أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

متحف الصابون في مدينة صيدا الساحلية منذ 3 آلآف عام .. د.خالد ممدوح العزي



كارول عازار هي مديرة متحف الصابون في مدينة صيدا الساحلية، في جنوب لبنان .

المتحف يهدف لتعريف الزوار الأجانب، والمواطنين اللبنانيين والعرب على حد سواء بحرفة الصابون، الموجودة منذ نحو 3 آلاف عام في المنطقة .

مهمتهاالأساسية في المتحف تكمن في الحفاظ على تاريخ صناعة وحرفة الصابون بالطرق التقليدية في لبنان.

تشتهر مدينة صيدا والعديد من المدن الساحلية في لبنان بإنتاج وتصدير الصابون المصنوع من زيت الزيتون إلى الدول العربية، كالخليج العربي ومصر وإفريقيا والدول الأوروبية وأمريكا .

وتصدرها عبر البحر ويعتبر ميناء صيدا هو الميناء التاريخ التي كانت تشحن وتعبئ السفن منه لتبحر ماخرتا في عرض البحار، واصلة إلى المكان المقصود من بقاع الدنيا، ويتتبع المتحف تاريخ صناعة الصابون من حلب في سوريا إلى نابلس في الأراضي الفلسطينية، ويعرض مراحل تطورها المختلفة في المدن اللبنانية حيث تكثر شجر الزيتون ،مرورا بعصر الفينيقيين إلى عصر الدولة العثمانية،والدولة اللبنانية الحديثة .

المتحف المرمم حديثا ، مبني من حجري صخري قديم ، الحجر الرملي الأصفر، تم بناءه في القرن السابع عشر، وبنت عائلة حمود المصبنة اي معمل الصابون اليوم ، ولكن في القرن التاسع عشر تملكت أسرة عودة اللبنانية ،المصبنة ، التي كانت معروفة في صيداوالجوار بصنع الصابون،واشتهرت لاحقا بتأسيس أول بنك في لبنان"يعرف اليوم ببنك عودة الكبير.

استمرت المصبنة بالعمل في إنتاج الصابون حتى عام 1975 حينها أقفلت المصبنة أبوبها بسبب الحرب الأهلية اللبنانية. في العام 1996 بدأ الترميم في متحف الصابونبطريقة علمية حديثة ،والذي استمر ت ورشة الترميم حتى العام 2000 وتم فتح أبواب معمل الصابون مستقبلا زواره،تحت اسم مؤسسة عودة.

تعتبر صناعة الصابون ،شاءنها شأن الكثير من الحرف اليدوية في لبنان تدخل صناعة الصابون ضمن الأعمال العائلية التي تورّث من الآباء إلى الأبناء.تروي مديرة المتحف السيدة كارول عازار التي تتولى إدارة متحف الصابون منذ عام 2002م، لقد اكتشفت صناعة الصابون في عالمن العربي وحوض المتوسط منذ 3 آلاف عام".
لصابون قصة عبر العصور فان اكتشاف الصابون يعود إلى امرأة كانت تنظف قدرها الملوثة بالدهن بواسطة الروماد، فحصلت على مادة قد تكون أساس الصابون. هناك عدد كبير من النصوص القديمة تشهد على وجود الصابون عبر العصور ،مثل الالواح السومرية التي تعود الى 3000 سنة قبل الميلاد ،ونصوص بلاد مابين النهرين التي ترقى الى 2200 سنة قبل الميلاد،والبردي المصري ،والنصوص الأشورية او نصوص الكتاب المقدس .

ولكن صناعةالصابون كانت دائما موجودة في المنطقة عندنا حيث تنما شجرة الزيتون ويعود الفضل بتطوير هذه الصناعة إلى العرب نفسهم الذين ساهموا بشكل أساسي بعملية التطوير والتحديث لهذه الصنعة المستمرة والمتورارثة من جيل الى جيل حتى اليوم ، ومن هنا من هذه البلاد ،ومن صيدا تحديدا لازالت عملية تصدير الزيتون وزيت الزيتون مستمرة بالتصدير حتى الان .

القد تطورت صناعة الصابون في بلاد المشرق،في سورية ولبنان وفلسطين ، بفضل الانتشار الواسع والكبير لزراعة أشجار الزيتون،فالصابون الذي يصنع من زيت الزيتون"حيت حبات الزيتون تتساقط على الأرض قبل نضوجها وهي غير صالحة للأكل تستعمل في صناعة الصابون،ورماد القطرونة التي تنبت في البادية الأردنية وحول تدمر ومدينة الصلت الأردنية ، ومن الزيت يتم صناعة الصابون الحرفي"بأشكال وأنواع وإحجام مختلفة .

تضيف كارول عازار لقد أردنا العمل بهذا المتحف لنجعل هذه الحرفة تدوم،وتدوم ، ونشجع جميع الحرف الأخرى في صيدا والجنوب ولبنان والعالم العربي على تاسيس متاحف خاصة بها تروي قصص تطورها . وتقول مديرة المؤسسة كارول باننا نشرح للزائر فوائد الصابون وطريقة تصنيعه من مواد طبيعية لا تؤذي الجلد" بل تساعد في العلاج الجلدي.ويضاف اليها مواد طبيعية مثل ماء المزهر،العسل،ماء الورد،الحليب ،واضافة مواد اخرى تستخدم في صناعة الصابون .


يقع متحف الصابون في قلب مدينة صيدا بمنطقة السوق القديمة، وهي عبارة عن أزقة صغيرة تتجاور فيها متاجر الحلي"الذهب" والمجوهرات، مع متاجر الجزارة والبقالية والألبسة ، لتشكل بحد ذاتها منظرا جميل جدا لأسواق مدينة قديمة تختلف أحوالها وبناءها عن فن العمارة الحديثة والمعاصرة في يومنا.

استقبل المتحف هذه السنة47 الف زائر من الزوار العرب والأجانب، بدون مقابل للدخول الى المتحف الذي يفتح أبوابه كل أيام الأسبوع ما عدا الأحد،فالسياحة الأوروبية تكون في شهري" أيار مايو ونيسان ابريل" و"تشرين الأول اكتوبر" ،أما السياحة العربية الكبيرة تكون في شهري تموز يوليو وأب أغسطس ،والملفت للنظر في زوار المتحف هم من الأجيال الصاعدة المحبة لعلم الآثار والاستكشافات القديمة التي تميلهم اليها حب المعرفة والاطلاع .
ولكن قاسم حسون صاحب شركة صابونا المتواجدة في مدينة صيدا ، الذي ورث حرفة صناعة الصابون عن آبائه وأجداده، والذي يحاول توريتها إلى أبناءه وأحفاده، من بعده، يتفق مع كارول عازار مديرة متحف الصابون ، في أن صنعة الصابون تعتبر اليوم من أعمدة التراث اللبناني والعربي، نتيجة الانتشار الواسع لأشجار الزيتون في الدول العربية وساحل البحر المتوسط .

يروي حسون بإن مدينة صيدا كانت في القديم مدينة ناشطة تجاريا واقتصاديا،ومصدر على ساحل البحر الأبيض المتوسط،وكانت فيها منتجات عديدة ومنها منتج الصابون التي تصل إليها القوافل الآتية من الأرياف المجاورة لكي يتم تصديرها فيما بعد الى الخارج بعد توضيبها الجيد ،وكان جزء كبير من هذا الصابون يصدر إلى فرنسا عن طريق مرافئها البحرية .

ويبيع قاسم حسون اليوم في متجره الكائن في مدينة صيدا ،المدينة الساحلية أكثر من 500 نوع من أنواع الصابون المختلقة،بتركيبتها وأنواعها وإشكالها ويتراوح أسعارها من 20 سنتا حتى 35 دولار ،للقطعة الواحدة ،ويضاف إلى خلطت الصابون الثمين" العسل ودهن العود المستورد من فرنسا"، ويستخدم هذه النوع الثمين في الصابون "عند حفل الزوج للتعطر برائحة طيبة ومختلفة"، أو كهدية مميزة ، ولكن هذه الأنواع من الصابون التي تباع في لبنان بأسعار مقبولة جدا ،يرتفع أسعارها في الخارج بسبب سيطرة التجار على أسواق البيع لكونهم هم من يتحكم بهذا الاسواق .
تتنوع أنواع الصابون الكثيرة والمختلفة التي نجدها على رفوف الباعة ،وفي المحلات، منها ما يستخدم في مقاومة التجاعيد الجلدية ، أو كمنشط جنسي للمتزوجين حديثا أو لمعالجة الإمراض الجليدية والفطرية أو للاستعمال اليومي في البيت أو لغسل الأواني أو الثياب.
يعمل قاسم حسون وعائلته في هذه الحرفة الجميلة والمميزة التي أصبحت مصدر وحيد للدخل،ومصدر الرزق ، رغم المنافسة الكبيرة من المصانع الكبرى، وارتفاع أسعار المواد الخام مثل العسل،الحليب وزيت الزيتون وزيت الغار المستورد من بلدة عيتا الشعب الحدودية مع فلسطين المحتلة، والصابون المعطر بالغار له أيضا مزايا كثيرة مطهرة،مرطبة ومضادة للحساسية ،التي يعترف بها الطب والأطباء وكذلك العديد من الإعشاب المختلفة التي تساعد في تزين الصابون وتضاف اليه كإضافة لطيب روائحه العطرة الجميلة والمميزة.

ويملك قاسم حسون متجرا آخر في مصيف "صوفر" المدينة الواقعة في حبل لبنان الذي يرتاده الزوار العرب وتحديدا الخليجيون العرب . لكنه ذكر أن السياح ليسوا وحدهم الذين يشترون منتجاته المتنوعة ، مشيرا إلى أنه "يوجد لبنانيون أكثر من السواح ويصدر الصابون إلى دول حوض البحر المتوسط التي تعرف شجرة الزيتون "كفرنسا ،ايطاليا ،اسبانيا ،والبرتغال،بلجيكا وأمريكا،والدول العربية والخليجية ... ويقول قاسم حسون بأنهم لا يصدرون الصابون إلى دول أسيا الجنوبية"كاكوريا ،فيتنام ،اندونيسيا،ماليزيا،الفليبين ،اليابان ، والصين"، لكون هذه الدول الأسيوية الجنوبية لها ثقافتها الخاصة بإنتاج الصابون التي تنتجهمن الارز ، لذا تعتبر عندنا صناعة الصابون حرفة تراثية، من تراث لبناني، وانتاج حرفي فني لبناني ".


صحافي وباحث إعلامي،و مختص بالإعلام السياسي والدعاية.
[email protected]

(223)    هل أعجبتك المقالة (187)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي