منازل محترقة ومبان منهارة وشوارع تتناثر فيها الأنقاض والزجاج المحطم وفوارغ القذائف في أحياء حمص المدمرة التي ظلت لشهور الخط الأمامي في الانتفاضة على حكم الرئيس السوري بشار الأسد.
وخلال رحلة استغرقت عشر دقائق بالسيارة عبر حي بابا عمرو امس الخميس حين رافق صحفيون مراقبي الهدنة التابعين للأمم المتحدة لم نشاهد سوى امرأتين مسنتين. وتهدمت المباني في الشارع الرئيسي والأزقة القريبة خلال قصف الجيش.
وتمثل حمص ثالث اكبر مدينة سورية مركزا صناعيا مهما على الطريق السريع الرئيسي الذي يربط بين الشمال والجنوب قرب الحدود مع لبنان.
وشهدت المدينة والمحافظة التي توجد بها اكبر خسائر في الأرواح خلال الانتفاضة الممتدة منذ 14 شهرا ونزوح عشرات الآلاف.
وفي حي الانشاءات قالت امرأة انها عادت الى المنطقة مع اسرتها الاسبوع الماضي لأنهم لا يستطيعوا الاعتماد على الآخرين في رعايتهم بلا نهاية.
وأضافت "ماذا بوسعنا ان نفعل غير ذلك؟ الدمار هائل لكننا لا نستطيع أن نستمر في العيش في منازل الناس."
وقال جندي عند نقطة تفتيش على مقربة استدعي من مدينة دير الزور في شرق سوريا للمساعدة في الحملة على المعارضين إنه فوجيء حين وصل الى حمص منذ شهر.
واضاف "فوجئت حين رأيت كل هذا الدمار. شعرت بالأسف على بلدي واهلي... لكن كل هذا بسبب المسلحين."
في بابا عمرو تشيد عبارات على الجدران في الحي المعارض بالرئيس مثل "بنحبك يا بشار" و"بشار الى الأبد".
وفي حي الحمراء الذي يوجد به مقر إقامة المحافظ لم تمس المنازل وتزين الزهور والأشجار الشارع.
لكن في حي الخالدية الذي مازال مسلحو المعارضة يقاتلون فيه قوات الأسد يمكن سماع دوي إطلاق النيران باستمرار فضلا عن قذائف المورتر وانفجارات قال سكان إنها نيران دبابات.
وينطق كل شيء من المراكز التجارية المحترقة الى الأضرار التي لحقت بمسجد خالد بن الوليد الرئيسي بالعنف الذي شهدته حمص وفيما انتظر صحفيون انتهاء مراقبي الأمم المتحدة من المحادثات مع ممثلي المعارضة تم نقل جثمان مقاتل لقي حتفه في المحافظة لدفنه وكان ملفوفا ببطانية مخضبة بالدماء.
وساعد عبد الرزاق طلاس زعيم كتيبة الفاروق وهي احدى وحدات مقاتلي المعارضة الرئيسية في نقل الجثمان وإقامة الجنازة.
ولم يسهم وجود المراقبين الذين يفترض أنهم يراقبون وقفا لإطلاق النار يؤدي الى محادثات وحل سياسي للأزمة السورية بدرجة تذكر في طمأنة الناس في الخالدية ويبدو ان كثيرين منهم من مقاتلي المعارضة.
وقال غانم (24 عاما) "الناس في حمص لا يتوقعون الكثير من المراقبين. الآن يتحدثون عن الحوار. من قال إننا نريد حوارا... خرجنا الى الشارع لإسقاط بشار الأسد وليس للحديث معه."
وتحدث آخرون غاضبين عن منازلهم التي فقدوها وأقاربهم الذين خسروهم.
وقال محمد عز الدين (62 عاما) إن الجيش أحرق منزله في حي البياضة بحمص مما اضطر اسرته الى التوجه الى دمشق او مغادرة البلاد او الانتقال الى منطقة اخرى من حمص. وأضاف "من الذي سيعوضني وكيف ستعيد الموتى؟"
وقال محمود (12 عاما) إن أسرا كثيرة تكدست في أحياء صغيرة وأضاف "في منزلي يعيش تسعة اشخاص ومنزلنا صغير جدا.
"لا يوجد طعام ولا مياه نظيفة ولا اي شيء. لا توجد متاجر مفتوحة ولا نتناول الا وجبة واحدة في اليوم. انظر حولك كيف يمكن أن نعيش هكذا؟"
رويترز
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية