رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يجب أن يُصليا جيدا في عيد الاضحي. محظور عليهما ان يكتفيا فقط بصلاة الشكر، علي مظاهرة التضامن العالمية والتعهدات التي قطعت هذا الاسبوع في مؤتمر الدول المانحة في باريس لتحويل اكثر من 7 مليارات دولار في السنوات الثلاث القادمة الي السلطة.
الصلاة الاساس يجب أن تكون التالية: يا الله، اجعلنا لا نكون كالعراق وافغانستان، اللذين حظيا بالكثير من التعهدات ولم يحصلا الا علي الزهيد القليل، والا نكون مثل لبنان الذي حظي بالكثير من الاموال في مؤتمر باريس بعد الحرب، ولكنه لا يمكنه ان يحصل علي هذه الاموال لانه لا يوجد برلمان ليصادق علي الميزانية .
بعد الصلوات، يجدر بفياض أن يستغل اجازة العيد كي يدعو وزيرة الخارجية تسيبي ليفني لان يقرآ معا تقرير البنك الدولي، الذي نشر علي شرف مؤتمر باريس. المعطيات قاسية ومثيرة للغضب. فالمبلغ الذي سيحول هذا العام الي السلطة من التبرعات، قرابة 4 مليارات دولار، مخصص برمته لتغطية النفقات الجارية والعجز الهائل في الميزانية، والذي يصل الي 1.8 مليار دولار، 28 في المائة تقريبا من الانتاج القومي الاجمالي.
حسب معطيات البنك الدولي، فان الانتاج القومي الاجمالي الفلسطيني اقل فقط بـ 14 في المائة مما كان في ذروته في العام 1999، ولكن اذا اخذنا بالحسبان النمو السكاني فقد انخفض الانتاج للفرد بمعدل 40 في المئة. وهنا يسمح البنك الدولي لنفسه بملاحظة حادة لاسرائيل ويقضي بانه لولا انها فرضت قيودا تجارية علي السلطة، لكان الانتاج القومي الاجمالي الفلسطيني مضاعفا: قرابة 9 مليارات دولار، ولكان النمو أعلي بضعفين، نحو 8 في المئة. ويحذر البنك اسرائيل ايضا من مغبة مواصلة القيود علي الحركة ومن الحواجز التي يبلغ عددها 541، مقابل 376 في آب (اغسطس) 2005، وحسب التقرير، فانه حتي لو حولت الدول المانحة كل التبرعات التي تعهدت بها، فانه بدون ازالة الحواجز لا يمكن للاقتصاد الفلسطيني أن ينمو، والنمو السنوي سيكون سلبيا، قرابة ناقص 2 في المائة. دون نمو مناسب، 6 في المائة علي الاقل، لا يمكن للاقتصاد أن يوفر أماكن عمل جديدة والبطالة، التي يبلغ معدلها رسميا 23 في المائة، مقابل 10 في المائة في بداية الانتفاضة ـ سترتفع عاليا. حسب التقرير البطالة حسمت مصير العجز الفلسطيني: السلطة اضطرت الي استيعاب قرابة 35 الف عامل، قبل ذلك كانوا يعملون في اسرائيل او في المستوطنات. اما اليوم فان السلطة تدفع أجورا لاكثر من 160 الف عامل (بما في ذلك رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية).
المعطيات التي يصدرها البنك تتناول كل اراضي السلطة الفلسطينية، ولكن عندما يفحص ما يجري في غزة وحدها، فان الوضع اكثر فزعا. في القطاع، اجتاز معدل البطالة الـ 50 في المائة، وحجم النشاط التجاري انخفض بمعدل 95 في المائة. فياض، الاقتصادي الكبير في مهنته، حظي بالثناء بالنسبة لتقليص عدد الوظائف وتعهداته بتقليص العجز في الميزانية حتي 17 في المائة من الانتاج القومي الاجمالي حتي العام 2010، ولكن مطلوب من فياض اصلاح حقيقي في مجالات اخري، ولا سيما فرض عميق لجباية الضرائب والرسوم. فمثلا، يشير التقرير الي ظاهرة خطيرة لا تجبي فيها الحكومة ما يكفي من الدفعات عن الكهرباء التي تبيعها للسلطات المحلية. وبعد دفع الرواتب، التي تشكل 57 في المائة من الميزانية، فان الكهرباء هو البند الثاني في حجمه والذي تخسر فيه الحكومة الفلسطينية المال. نحو 517 مليون دولار ديون السلطات المحلية للحكومة بسبب الفشل في الجباية. عمليا، تمنح الحكومة الكهرباء سلفة والبلديات التي لا تدفع للحكومة ـ ولكنها تجبي الدفعات من المواطنين ـ تري في ذلك مصدر دخل لنفسها.
الموضوع الثاني الذي يتطلب تغييرا هو خطة التقاعد التي لا توجد مثلها حسب التقرير سوي في الدول المتطورة في الغرب. مثلا، يمكن للموظفين ان يخرجوا علي التقاعد منذ سن 55 وبعد اقدمية 15 سنة. دفعات التقاعد تتم من صندوق الحكومة وليس من صناديق تقاعد خاصة يحتاج العامل ان يساهم فيها من أمواله.
ومع أن فياض وعد بمعالجة هذه الخطة، الا انه في الواقع السياسي القائم في المناطق من الصعب أن نري كيف سيتغلب علي الاحتجاج الجماهيري الذي سينشأ. وفي هذه الاثناء يمكن للسلطة ان تعتمد علي أن النفقات الجارية هذه السنة ستدفع. اما ما سيكون في السنة القادمة وبعد سنتين، فله لدي المؤتمرات القادمة حلول.
البطالة في غزة 50% والنشاط التجاري انخفض 95% الاقتصاد الفلسطيني واوبرا الشحاذين
صحف - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية