سارعت وتيرة تراجع قيمة الليرة السورية في الاسبوع الماضي، وانخفض السعر الرسمي من 47 ليرة للدولار عند بدء الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في اذار الماضي الى نحو 54 ليرة بعد أن خفضت السلطات السعر لتضييق الفجوة مع السوق السوداء.
وفي السوق السوداء تراجع سعر الليرة بدرجة اكبر اذ يحوم الآن حول مستوى 59 ليرة للدولار. وسجل 62 ليرة للدولار لفترة وجيزة بعد أن أعلنت جامعة الدول العربية فرض عقوبات اقتصادية على سوريا الشهر الماضي.
وتتسبب أعمال العنف في سوريا في انكماش الاقتصاد وتعطل الصادرات. وتفاقمت مخاوف السوريين بشأن قيمة مدخراتهم بالعملة المحلية بسبب الافتقار للثقة في القطاع المالي الخاضع لقيود شديدة، حتى أن المودعين في 12 بنكا خاصا في البلاد يجدون صعوبة في سحب أرصدتهم بالعملة الصعبة دون مواجهة رسوم سحب عالية وقيود يفرضها البنك المركزي على التعاملات بالعملة الصعبة.
وقال مصرفي بارز في دمشق طلب عدم نشر اسمه "يريد الكثيرون الدولار لانهم خائفون... هناك مضاربات والكثيرون يستغلون هذا الوضع وتجار العملة يحققون ارباحا كبيرة تزيد من انخفاض قيمة العملة."
ويقول مصرفيون في دمشق وبيروت والخليج ان تحويل مبالغ بالعملة المحلية الى دولارات تسارع في الاسابيع القليلة الماضية مع بدء حركة تمرد شملت هجمات على منشآت حكومية.
وأجبرت القيود الصارمة، الشركات على تحويل العملة الصعبة الى الليرة السورية بالسعر الرسمي. ومثل هذه الاجراءات تصعب على المواطن السوري العادي والمتعامل الحصول على ما يكفي من الدولارات من البنوك.
كما دفعت الرغبة في التحوّل الى الاصول التي تعتبر أكثر أمانا، رجال الاعمال السوريين، وأغلبهم يودعون ثرواتهم في الخارج، لارسال المتبقي من مدخراتهم بالدولار الى لبنان أو الاردن حسبما ذكر مصرفيون في البلدين.
واشار بعض المصرفيين الى ان المخاوف المتعلقة باستقرار الاقتصاد والبنوك تحوّل البلاد ببطء الى اقتصاد معتمد على التعاملات النقدية اذ يجري تكديس المزيد من السيولة في المنازل.
وقال مصرفي من حلب "الناس لم يسحبوا مدخراتهم لكنهم الان يفضلون سحب مصروفات الشهر دفعة واحدة والابقاء عليها في البيت بدلا من السحب من رواتبهم على مدار الشهر."
أضاف ان اغلاق البنوك لعدة أيام في مدينة حمص أثناء الاحتجاجات في تموز أثار قلق المودعين وقوّض الثقة في القطاع المصرفي.
وكانت احتياطيات سوريا بالنقد الاجنبي تقدر باكثر من 17 مليار دولار قبل بدء الانتفاضة. ويعتقد المصرفيون ان الاحتياطيات تراجعت الان بعدة مليارات دولار ما يضع البنك المركزي في مواجهة معضلة. وفي الفترة من آذار الى أيلول أتاح البنك المركزي الحصول على الدولار بحرية نسبيا ليبقي على سعر الصرف مستقرا بدرجة كبيرة. ويقدر المصرفيون انه انفق في المتوسط 500 مليون دولار شهريا.
واستنفد ذلك، الاحتياطيات التي اذا انخفضت بدرجة كبيرة، فان السوق قد تشعر بالقلق من أن البنك المركزي يستنفد أمواله مما يزيد الضغوط على العملة.
وقال مصرفي في دمشق يعمل في وحدة تابعة لاحد البنوك الاجنبية وهو على اتصال دائم بالمسؤولين في البنك المركزي "هناك حدود لتدخل البنك المركزي. هناك احتياطيات لا يمكن التضحية بها."
ويقول مصرفيون ان الخطوة التي اتخذت هذا الشهر لتقريب سعر الصرف الرسمي من السعر في السوق السوداء ترجع فيما يبدو الى ادراك أنه لم يعد من الممكن الاستمرار في السحب من الاحتياطيات بهذه الوتيرة لدعم العملة.
وقال مصدر مصرفي على علم بأسلوب التفكير السائد الان داخل ادارة البنك المركزي "سياسة تقريب سعر الصرف من سعر السوق السوداء سياسة صحيحة." وتساءل "من الذي سيعيد ملء احتياطياتنا بالعملة الاجنبية."
وتابع: "البنك المركزي تكيّف الان مع حقيقة أنه من غير المجدي الاستمرار في السعي للحفاظ على سعر صرف عند مستوى 50 ليرة وقرر تركه."
من جهتهم، يعتقد الاقتصاديون السوريون انه اذا ساءت الاحوال، سيصل سعر الصرف الى مستوى 70 ليرة.
في المقابل، يرجّح آخرون أن ينفق البنك المركزي بسخاء لمنع الوصول الى مثل هذا المستوى، لاسباب منها أن التراجع الكبير في قيمة العملة قد يتسبب في ارتفاع كبير في معدل التضخم. 
الليرة السورية تهتزّ... والمودعون يُهرِّبون أموالهم

الجمهورية
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية