أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"جراحة دقيقة" لمقال فيصل القاسم تنقذ حياة "كلماته المشفرة"


بعكس ماتوقعه الشارع السوري أتى مقال المذيع السوري الشهير الدكتور فيصل القاسم الأخير مخيبًا للآمال من ناحية تلميحه لا تصريحه، مع تقبل بعض الشارع هذا التلميح والتماسه أعذارًا عدة لمذيع الجزيرة حالت دون تسمية الأشياء بمسمياتها.
"زمان الوصل" حاولت فك "شيفرة" مقال القاسم "اضحك مع الفضائيات الحكومية في زمن الثورات!" وربطت الأحداث ببعضها بقدر الممكن، خصوصًا وأن القاسم دمج الوضع المصري مع الليبي والسوري، مع تركيزه على الأخير.

البداية بقوله "في بلد عربي آخر سمع أحدهم من التلفزيون المحلي أن إحدى المناطق الملتهبة جداً التي تشهد يوميا مظاهرات عارمة وأحداثاً مأساوية، سمع أنها أصبحت هادئة جداً، فذهب إليها ليجدها في حالة رهيبة، بحيث بدا المشهد وكأنه ساحة حرب، فسأله الجنود لماذا أنت قادم إلى هنا، فقال: لقد سمعت من الفضائية الفلانية أن الوضع هنا هادئ جداً، فأجابه الجندي: إلى جهنم أنت وتلك الفضائية، ألا ترى يا مجنون أننا في حالة حرب مع الشعب هنا؟"، هنا يقصد القاسم تلفزيون الدنيا ومدينة درعا واستنبط ذلك من خبر نشرته "زمان الوصل" بعنوان (سوري يصدق الدنيا ويذهب لدرعا).

القول الثاني "كم يضحك المشاهد عندما يستمع إلى أحد الأبواق الحكومية وهو يخبر المشاهدين بأن الناس سيخرجون يوم العطلة ليس للتظاهر، بل للنزهات وشرب الشاي وتدخين الشيشة، فلما جاءت تلك العطلة، انطلقت المظاهرات في مدن عديدة لتتحول البلاد إلى ساحة وغى. وبينما كانت عشرات المناطق تشتعل بالتظاهرات الصاخبة والدموية بسبب وحشية السلطات، كانت التلفزيونات المحلية تصور مشاهد لأناس يشترون البقدونس والخس في محاولة مفضوحة للغاية للضحك على ذقون المشاهدين"، يقصد المذيع الشهير هنا يوم الجمعة في سوريا، حيث اتبع التلفزيون السوري سياسية بث مقاطع من شوارع فرعية على أنها في مدن قال الإعلام العربي أنها تشهد احتجاجات، والأبواق هنا بالتأكيد أبواق السلطة الذين سطروا شهرة واسعة.

القول الثالث "في بلد آخر، تخبرنا الفضائيات الرسمية بأن كل المتظاهرين عبارة عن إرهابيين خطرين لا بد من سحقهم إلى جهنم وبئس المصير، مع العلم أنها كذبة من العيار الثقيل. لا عجب أنها عللت الاجتياح العسكري لبعض المناطق ومحاصرتها وترويع أهلها بالجيش وفرق الموت بأنه جاء استجابة لدعوات ومناشدات سكان المنطقة لتخليصهم من هؤلاء المتطرفين، وكأن السكان هناك من النوع السادي الذي يستمتع برشقات المدفعية الثقيلة وجنازير المدرعات وبلطات القتلة" ماكتبه القاسم هنا يذكرنا بما تنشره وكالة الأنباء السورية كلما أراد الجيش اقتحام مدينة وقولها "طلب الأهالي من الجيش دخول المدنية لحمايتهم من العناصر الإجرامية المسلحة"

ويتابع القاسم في القول الرابع "وصل الأمر ببعض الفضائيات المحسوبة على إحدى الحكومات إلى استضافة رهط من المطبلين والمزمرين والمأجورين والكذابين المحترفين من داخل البلاد وحتى خارجها للردح ضد هذه الفضائية أو تلك، لا لشيء إلا لأنها كانت تنقل عشرة بالمئة فقط، وليس كل ما يحدث من جرائم فاشية على أيدي الأنظمة العربية الفاشية والوحشية هنا وهناك بحق المتظاهرين السلميين"، ربما يقصد القاسم هنا المحللين السياسيين اللبنانيين الذين استضافتهم الدنيا والإخبارية السورية والتلفزيون السوري بلقاءات مطولة.
وعرج القاسم على كذب بعض الإعلام الرسمي حتى في درجات الحرارة، مما ذكرنا بقول الأديب الراحل ممدوح عدوان " أنا أعمل في إعلام أخجل منه فهو يكذب حتى في نشرة الطقس وأخبار الكوليرا..."

وبقوله الخامس يبوح بـ"وصل الأمر ببعض الفضائيات الحكومية إلى قمة الفكاهة، حيث عللت خروج مئات الناس إلى الشوارع ليس للمطالبة بإسقاط النظام، بل للدعوة إلى الله لإسقاط المطر. وبعد أن سقط المطر، جاء في خبر عاجل لتلك الفضائية أن الألوف خرجت لتشكر الله على الاستجابة لطلبها بهطول الخير. هل هناك كوميديا أحط وأردئ من هذا النوع من الفبركة المفضوحة؟" وهنا إشارة واضحة لقناة الإخبارية السورية التي باتت تعرف بفضائية المطر بعد بثها هذا الخبر الفكاهي.

بعد كل هذا يزحف تساؤل مشروع بين أنقاض الخوف والكتابة، لماذا لم يصرح إعلامي بحجم القاسم عن رأيه، ويقطع دابر التأويل، مما يخشى القاسم؟، وهو الذي تحميه شهرته وتاريخه الصحفي الطويل، وماذا ترك للصحفيين الأقل شهرة أو غير المشهورين أصلًا.. الخوف أم الكتابة ذات اليمين وذات الشمال، بينما الهدف أمام العينين.

 

زمان الوصل
(93)    هل أعجبتك المقالة (98)

د. عوض السليمان

2011-05-30

المادة التي كتبها الدكتور فيصل القاسم(اضحك مع الفضائيات الحكومية)كما أراها، مادة جيدة جداً لناحية موقفه من الأحداث الجارية في المنطقة العربية عموماً، بالإضافة إلى أنها مادة رشيقة..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي