أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

سيدة اردنية ابتهلت في صلاتها من أجل ان تعود «سعاد » الى زوجها«ابو عصام»

التاسعة مساءً بتوقيت عمان كان موعدًا يوميًا تجتمع عليه نسبة كبيرة من الأسر ، حيث تتسمر الأعين على شاشات التلفاز في المنازل والكثير من الأماكن العامة كالمقاهي والمولات والقاعات ، لمتابعة أحداث المسلسل الرمضاني (باب الحارة)..
ولم يقتصر الاهتمام الجماهيريّ الكبير على متابعة حلقات المسلسل أثناء بثها الأول بشغف واهتمام بالغين ، بل تعدى ذلك ليطال عروض الإعادات ، حتى أنه أصبح محورًا للحديث أثناء الفترة الصباحية من دوام الموظفين في شتى القطاعات ، وامتد ليصل إلى المدارس ويدخل في أحاديث الطلاب وهم على مقاعد الدراسة... ومنهم من تأثر بشخصيات المسلسل مثل شخصية أبو جميل ، "بائع البليلة" ، وشخصية العقيد ، حامي الحارة... فأخذوا يرددون بعض عباراتهم وتصرفاتهم...
الكثير من المقاهي والخيم الرمضانية تنبهت في وقت مبكر إلى هذا الاهتمام الجارف ، حيث لاحظ أصحابها أن زبائنهم لا يبدؤون بالحضور إلا بعد انتهاء عرض المسلسل ، مما دفعهم إلى تكريس شاشات التلفاز في محالّهم لعرض المسلسل ، وبالتالي لتشجيعهم على المحافظة على مواعيد حضورهم المعتادة.. وليس هذا وحسب ، بل إن بعض المقاهي أخذت تعلن في الإذاعات المسموعة عن توفير ظروف العرض في موعد عرض المسلسل لاستقطاب الرواد..
أما إذا ما بحثنا عن المبالغة في رد الفعل فلن نجد أفضل من ذكر أن بعض المحالّ التجارية قد أخذ أصحابها يطلقون عليها اسم (باب الحارة) تيمنًا بهذا العمل الدرامي.. كما ان سيدة في منطقة "عين الباشا" أبتهلت الى الله اثناء ادائها لصلاة التراويح ، ان يعيد "سعاد"الى زوجها "ابو عصام" مما يدل على تأثير احداث المسلسل في الحياة الاجتماعية عند الاردنيين بشكل ملحوظ.
الكثير من المواطنين استغربوا شدة تعلق الناس بالمسلسل ، لدرجة تعطيلهم لأعمالهم في أوقات عرضه ، بينما وجد آخرون مبررًا لمثل هذه (الهجمة الجماعية) على شاشات التلفاز..
اعتدال الخواجا ، ربة منزل ، ذكرت أنها كانت تنظم جدولها اليومي بحسب مواعيد بث (باب الحارة) ، حيث تشاهده مرتين يوميًا: في التاسعة مساءً ، موعد بثه الأول ، وكذلك في الساعة الرابعة فجرًا ، وهو موعد الإعادة الأولى ، أثناء تحضيرها لوجبة السحور.. وأشارت إلى أن الأسرة بأكملها كانت تجتمع حول شاشة التلفاز بعد صلاة العشاء مباشرةً لمتابعة أحداث المسلسل الساخنة.. وفي بعض الأحيان ، تقول اعتدال ، كان الضيوف يشاركونهم الجلوس حول التلفاز بوجود الحلويات الرمضانية والقهوة والشاي..
أما في حال أن تمت دعوتهم على الإفطار ، فقد كانت الخواجا تخبر السيدة المضيفة أنهم يرغبون بمتابعة أحداث المسلسل بعد الانتهاء من وجبة الإفطار ولواحقها.. وتوضح أنها لم تكن تواجه أي استغراب أو معارضة ، بل على العكس ، كان الجميع يوافقونها لأنهم بدورهم يتابعون المسلسل نفسه..
هدى التايه ، الطالبة الجامعية ، أكدت أنها كانت ملتزمة بمتابعة حلقات المسلسل منذ اليوم الأول من عرضه ، ولم تفتها حلقة واحدة منه.. وأشارت إلى أن أكثر ما شدها في المسلسل هو أنه يحمل طابعًا اجتماعيًا واقعيًا افتقدناه في أيامنا هذه ، خاصة التواصل الاجتماعي بين أهل الحارة ومساعدتهم بعضهم لبعض ، وتعاونهم فيما بينهم في مختلف شؤون حياتهم ، إلى جانب تكريس المسلسل لمفاهيم احترام من هم أكبر سنًا وطاعتهم ، وكذلك الترابط الأسري ، والالتزام بالعادات والتقاليد التي أخذت تغيب شيئًا فشيئًا في مجتمعاتنا الحاضرة..
ولا يجد محمد الخطيب ، مدرس ، أي حرج من متابعته هو وأسرته للمسلسل الذي يقول إنه كان مسلسلاً ملتزمًا أخلاقيًا وخاليًا من أي ابتذال... بل إنه كان يحث أفراد أسرته على متابعته لما يعرضه من قيم اجتماعية وأخلاقية نحتاج كلنا إلى التزامها والعودة إليها.. فطاعة من هم أكبر سنًا ، واحترام من هم أعلى مقامًا ، هي معانْ أخذت تغيب تدريجيًا في ظل موجة العولمة والمفاهيم الغربية التي أخذت تلج إلينا بمصاحبة الثورة التكنولوجية العارمة..
وأشار الخطيب إلى أن المسلسل يحتوي على قدر كبير من عنصر التشويق والإثارة ، مما كان يجبر المشاهد على متابعة الأحداث حلقة بعد أخرى لمعرفة مجريات الحدث حتى نهايته..
المذيع حسن حجازي ، والذي تابع الجزء الأخير من المسلسل لا يجد مبررًا لكل هذا الاهتمام الجماهيري ، ويرى أن الأحداث التي يطرحها هذا العمل الاجتماعي ، مع أنها تمس جزءًا من حياة الناس ، إلا أنها لا تحتوي على معالجة قوية أو جديدة.. ويضيف أن أحداث المسلسل التزمت سطحية المسلسلات العربية التي تقتصر على أفكار اجتماعية متكررة ومعالجات خالية من الإبداع والخيال الخصب الذي نجده في الكثير من الكتابات المعاصرة والقديمة ، العربية منها والأجنبية.. ويتساءل حجازي أنه وفي ظل وجود الأرضية الخصبة للإبداع ، سواء في مجال كتابة السيناريو أو الإمكانيات الفنية البصرية والسمعية ، فلماذا تبقى الأعمال الفنية العربية مغرقة في سطحية الواقعية في الطرح والتناول،، سامح فيصل ، يرى أن باب الحارة من المسلسلات القوية في طرحها الاجتماعي التي شدت الكثيرين لرؤيتها ومتابعتها كونها أعادتنا إلى زمن التكافل والتواصل بين أفراد الحارة وكأنهم عائلة واحدة.. وأشار فيصل إلى أن الأحداث المتعلقة بالثورة ضد المحتل كانت من أكثر الأحداث التي شدّت المشاهدين لمتابعة حلقات المسلسل..
ولفت فيصل إلى أن هناك حلقات كانت تفتقد إلى المضمون والحبكة القوية وكأنها خارجة عن سياق المسلسل العام ، وخاصة الحلقات الأخيرة ، التي جاءت ، كما يقول سامح ، مستغلة استغراق المشاهد بالمتابعة دون أن تضيف للسياق أي جديد..
أما نواف شلباية فقد ذكر أن مسلسل باب الحارة قد أعاده إلى ذكريات القرية القديمة التي عاش فيها ، حيث كانت العادات والتقاليد قريبة جدًا من أحداث مسلسل باب الحارة ، حيث احترام الزوجة لزوجها ، والأبناء لوالدهم ، وكذلك الترابط الاجتماعي بين أفراد الحي ، الذي نفتقده في هذه الأيام.. وأضاف شلباية: "كنت أترك أعمالي وأختصر زياراتي لأكون على الموعد لحظة بدء العرض اليومي"..
محمد أحمد ، انتقد المبالغة في بعض الأحداث التي تتناول العلاقة بين أفراد الأسرة ، مثل سيطرة الرجل وفرض رأيه على أفراد عائلته ، وخصوصًا علاقته مع الزوجة والأخت..
وفي النهاية ، لا شك أن مسلسل باب الحارة قد شكل في شهر رمضان الأخير ظاهرة من التلقي تفاوتت عندها ردود فعل الجمهور ما بين مشارك ومستنكر.. وما يزال أثر هذه الظاهرة ممتدًا حتى الآن ، وما تزال تداعياتها تتلاحق... ناهيك عن التساؤلات والتوقعات حول حجم المتابعة التي سيحظى بها الجزء الثالث ، الذي تم الإعلان عن البدء بإنتاجه منذ أيام..

الدستور الاردنية
(179)    هل أعجبتك المقالة (170)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي