غيب الموت فجر اليوم عميد الصحافة النائب والوزير والسفير السابق غسان تويني عن 86 عاما. وسيعلن لاحقا مراسيم الدفن.
لقب غسان تويني الذي توفي اليوم الجمعة عن 86 عاما ب"عملاق الصحافة العربية".
وغالبا ما فضل غسان تويني الصحافة على السياسة التي اتقنها وتميز فيها بتجرده وترفعه عن المصالح الخاصة الصغيرة.
مناضل كان غسان تويني لم ترحمه الدنيا، لكنها لم تنل منه. ولعل الضربة الاقسى التي تلقاها كانت العام 2005 عندما اغتيل نجله النائب والصحافي جبران تويني في تفجير سيارة مفخخة، فخسر بذلك آخر فرد من افراد عائلته الصغيرة.
ويروي صحافيون في النهار ان غسان تويني الذي كان في باريس يوم مقتل ابنه وعاد في الليلة نفسها الى بيروت، اتصل بفريق التحرير ليملي عليهم عنوان الصفحة الاولى في اليوم التالي، وهو العنوان الذي صدرت فيه الصحيفة على ثمانية اعمدة "جبران لم يمت والنهار مستمرة".
بالقوة نفسها، وقف تويني في ماتم ابنه يدعو الى التسامح والتعالي عن الاحقاد.
وقال في الكنيسة "أحسست ان هذه الجريمة التي طالت ابني، ومزقت كامل جسده، هي تحديدا جريمة تطال صورة الله. الله الذي خلق الانسان على صورته تم الاعتداء عليه مباشرة".
وبعد ان كان سلم ادارة جريدة النهار الى جبران تويني، لينصرف الى مؤلفاته وتقاعده، عاد وتسلمها بحماس سنوات الشباب وبشغف المهنة ذاته.
وبعد ان كان ابتعد عن السياسة، عاد وقبل، تحت ضغط محبيه والاوساط السياسية والشريحة الشعبية الواسعة الوفية لعائلته، بان يصبح نائبا في البرلمان للمدة المتبقية من ولاية ابنه والتي جاوزت الثلاث سنوات، وذلك من ضمن فريق 14 آذار الذي كان يشكل الاكثرية النيابية والوزارية في حينه.
ثم عاد وسلم الامانة مجددا في الجريدة والبرلمان الى حفيدته نايلة تويني، ابنة جبران.
عرف غسان تويني بسعة علمه وثقافته ودبلوماسيته ومواقفه المستقلة، وان كان شكل في بعض الحقبات جزءا من ائتلافات سياسية معينة.
هو ابن عائلة ارثوذكسية عريقة من الاشرفية شرق بيروت. ولد العام 1926. في عام 1945، تخرج من الجامعة الأميركية في بيروت في الفلسفة. حصل على ماجستير في العلوم السياسية من جامعة هارفرد في الولايات المتحدة.
دخل البرلمان وكان لم يبلغ الخامسة والعشرين. وشغل مناصب وزارية مهمة. وكان مندوب لبنان الدائم في الامم المتحدة في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات في اوقات عصيبة تخللها خصوصا اجتياحان اسرائيليان. وينظر اليه على نطاق واسع على انه "عراب" القرار 425 الصادر عن مجلس الامن الدولي في 1978 والذي دعا اسرائيل الى الانسحاب من لبنان، الامر الذي لم ينفذ حتى العام 2000.
من ابرز مؤلفاته "اتركوا شعبي يعيش" في 1984، و"حرب من أجل الآخرين" عن الحرب الاهلية اللبنانية في 1985، و"سر المهنة وأسرار أخرى" في 1995.
اما كتابه الاخير فحمل عنوان "لندفن الحقد والثأر، قدر لبناني". وقد صدر باللغة الفرنسية بالتعاون مع الكاتب الفرنسي جان فيليب دو توناك، وهو عبارة عن سيرة ذاتية تروي محطات مهمة من حياة الصحافي والسياسي والدبلوماسي والانسان.
تزوج غسان تويني في الخمسينات من الشاعرة ناديا تويني، متحديا واياها كل التقاليد والاعراف، كونها متحدرة من عائلة درزية عريقة من جبل لبنان. ورزق الزوجان بثلاثة اولاد: نايلة التي توفيت في السابعة اثر اصابتها بالسرطان، ومكرم الذي قضى في حادث سير في فرنسا وهو في ربيع العمر، وجبران الذي كان في الثامنة والاربعين عندما قتل.
اما ناديا، فقد توفيت بعد اربع سنوات من وفاة ابنتها بالمرض ذاته. وتزوج غسان تويني مرة ثانية من شادية الخازن العام 1996.
الجمهورية
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية