يرى أن النظام السوري ليس لديه نية لتسليم السلطة، وأن إصلاح النظام يعني تدميره، موضحا أن شعار الحماية الدولية يجب أن يكون موجها بالدرجة الأولى إلى الجامعة العربية وأن أي انهيار في الثورة السورية سيكلف الشعب خسائر مضاعفة، مشيراً إلى أنه ليس من مصلحة بعض الدول أن تقف في صف نظام يتهاوى، وغير قادر على تأمين مصالحها أصلا.. وكل رهان على النظام السوري هو رهان خاسر في كثير من أوراقه.
هذه النقاط، وغيرها، كانت محور حديث "زمان الوصل" مع المعارض السوري جبر الشوفي، عضو الأمانة العامة لإعلان دمشق، وإلى الحوار:
* كيف تنظر إلى موقف روسيا والصين مما يحدث في سوريا.. هل تتوقع أن تتغير مواقف هذه الدول قريبا؟
** الدول لديها رؤيتها ومصالحها، روسيا قابضة ثمن موقفها، سواء السياسي أو الدبلوماسي في مشكلتها مع جورجيا، وأيضا لديها أسطول حربي في طرطوس، هذا ثمن، هناك أثمان أخرى تتعلق باستمرار السلاح وغيرها. هذه هي نقطة الارتكاز بالنسبة للروس.
الصينيون أيضا لهم مصالح، المعارضة قد تسهم مع اختلال ميزان القوى لصالح الشارع والتغيير في إقناع هذه الدول بتغيير مواقفها، خاصة أنها تراهن على رهان خاسر، كما حدث مع إيران، التي اتخذت موقفا معتدلا، بعد أن شعرت بخسارة الرهان. في النهاية ستشعر هذه الدول أن من مصلحتها الانسجام مع مواقف المجتمع الدولي، وألا تحصر مصالحها في نظام يتهاوى، ولا يستطيع أن يؤمن لها مصالحها أصلا.
* كيف تقرأ تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الأخيرة حول ضرورة أن يستجيب النظام السوري لمطالب المتظاهرين؟
** الإيرانيون أيضا بدؤوا يشعرون بأن الرهان على النظام السوري خاسر في كثير من أوراقه، إن لم يكن كلها، لذا بدؤوا بالتفكير في موقف يكون قريبا من موضوع التغيير، دون أن يعني ذلك التخلي عن النظام. يعني أن نكسب الجمهور ولا نتخلى عن النظام، من هنا تطرح إيران مبادرات لإنقاذ النظام، مع أن الشعار لم يعد واقعيا، لأن الشارع حسم أمره، والدم مستمر، هناك دولة تخلت عن مسؤولياتها، رغم أن من أهم أولويات الدول حماية المواطن، لا قتله وتهجيره وترويعه، كل هذه القضايا لم يدركها حتى الآن الموقف الإيراني، ولم ينتقل ليلاقي الحالة الجديدة. إنه يحاول أن يلقي طوق النجاة الأخير للنظام عبر حلول وسطية، لكن الزمن فات، والنظام السوري ببنيته غير مؤهل للقيام بشيء، لأن بنيته غير قابلة للإصلاح، إصلاحه هو تدميره.
* من هنا، يقول البعض إن على المعارضة أن تعطي تطمينات لهذه الدول، بحيث لا تخشى على مصالحها مع سوريا بعد سقوط النظام؟
** عندما يجري التغيير، يجب فعلا أن تعاد هذه القضايا إلى شكلها السياسي، لا أن يتم اتخاذ موقف عدائي من إيران، خاصة إذا أبدت استعدادها لتفهم الحالة الجديدة وتتماشى معها، يجب ألا نعاديها، بل إن يتم التعامل معها موضوعيا من خلال تبادل مصالح مثلها مثل بقية الدول، إلا إذا انخرطت في مشروع ضد التغيير، وجهزت لحرب في المنطقة، هنا بالتأكيد لن يكون مستقبل العلاقات جيدا، مثلا أنا ضد الأطروحات التي تقول النظام الفارسي، نعم إيران دولة لها طموحات قومية مع شيء ديني، ولكن هذا ليس خطابا سياسيا، أنا شخصيا لا يوجد لديّ مشكلة مع الأنظمة التي تتعاون مع التغيير وتنظر له نظرة موضوعية لا تنحاز فيها إلى الاستبداد أو القتل والتدمير، وإنما تتعامل مع الحالة الجديدة وتبني عليها وتمد يدها للشعوب.
* بعض أطراف المعارضة تنتقد الموقف التركي حيال ما يجري في سوريا، بحجة أن الأتراك متذبذبون، يقولون ولا يفعلون.. ما قراءتك للموقف التركي؟
** هناك العديد من القضايا الخلافية بين سوريا وتركيا، مثل قضية الأكراد، والحدود وغيرها، هي قضايا أوراق للعب في القضية التركية من قبل النظام السوري، أنا أفهم التذبذب في الموقف التركي حيال الوضع في سوريا، فقد يكون الأتراك متخوفين من عدم وجود بديل للنظام لفترة من الزمن، لكن النقطة الأهم هنا هي صدام الأتراك مع المصالح الإيرانية في المنطقة، وقبلها مع المصالح العربية، التي رفضت الأسلوب التركي لحل الأزمة السورية، فكلما اصطدم الموقف التركي مع حالة ما، يتم تغييره، ثم إن الأتراك لم يتخلوا عن المسألة السورية، ويتعاملون مع المجتمع الدولي بما يحقق مصالحهم في سوريا، بحيث لا تفلت سوريا من يدهم في المنطقة.
* هل لديك تصور عن آليات إسقاط النظام.. هل سيكون ذلك باستمرار المظاهرات وتوسعها، أم من خلال التدخل الدولي؟
* برأيي إن الآليات القائمة في الأساس تستند على الحراك الشعبي وقوته واتساعه وعمقه، أيضا سلمية الثورة وعدم جنوحها نحو التسلح، وابتعادها عن الإشكالات الطائفية وكل هذه القضايا.
مبدئيا في الداخل، أنت أمام نظام لا يوجد لديه إلا القمع والتدمير والقتل، ويعمل على مبدأ "أنا ومن بعدي الطوفان"، لذلك قد تكون الحماية الدولية التي يطالب بها المجتمع السوري مطلب حق، لحماية أرواح المدنيين من سلطة غاشمة، لكن ما حدود هذه الحماية الدولية، بتقديري هذا المطلب أصبح في هذه المرحلة شعار المتظاهرين، وهو موجه بالدرجة الأولى ويجب أن يوجه إلى الجامعة العربية والدول الإقليمية.
ما حصل من تضييق الخناق على النظام من قبل المجتمع الدولي، ومن العرب يحتاج إلى خطوة أكثر، لأن زيادة الضغط السياسي والدبلوماسي تجبر النظام على الانصياع ونقل السلطة بشكل سلمي إلى نظام ديمقراطي، ويتم التفاوض مع النظام على تسليم البلاد وانتقالها إلى حالة التغيير الديمقراطي المطلوبة. لكنني أرى أن النظام يقود البلاد إلى التدخل الخارجي، وهو المسؤول عن ذلك، بسبب القوة والبطش أمام الشعب المسالم، في هذه الحالة لن يسقط النظام وحده، إلا إذا حدث انقلاب بالجيش مثلا، لأن الانشقاقات الفردية لا تؤدي إلى شيء. إنها تصدع بنية الجيش أكثر مما تؤدي إلى حل. ثم إنه لا توجد لدينا منطقة محررة يلتجئ إليها المنشقون.
* صرح الرئيس بشار الأسد أكثر من مرة بأنه لم يستخدم جميع أوراقه بعد.. برأيك هل ما زال النظام يمتلك العديد من الأوراق فعلا؟
** النظام لا يمتلك إلا ورقة القمع والقتل الأمنية والعسكرية، والتخبط في القرارات، مثل المرسوم الأخير، الذي ينص على سجن المتظاهرين ورفع الغرامة المالية بحقهم.
إذا كان النظام يعتمد على حلفائه، فهم محرجون ولا يستطيعون أن يقدموا له ما يريد، إلا إذا حاول تفجير المنطقة للفت الأنظار بخطوة استباقية.
أعتقد أن هذه الأوراق لن تنجح، لأنها فاقدة الصلاحية، ولأن النظام أصلا في وضع مهلهل، وأزمة اقتصادية، وتصدع في بناء الدولة وفي بنية النظام، ولن يستطيع أن يقوم بحرب، لأنه سيهزم وسيتهاوى بشكل أسرع إذا لعب مثل هذه اللعبة.
في المحصلة أقول إنه ليس أمام الشعب السوري سوى التغيير، وكلفة الانتصار تبقى أقل من كلفة الخسارة، ولا سمح الله إذا انهارت الثورة سيدفع الشعب أضعاف ما دفعه من أثمان، الشعوب تريد الحرية ونظاما ديمقراطيا ولن تتخلى عن هذا المطلب، أي انهيار سيكلف الشعب أضعافا مضاعفة.
* حاول النظام أن يفتعل فتنة طائفية في حمص، كما أن البعض حذر من أن التدخل الدولي في سوريا سيؤدي إلى حرب أهلية.. كيف تنظر إلى هذه النقطة؟
يلعب النظام على هذه القضية منذ زمن، لعبها في حمص وفي اللاذقية، لكن الواقع السوري يصمد أمام هذه الحالة ولا ينجر لها، الشعب السوري لم يعبر عن حالة طائفية، وليس هناك هتافات توحي بذلك، الهتافات كانت كلها ضد نظام يقتل الناس، ثم إن النظام لا يمثل طائفة معينة، بل هو يمثل كل أصحاب المصالح الذين معه وهم أدواته.
حتى الآن أنا متفائل وواثق من أن الشعب السوري لن ينجر إلى الاقتتال الطائفي، لاسيَّما في الساحل، حيث توجد معارضة كبيرة للنظام هناك.
قد يوجد لدى بعض الأقليات تخوف من المستقبل، وهذا يحتاج إلى المزيد من الاعتدال في الثورة السورية، هذا ما نراهن عليه، وهو استمرار السلمية واللاطائفية ورفض التدخل العسكري، وكافة القضايا الأساسية التي تقود إلى النجاح.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية