أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل ينجح ليبرمن في إقامة ممرات إنسانية؟

ما بين زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان ونائب الرئيس الإيراني محمد رحيمي ضاعت زيارة رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي جوزف ليبرمن، علما انها كانت الأكثر أهمية وخصوصا عندما تبين انها كانت من أجل ان يقف على ارض عكار ويستكشف الحدود السورية. فما الذي أراده ليبرمن؟


في معلومات متبادلة على أعلى المراجع السياسية والأمنية المعنية بالملف السوري ان السيناتور جوزف ليبرمن يعمل منذ فترة غير قصيرة على استصدار قرار من الإدارة الأميركية لفرض عقوبات إضافية على النظام في سوريا والسعي الى اتخاذ إجراءات رادعة تضع حدا لاستعمال النظام القوة المفرطة بحق المدنيين السوريين، ودعم الثورة السورية والنازحين حتى ولو اضطر العالم الى استخدام القوة.

ويعد ليبرمن لهذه الغاية "تصورا ميدانيا لمنطقة عازلة" في المنطقة الحدودية اللبنانية الشمالية المقابلة للحدود السورية، بالإضافة الى دعوته الملحة منذ اشهر عدة من اجل انشاء ممرات إنسانية آمنة وإقامة مخيمات للاجئين السوريين في لبنان متخذا من التجربتين التركية والأردنية مثالا يحتذى به.

وعلى هذه الأسس والخلفيات بنى ليبرمن برنامج زيارته الى لبنان فأرادها ميدانية في حدها الأقصى ورسمية بحدها الأدنى. فجاءت الجولة المدروسة بعناية على النقاط الحدودية الحساسة والتي كانت الأكثر خطورة ودموية منذ اندلاع الثورة السورية بما فيها المعارك التي دارت عبر الحدود بين البلدين والتي طالت بشظاياها الأراضي اللبنانية واسفرت الى حين استشهاد علي شعبان مصور الجديد الى أحد عشر قتيلا لبنانيا عدا عن السوريين.

وعليه، رصدت المراجع المعنية بدقة المنطقة التي استطلع من خلالها ليبرمن الحدود المشتركة بين البلدين وخصوصا عندما انطلقت جولته الميدانية من منطقة البقيعة في وادي خالد والتي ارتبط اسمها بالكثير من العمليات العسكرية في المنطقة. وبعدها إختار ليبرمن خط سير عسكريا وميدانيا له الكثير من المعاني عند من يفهم طبيعة المنطقة وتضاريسها وأهميتها الإستراتيجية. فتفقد اولا منطقة بني صخر – العريضة عند الجسر الغربي وعاين المنطقة مستكشفا المواقع السورية المقابلة قبل ان يلتقي النازحين السوريين في مزرعة المقيبلة.

وبعد اللقاء انطلق ليبرمن والوفد بتكوينه المنوع في جولته الميدانية سالكا طريق شدرا حيث حاجز القوة الأمنية المشتركة المكلفة حماية الحدود الى بلدة منجز حيث كان في انتظاره أحد نواب المنطقة فانضم الى الموكب من أجل تقديم المزيد من المعلومات وشرح طبيعة المنطقة. وتابع من هناك جولته عبر اوتوستراد الدبابية – النورا قبالة الأراضي السورية حيث توقف أكثر من مرة ليرى بالعين المجردة المراكز السورية العسكرية المنصوبة داخل الأراضي السورية على الضفة المقابلة للنهر الكبير الجنوبي مستكشفا من هناك التلال اللبنانية والسورية التي قد تشكل احتمالا لرسم خريطة الطريق الى الممرات الإنسانية إن تمكّن من إقامتها.

ومن تلك المناطق توجه ليبرمن والوفد المرافق الى مركز الأمن العام اللبناني القديم في العبودية ثم الى بلدة العبدة التي سلك من خلالها طريق العودة الى بيروت قبل ان يلتحق مساء بمأدبة العشاء التي اقامها النائب وليد جنبلاط للسيد فيلتمان والوفد المرافق واركان السفارة الأميركية في بيروت.

والى الجولة الميدانية ومعانيها واهدافها المقروءة توقف المراقبون امام اهمية اللقاء الذي عقدة ليبرمن مع مسؤولي التنسيقيات السورية وعدد من النازحين في عكار والتي اختير لها بعناية منزل المختار السابق لبلدة المقيبلة الحدودية حيث جرى حوار موثق بينه وبين النازحين تركّز على مجريات الأوضاع في المنطقة والظروف التي سبقت ورافقت نزوحهم الى لبنان.

ولم تغفل المراجع المعنية الإشارة الى نشر الأعلام الأميركية الى جانب السورية القديمة المعتمدة لدى الثورة في مكان اللقاء والطرق المؤدية اليه.

