كشفت مصادر عسكرية أميركية أن حالات الإنتحار بين الجنود الأميركيين قد تكون وصلت ذروتها خلال العام 2007 الجاري، الذي يُعتقد أنه شهد أكثر من 105 حالات إنتحار لجنود في الخدمة بالجيش الأميركي. وأكد مسؤولون كبار في وزارة الدفاع "البنتاغون" وفي الجيش الأميركي، في تصريحات، أن العام الجاري شهد حتى اللحظة 85 حالة انتحار على الأقل، فيما لا زالت أكثر من 20 حالة أخرى قيد التحقيقات الرسمية. وقالت المصادر العسكرية إنه في حالة التأكد من أن تلك الحالات الأخيرة، نجمت عن إقدام جنود بقتل أنفسهم أثناء الخدمة، فإن العام الجاري سيكون قد سجل أعلى معدل حالات انتحار في الجيش الأميركي منذ بدء الحرب على العراق، في العام 2003.
وحسب بيانات البنتاغون، فقد سجلت السنوات الخمسة الأخيرة، والتي شهدت عمليات عسكرية واسعة للجيش الأميركي في كل من العراق وأفغانستان، ارتفاعًا "غير مسبوق" في حالات انتحار الجنود الذين ما زالوا بالخدمة. وسجل العام الماضي 2006 انتحار 101 جندي على الأقل، بينهم 30 جندي قتلوا أنفسهم أثناء انتشارهم ضمن القوات الأميركية التي تخوض معارك في الخارج، بنسبة تزيد على 17.5 حالة انتحار بين كل مائة ألف جندي.
كما سجل العام السابق 2005، نحو 88 حالة انتحار، بينهم 25 جندي منتشرين ضمن القوات الأميركية في الخارج، بنسبة تبلغ 12.8 حالة انتحار بين كل مائة ألف جندي. وشهد العام 2004 انتحار 67 جنديًا، منهم 13 جنديًا من المنتشرين ضمن القواعد العسكرية الأميركية، بنسبة تصل إلى حوالى 10.8 حالة انتحار بين كل مئة ألف جندي. وسجل العام 2003، والذي شهد بداية الحرب على العراق في مارس/ آذار، حوالى 79 حالة انتحار لجنود أمريكيين، منهم 26 جنديًا ضمن القوات القتالية، بنسبة تبلغ تتتجاوز 12.4 حالة بين كل مئة ألف جندي.
وكان تقرير سابق لوزارة الدفاع الأميركية، حصلت عليه CNN، في أغسطس/ آب الماضي، قد أكد أن معدلات الانتحار بين الجنود الأميركيين ارتفعت بنسبة تصل إلى 15 في المئة، خلال العام الماضي 2006، مقارنة بالعام السابق 2005. يأتي هذا التقرير ضمن عملية سنوية تجريها وزارة الدفاع الأميركية لتقييم الوضع النفسي لأفراد الجيش الأميركي، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها.
وذكر التقرير أن معظم حالات الانتحار جرت بصورة قد تكون "متماثلة"، حيث أقدم الجنود على الانتحار باستخدام أحد الأسلحة النارية، التي غالبًا ما تكون متاحة بحوزتهم. وأوضح أن معظم هؤلاء الجنود كانوا يعانون إما من الانعزالية وفشل بعلاقاتهم الاجتماعية، أو مشكلات مالية أو قانونية، أو لأسباب تتعلق بـ"عمليات احتلالية"، بحسب التقرير.
وكشف تقرير آخر أن عدد معدلات الانتحار في صفوف الجنود الأميركيين العائدين من العراق وأفغانستان في "ارتفاع مطرد"، بسبب التقصير في العناية الطبية التي تقدمها العيادات النفسية المخصصة لهم، وفشلها في منحهم عناية نفسية على مدار الساعة.
وانتقد التقرير افتقار بعض تلك العيادات إلى تشخيص ملائم للحالات النفسية التي تصيب الجنود، إلى جانب نقص الخبرات لدى الأطقم الطبية العاملة، مما رفع حالات الانتحار لدى الجنود الذين يقصدون تلك العيادات إلى 1000 جندي سنويًا من أصل 5000 جندي سابق ينتحر كل عام. وقرر الجيش الأميركي مؤخرًا إخضاع الآلاف من جنوده الذين سيتوجهون إلى العراق إلى اختبارات عقلية خاصة، لتحديد مدى استجابة أدمغتهم لعدد من اختبارات الذكاء والذاكرة. وقال الجيش إن الهدف من وراء ذلك تحديد القدرات العقلية للجنود قبل دخولهم أرض المعركة لتسهيل تشخيص إصابتهم بـ "التوتر المرضي اللاحق للصدمة" الذي بات العدو السري للجنود الأميركيين في العراق.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية