جمال سليمان يسخر من الحماصنة على شاشة فضائية ....!

 من الذي يقود الآخر؟ هل المثقف هو من يقود المجتمع أم أن العامة هم من يوجهون الثقافة ويحكمون سيطرتهم على المثقف؟ أكتب هذه الأسئلة بعد مشاهدتي للحلقة الماضية من برنامج (الليلة الكبيرة) الذي يقدمه المصري خالد أبو النجا والذي استضاف النجم السوري المثقف جمال سليمان ليناقشه في آخر أعماله. وقد سارت الحلقة بالشكل الطبيعي المتوقع إلى أن بدأ جمال سليمان بإطلاق النكت التي تسخر من أهل حمص في سوريا مبرراً استخدامه لهذه النكت بأنها جزء من الثقافة الشعبية السورية وأنها لا تعبر عن الحقيقة لأن أهل حمص أذكياء ورائعون وكأنه بذلك يريد أن يخلي مسؤوليته من حجم الضرر الذي ألحقه بأهل حمص والصورة السيئة التي رسمها عنهم عبر قناة لها شعبيتها العربية كقناة دبي.
هل يمكن أن تقول لأحدهم: (يا لك من غبي رائع!)؟. هذا ما فعله جمال سليمان في تلك الحلقة حيث لم يكتفِ بسرد نكت أهل حمص بل أضاف لها حركة باليد تعطي إشارة للتخلف العقلي! ثم اختتم ذلك بتأكيده أن أهل حمص محترمون وأذكياء!. يبقى السؤال: ما الداعي إلى كل ذلك؟ وما الذي أجبر جمالاً على ولوج هذه المنطقة خاصة وأن محاور الحلقة وطبيعة البرنامج لا شأن لها بالدراسات الاجتماعية ولا بعلوم الانثروبولوجيا!؟.

سيقول أحدنا أن جمال سليمان كان يعكس أفكاراً موجودة ومتداولة فعلاً في الشارع السوري.. وهنا نسأل عن دور المثقف وعلاقته بمخلفات الشارع وقذارة الواقع؟ هل المنتظر منه أن ينساق خلف القطيع ويردد الأفكار المتخلفة؟. لو أنه أطلق مثل هذه النكت في عمل فني لكان مقبولاً لأن العمل الفني هو عكس لصورة المجتمع بكل ما فيها من أدران وقذارات، والممثل في هذا العمل سيكون مؤدياً فقط لشخصية مأخوذة من الواقع قد تكون متخلفة وتحمل آراء سلبية ضد الجميع. لكن الأمر لن يكون مقبولاً حين ينطق الممثل بمثل هذه الأفكار في برنامج يستضيف هذا الممثل لشخصه، لأنه في هذه الحالة إنما يعبر عن فكره هو وعن وعيه وثقافته، وعن مواقفه الشخصية، وكل ما ينطق به سيأخذه الجمهور كرأي ثابت وحقيقة لا تقبل الجدل خاصة إن صدر هذا الرأي من نجم مثقف له جماهيرية طاغية مثل جمال سليمان!.