شهادات النازحين ومذكرة

وفي اللقاء استمع ليبرمن بعناية الى ما سماه شهادات حية للنازحين ممن فقدوا اقارب لهم ودمرت منازلهم قبل النزوح وصولا الى ما آل اليه الوضع اليوم وآلية الدعم التي يلقونها من المؤسسات اللبنانية والدولية.

كما تسلم ليبرمن ما يمكن تسميته بمذكرة رفعها اليه النازحون وفيها سيل من المطالب ابرزها يتصل بمعاناة النازحين العائلية والإنسانية وسبل المواجهة، ومطالبهم بالعمل من اجل "وضع حد عاجل لمأساة الشعب السوري وعدم المماطلة في مواجهة ما يحصل في سوريا"، لأن ما يجري في سوريا هو "جريمة ضد الإنسانية"، وقد سبق لكثير من المنظمات الإنسانية ان "حدد المسؤول عنها" وصولا الى "اعتبار مجلس الشيوخ الأميركي منطقة وادي خالد منطقة منكوبة".

كما طلبت المذكرة بالعمل على تشجيع المؤسسات الإنسانية على زيارة المنطقة وتلبية حاجاتها".

وتضمنت المذكرة إشادة بزيارة ليبرمن الى المنطقة والتي شكلت بنظر واضعيها "خرقا ثانيا للحصار المضروب على المنطقة " بعد الخرق الأول الذي قامت به " مجموعة من النواب والشخصيات الإعلامية والسياسية بمبادرة من الأمانة العامة لقوى 14 آذار في تشرين الثاني من العام الماضي".
وإعتبرت المذكرة الزيارة دليلا واضحا على ان المنطقة قد "دخلت من جديد في دائرة الإهتمام الدولي وان الفضل في ذلك يعود اليكم شخصيا".

... ورد ليبرمن

ويقول العارفون بتفاصيل ما شهده اللقاء، ان ليبرمن الذي استمع بإمعان الى مطالب النازحين رد بكلمة مقتضبة تولت ترجمتها من قرأت المذكرة بـ"لكنة انكليزية – اميركية جيدة اعجبت ليبرمن - فأبدى تفهما لمعاناتهم الإنسانية والإجتماعية واعدا بالعمل "ما أوتي من قوة لتلبية مطالبهم المحقة"، ومؤكدا على " توفير كل وسائل الدعم للنازحين السوريين اينما وجدوا".

وقال ليبرمن:" اطمئنكم الى ان الأسد ( الرئيس السوري بشار الأسد) ساقط في وقت قريب لا محالة وسوف تعودون الى بلدكم المحرر قريبا ".
على هذه الوقائع رست الزيارة الخاطفة بساعاتها الإثنتين التي قام بها السيناتور ليبرمن الى عكار ومنها الى بيروت حاملا معه الى بلاده ما يمكن اعتباره تقريرا موثقا حول الوضع الميداني والإنساني في المنطقة الحدودية آملا ان يتمكن من خلالها من إحداث خرق في الإدارة الأميركية يبدل من مواقفها التي لا توحي بوجود قرار برفع نسبة "تورطها" في أحداث سوريا.

وعليه، تعترف المراجع المعنية بأن مهمة ليبرمن صعبة للغاية، فالجولة التي قام بها السفير فيلتمان على القيادات اللبنانية الرسمية والحزبية في بيروت وما رافقها من تحليلات ومواقف له تسربت منها، لا توحي بأن الإدارة الأميركية بمؤسستها والسلطة التنفيذية اي وزارة الخارجية الأميركية فيها بامكانها المضي في برامج ليبرمن أو ما يشبهها في المدى القريب إلا في حال تبدلت الظروف في سوريا وجاءت بتطورات مأسوية تفرض إجراءات أخرى مغايرة لتلك المعتمدة اليوم، فيتحول عندها ليبرمن الى "سوبرمان" اميركي يقود الى ترجمة وعوده بالممرات الإنسانية والمنطقة العازلة والمخيمات لنازحين وعندها سيكون لكل حادث حديث.

الجمهورية
(88)    هل أعجبتك المقالة (116)

salem

2012-05-05

لا يمكن لامريكا التضحية بمن أمن اروع حماية لاسرائيل.. قتل الاب عشرات آلاف السوريين و كذا فعل الابن .. ما أحدثه الابن من تدمير و مذابح لم تقم به اسرائيل ضد سورية .. اعتقد ان ما قام به ليبرمان هو للاستهلاك الاعلامي و كل ما تقوم به امريكا كذلك .. اما تحت الطاولة فامريكا تدعم النظام بشكل كامل.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي