أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

صحيفة فرنسية تلتقي اطفال عذبتهم المخابرات وتروي قصص الشهداء منهم

خلال الأشهر الستة الماضية قتل عشرات الأطفال دون الـ15 في سورية، فضلاً عن تسجيل عدد كبير من المفقودين. ويعتبر معارضون ذلك أسلوبا لجأ إليه النظام السوري لترهيب العائلات السورية وثنيها عن المضي قدماً في ثورتهم لإسقاط حكم الرئيس بشار الأسد. ولا تفرق الآلة العسكرية بين كبير وصغير، حيث يتم اعتقال الرجال والأطفال ويتم تعذيبهم بوحشية وهمجية.

ويروي اللاجئ الصغير في لبنان، حذيفة، البالغ 13 عاماً، قصته في تل كلخ السورية التي تبعد نحو كيلومترين عن الحدود بين البلدين «في مايو الماضي جاء عمي ليأخذني وفي الطريق أوقفنا 10 جنود كانوا عند نقطة تفتيش»، ويتابع حذيفة «بسرعة عرفت عناصر الشبيحة كانوا يلبسون زيا عسكريا لكنهم لا يرتدون أحذية عسكرية. بدأوا يضربوننا بعصي كانت معهم على الرأس والذراعين والركبتين».

ويقول الطفل إنه «كلما زاد بكائي اشتد الضرب»، وتم اقتيادهم إلى مكان آخر وهم معصوبو الأعين. ويؤكد حذيفة أن المستهدف كان والده الذي كان يعمل محامياً، وقد أعلن في تظاهرة عن انسحابه من حزب البعث الحاكم. ويروي الطفل «لم أفهم ما يريده الشبيحة، كانوا يضربونني ويقولون لي والدك يكافح من أجل الحرية، ها هي الحرية». وترك الطفل الذي أصيب في معظم مناطق جسمه على جانب إحدى الطرق وهو غير واع تماماً بما يحدث حوله. وخشية من بطش جنود الأسد قررت عائلة حذيفة الهرب إلى لبنان. ويوجد الطفل ضمن 4000 لاجئ يقيمون في خيام في لبنان، وقد حولت بعض المدارس إلى مراكز استقبال، توفر الحد الأدنى للنازحين السوريين .

ويبدو حذيفة محظوظاً لأنه نجا بأعجوبة إذ لقي 2600 شخص حتفهم في الأشهر الماضية، بينهم ما لا يقل عن 150 طفلاً تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وذلك وفق تقرير لمنظمة الأمم المتحدة ومنظمات سورية تدافع عن حقوق الإنسان. وفي ذلك يقول الناشط السوري الموجود في إيطاليا ياسر فطوم «في الحقيقة الأرقام أكبر من ذلك بكثير، فنحن نأخذ في الحسبان الأطفال المفقودين، وأولئك الموجودين في السجون والأطفال الذين ماتوا متأثرين بإصاباتهم».

على موقع «فيس بوك» أطلق ناشطون صفحة لأطفال «شهداء» الثورة، وأطلقوا عليها اسم «أنقذوا أطفال سورية». وتتحدث مقاطع الفيديو التي صورها هواة عن نفسها وتظهر مدى وحشية النظام السوري. وتوفي رضع كانوا في غرف الرعاية الخاصة بالخدج بسبب قطع التيار الكهربائي المتعمد في حماة، كما قضى أطفال على أيدي جلادين في أقبية مراكز الأمن. وستتذكر سورية دائماً الطفل حمزة الخطيب الذي اعتقل في مظاهرة بمدينة درعا وسلم جثة هامدة إلى أهله في مايو الماضي بعد أن ذاق كل صنوف التعذيب. لم يتجاوز الخطيب 13 عاماً، وفي ذلك يقول الباحث في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، نديم خوري «لا يفرق النظام السوري بين الكبار والصغار وعندما يتم توقيفهم ينالون العقاب نفسه الذي يلقاه آباؤهم».

تشير منظمة «اليونيسيف» الدولية إلى ارتفاع عدد الضحايا من الأطفال الذين يتعرضون للإصابات والاعتقال والتعذيب أو القتل خلال عمليات القمع التي يقوم بها النظام في سورية. ربما يكون ذلك انتقاما من أطفال درعا الـ15 الذين يعود لهم الفضل في إشعال الثورة، إذ كانت رسوماتهم الحائطية الداعية لإسقاط النظام الشرارة التي أشعلت الثورة في مارس الماضي. ويقول المتحدث باسم لجان التنسيق المحلية عمر إدبيلي «مازالت دمشق لا تسمع التحذيرات. باستهدافها للصغار تبدو الرسالة واضحة: إذا كنا نفعل هذا بالأطفال فتخيلوا ماذا ينتظركم؟». والهدف من هذه الممارسات، حسب ادبيلي، ليس استفزاز العائلات فحسب بل المجتمع السوري بأكمله. وفضلاً عن كل ذلك، تمنع السلطات أهالي الضحايا من إقامة بيوت عزاء لقتلاهم برصاص الجيش السوري، وعادة ما يتحول العزاء إلى تظاهرة غاضبة ضد النظام.

وبعد أن قام الأسد باستقبال والد حمزة الخطيب في تمثيلية فاضحة، تم اعتقاله ثم إطلاق سراحه شريطة عدم التحدث عن أسباب مقتل ابنه. ويتعين على عائلة الضحية توقيع تعهد عند تسلم جثة القتيل، بأن ابنها مات في حادث سيارة أو على يد «متطرفين». كما تتعرض عائلات الأطفال المصابين للابتزاز من طرف السلطات، كما حدث لعائلة الطفلة ابتهال( أربع سنوات) التي أصيبت ركبتها جراء إطلاق رصاص عشوائي قرب منزلها، في السابع من سبتمبر.

ومع ذلك لم يسمح المسلحون الموالون للنظام لوالدها بنقلها إلى المستشفى لتلقي الإسعافات الأولية والعلاج إلا بعد سلسلة من االمفاوضات. وبعد أن حصلت الطفلة على العلاج اضطر الأب لتوقيع وثيقة تقول إن ابنته تعرضت لإطلاق نار من طرف «جماعات إجرامية». وطالبت والدتها بالقصاص من النظام السوري ورئيسه.

ولايزال والد الطفل تامر الشريعي يطالب بتحقيق العدالة، وقد قتل تامر مع حمزة الخطيب، واسترجع والده الجثة وعلامات التعذيب واضحة عليها، بما في ذلك آثار الحرق بالسجائر واقتلاع الأسنان. وخلال لقاء لوالد تامر مع قناة «العربية» أكد أنه رفع قضية ضد بشار الأسد. وفي هذا السياق يقول المحامي اللبناني طارق شندب «حان الوقت لمجلس الأمن ليحيل القضايا إلى محكمة الجنايات الدولية». ولم تنل هذه الممارسات الوحشية من عزيمة المحتجين. فقد خرج آلاف المتظاهرين في المدن السورية وبعضهم يحمل أطفالهم على أكتافهم، وهم يرددون «ارحل.. ارحل». وكان ذلك في جمعة «أطفال الحرية» في الثالث من يونيو الماضي.

ترجمة: الامارات اليوم
(93)    هل أعجبتك المقالة (91)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي