات:
المرتكز الأول : تمثل في ايجاد مجموعة اتصال دولية تقابل ما يسمى مجموعة اصدقاء الشعب السوري؛ تسعى من خلالها الى اشراك دول فاعلة في القضية السورية تشاركها وجهة نظرها كايران والعراق ودول ما يسمى اليوم بالبريكس،
كونها ذات فعالية عالية من حيث التأثير العالمي والاقليمي، وتعتمد بالمقابل سياسة الايحاء بالتخلي عن الأسد في سبيل جذب الدول الأخرى الى هذا الاجتماع ، ولكنها بنفس الوقت ترفض التخلي عنه مسبقا ، لذلك ترى التصريحات المتناقضة لوزير الخارجية الروسي، وسعيه الدؤوب الى تكذيب كل ما يصدر عن الدول الغربية في هذا الاطار، لأن الفرق الجوهري بين وجهة نظر الغرب ووجهة نظر روسيا ، أن الغرب يريد أن يجتمع للحديث عن مرحلة ما بعد الأسد ، والعمل على وضع الترتيبات التي تضمن أمن المنطقة وخاصة دولة اسرائيل، بينما روسيا تريد وضع ترتيبات أمنية تفرض على طرفي النزاع في سورية والأصح ترتيبات أمنية تفرض على المعارضة لاجبارها على التفاوض مع العصابة لفرض رؤية معينة تشكل حل للمعضلة السورية، وهذا ما ترفضه كل من المعارضة والغرب ، لذلك هي توحي للغرب أن روسيا ليس لديها مانع من مغادرة الأسد للحكم اذا ارتأى الشعب السوري ذلك ، ولكن بعد فرض الحل الأمني ، أي بعد سحب ورقة الثورة من الثوار وفرض الحل الأمني على المواطنين الثائرين، وطبعا بمساعدة كل تلك الدول التي تستدرجهم الى ذلك الاجتماع.
المرتكز الآخر: الذي تلجأ إليه روسيا هو تقوية العصابة الحاكمة من خلال دعمها بالأسلحة الحديثة ووسائل الاتصال والتجسس التي تمكن كتائب الأسد من القضاء على نشطاء الثورة السورية، و لا مانع لديها من الدخول مباشرة بالعمليات القتالية أو الاستعانة بدول محور ما يسمى الممانعة . وهذا ما لاحظناه جليا منذ بداية الثورة ، ولكن برز بصورة أكثر وضوحا في الأسابيع الأخيرة ، من خلال صفقتي الطائرات المروحية المتطورة والتي يقودها طيارون روس، و أجهزة التجسس على شبكة الأنترنت التي تم تطبيقها مؤخرا .
المرتكز الثالث: التي تحاول من خلاله روسيا التغلب على معضلة المعارضة هو جذب المعارضين من أعضاء الحزب الشيوعي السوري ، أو قيادات هيئة التنسيق في الداخل والخارج الذين باعوا ولائهم لأطراف خارجية، ومحاولة اغرائهم بمناصب قيادية في الدولة القادمة ، لكنها لم تنجح حتى الآن من جذب سوى فئة قليلة لا يمكن تسويقها لا داخليا ولا خارجيا، وبالتالي فهي تتشدد في الحل الأمني والدبلوماسي ريثما تستطيع تحقيق اختراق مؤثر في المرتكز الثالث .
وطبعا الغرب يدرك الاستراتيجية التي تعمل عليها روسيا في سبيل تحقيق أهدافها في حل القضية السورية على طريقتها ، لذلك هم يعملون كما أكدت فرنسا امس على ايجاد آليه من خلال مجلس الامن لتنفيذ القرار رقم 2043 المتعلق بتطبيق خطة كوفي انان بنقاطها الست.
والنظر في الخطوه التالية لوضع حد للقمع المستمر في سوريا.
وكيفية زيادة الضغط الدولي على السلطات السورية من خلال وضع خطة عنان تحت شروط تتضمن مزيدا من العقوبات (تحت الفصل السابع)، .
و هذا الأمر كما ورد على لسان وزير الخارجية الفرنسي ورد ايضا على لسان وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ امس في العاصمة الأفغانية كابول بعد لقاءه نظيره الروسي سيرغي لافروف حيث ابدى موافقته المبدئية على اقتراح موسكو لعقد مؤتمر بشأن سوريا شرط التوصل من خلاله الى فرض خطة كوفي انان بشكل فاعل ميدانيا ووضع خارطة طريق لعملية نقل السلطة في سوريا.
و الغرب يريد كل ذلك بعيدا عن مشاركة ايران في مثل هذا الاجتماع لأنها غير مقبولة من قبلهم ومن قبل المعارضة".
وطبعا روسيا في سعيها لفرض حل على طريقتها، ترفض تخليها عن آخر موقع لها في الشرق الأوسط، لذلك نراها تقدم أحدث الطيران بطواقمها وسلاحها ؛ للدرجة التي جعلت الطاغية يمهل الثورة 48 ساعة وإلآ .... !.
فالغباء لا يقتصر على طاغيتنا ؛ وانما يتجاوزه ليشمل تلك الدول التي تبتزه لتحقيق أهداف أخرى على حساب دماء الشعب السوري، لذلك العالم كله يدرك الحقيقة الكامنة وراء تفكك الاتحاد السوفيتي !!!!!.
ونقول له كما قال فيصل القاسم " روسيا تطلب من الثوار أن يكون الحل على الطريقة الروسية ، والثوار يريدون أن تكون نهاية روسيا على الطريقة الأفغانية" ، فمن هو الذي سيفرض الحل على طريقته في النهاية روسيا أم الشعب السوري الثائر؟ ".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية