قضاتنا ياسيادة الوزير .. لايقرأون .. لايدققون .. لايهتمون .. وبالتالي هم يفتقدون روح الإبداع في مواجهة النص . وأنتم السبب .. نعم أنت السبب .
كما أرى من وجهة نظري كمواطن تثقل كاهله تراكمات الأخطاء والجمود والترهل والعيوب .. أن الأسباب كثيرة جدا ً وعلى رأسها :
1- أن القضاة عندنا قد تحولوا إلى مجرد موظفين ينفذون التعليمات الصادرة من لأعلى وهذه التعليمات ذات وجهة نظر أحادية تصدر تحت طائلة المساءلة ودون مراعاة لحقوق أولئك القابعين في أسفل السلم .. أقصد المواطنون الذين لاتهتمون بهم لأنكم ترونهم مجرد أعداد وأرقام .. يهان من يهان ويذل من ذل وتهدر حقوق من تهدر حقوقه دون أن يرف لأحد جفن ولأن هذا غير مهم لديكم كما أرى ..!! لماذا ياسيادة الوزير ألأنه مجرد مواطن .
السيد الرئيس يوجه نحو حماية المواطن وتسهيل حياته وأنتم تعقدونها وتزيدون من حجم الضغط عليه لكي ينفجر ..؟!! لماذا ياسيادة وزير "العدل" ..؟!!! إلى أين تريدون الوصول ..؟!! لماذا ترون أنه يتوجب على المواطن أن يقبل صاغرا ً لكل مايصدر عنكم والله و كنتم أرباب وآلهة لكفرنا بكم هل ترون فينا قاصرين عن فهم مقاصدكم مقاصد ربوبيتكم وألوهيتكم ..؟ إلى متى سوف تستمرون في التجريب والاختبار في مختبراتكم وليمت من يمت من فئران التجارب ..؟!
قد يتنطع أحدهم ممن يحبون التملق والتمسح بالأعتاب متسائلا ً ..عن علاقتي بهذا الأمر على اعتبار أنه خاص بأهل الإختصاص . هذا إن لم يختلق اتهامات وتأويلات حسب العادة ..الرد بسيط للغاية ..وهو : أن لكل مواطن الحق بكل شيء في هذا المواطن لأنه ضحية الخطأ .. نعم ضحية ممارسات الإدارات المختلفة في حال انحرافها وعماها وقصر نظرها وعندما تجانب الصواب والواقع فتمر مرور الكرام حتى دون اعتذار ..؟! ولماذا الاعتذار من الأرقام وقطعان الأغنام ..؟
والأصل كما تعرفون أن المسؤولين على اختلاف درجاتهم هم عاملون لدى مجموع المواطنين لأنهم من يتحمل نفقاتهم ومصاريفهم ورواتبهم وهرهم وتجاوزاتهم واختلاس البعض واستغلالهم لمواقعهم كما يتحمل نتائج وآثار كافة ممارساتهم في حال حصولها .. وهذا في لأصل غير جائز ومخالف للقانون لأن دورهم وحسب تأكيدات وتوجيهات السيد الرئيس وحسب القانون هو تسهيل حياة المواطن لاتخريبها وتعقيدها وابتداع المزيد من الروتين وتحويلها إلى جحيم وبالتالي فإن هؤلاء ليسوا آلهة ولن نركع أو نسجد لهم وعليهم في كل لحظة يخطئون فيها أن يعتذروا علنا ً وأن يعاقبوا عند الإساءة وافتضاح النوايا الغير سليمة .. العقاب يتوجب أن يوقع وحسب نوعه وحجمه وشكله بغض النظر عن النية والقصد مع أن الخطأ ممنوع كلما كبر الموقع .
2- ياسيادة الوزير .. عندما تم تكليفكم بالوزارة قال وأشاع وتداول البعض من المتخصصين بالتملق ( أن هذا هو رابسو ) الذي سينظف الوزارة ..وقد قلنا لهم في حينه أنه لو كان الأمر صحيحا ً لرأينا ذلك في جهاز الرقابة الذي كان همه إلقاء القبض على الخواريف الصغيرة وترك ذوي القرون والأضلاف والحوافر المتينة ترتع وتقضم على هواها .مع ذلك فقد خدعنا أنفسنا وحاولنا التصديق وقلنا لعل وعسى متمنين دائما ً أن ينتصر منطق العدالة والتي يتوجب أن تطور نفسها وتجاري روح العصر .. لكن ..؟!!!
3- كان أول إجراء هو تقليص العطلة القضائية الذي أثار جدلا ً وتذمرا ً ,, وكان واضحا ً أن لاعلاقة له بأي حل يمت إلى إزالة تراكم القضايا .. ثارت ضجة مبرر لها ولاتسمن أو تغني من جوع . والمشكلة ليست هنا وكان واضحا ً أنها عملية هروب من البحث الحقيقي عن أية حلول ولم يتجاوز عملية إبراز عضلات وممارسة سلطة , بالمناسبة أسألكم ماهو سر هذا العشق لممارسة السلطة فتتحول حتى المواقع الخدمية البحتة إلى سلطة ..؟ الأمر يستدعي متخصصين في علم النفس .. لقد فشل اختبار العطلة وقرأناه على أنه خطوة لتكريس سلطتكم كبداية ضمن نطاق القضاء وأن آثار التذمر سوف تقع على أم رؤوسنا نحن المواطنين . فالقاي بحاجة إلى راحة وترفيه وليس إلى تقليص هامش الراحة التي تؤثر على حسن إدائه . وحسب معلوماتنا المتواضعة أن العطلة القضائية في العالم لمتحضر ربما كانت أطول مما هي عندنا والدولة هناك توفر للقاضي كافة وسائل الراحة في أفضل المنتجعات والحافلة بكافة وسائل الرفاهية فيعود إلى عمله متوازنا ً نفسيا ً .. صافي الذهن .. قادرا ً على الإبداع . .لايخسر دقة الانتباه والملاحظة .. والعطلة هناك تتم على نفقة الدولة كما نعلم .
4- الإجراء أو " الاختبار "الثاني ياسيادة الوزير .. كان إلزام القضاة بنسبة إنجاز لاتقل عن خمسون بالمائة من القضايا المعروضة عليهم إضافة لتلك المتراكمة والتي ورثوها عمن سبقهم في نفس المحكمة وذلك خلال العام تحت طائلة المساءلة والعقاب في حال انخفاض نسبة الإنجاز عن هذا الحد .
( تعال لنناقش الأمر منطقياً )
إذا احتسبنا أن الحد المتوسط للدعاوى في أية محكمة في أصغر محافظة يتراوح بين ألفين إلى ثلاثة آلاف في العام وأن أيام الدوام الفعلي لاتتجاوز المائة وخمسون يوما ً يكون الواجب فصله من دعاوى يوميا ً هو مابين عشرة إلى عشرين دعوى يوميا ً .. فأين المنطق في هذا .. ألا تحتاج كل قضية إلى ساعة على الأقل لقراءة كل ورقة فيها وتدقيقها .. معنى ذلك أنه يحتاج إلى عشرة – عشرين ساعة كل يوم للقراءة فقط وتكوين فكرة .. هنا أسألكم أليس هذا القاضي إنسان وهناك احتياجات وحاجات إنسانية ضرورية ولازمة ألا يأكل .. ألا يشرب .. ألا ذهب إلى الحمام .. هذا بض النظر عن وجود عائلة بحاجة لرعاية . . هل الأمر من وجهة نظركم يشبه الواجبات المدرسية .. أم أنها حقوق لمواطنين التي يتوجب أن تأخذ الحي لأكبر من الدقة والتنبه .. ؟ أم أن حقوق المواطنين تقع في آخر سلم اهتمامكم .. ماذا لو واجه القاضي قصورا ً في النص ..؟ ألا يحتاج الأمر منه إلى الإبداع وتحكيم الضمير .. كيف سيفعل ذلك .. أليس التمسك بحرفية النص في غالب لأحيان يكون ظالما ً يسلب العدالة روحها .
هذا الأمر بدوره قد تسبب بمجزرة بشعة تطال حقوق المواطنين وترفع من سقف التذمر .. فهل هذا ماتهدفون إليه .. هناك أمر من اثنان ثالث لهما .. إما خروج على المنطق وضعف شديد في فن الإدارة أو عدم اهتمام مقصود بحقوق المواطنين يغلف بمزاعم التشدد والحرص .. وهل هكذا تفهمون التطوير والتحديث والإصلاح . لقد بات المواطن يكره رؤية قصور العدل ويكره القضاء المفترض به أن يكون الملاذ الآمن له .
5- الاجراء الثالث ياسيادة الوزير .. رفع الرسوم القضائية بنسب غير مسبوقة وبما فوق طاقة الفقراء الأمر الذي جعلهم مع صحاب الدخل المحدود يحجمون عن مراجعة القضاء إضافة لذلك فقد تسبب هذا بتوسع مساحة البطالة بين صفوف المحامين وهكذا صار القضاء قي خدمة الأغنياء فقط .. فهل هذه هي الغاية على اعتبار أنه ومن وجهة نظركم أن الفقراء لاقيمة لهم وأن قضاياهم تافهة .. وهذا خرق فاضح للدستور الذي كفل حق الادعاء لكل مواطن ولكنه خرق بطريقة التفافية
لقد أصبح التفكير بإقامة دعوى بالنسبة للفقراء يحتاج إلى مبالغ بأرقام فلكية .. ألم أقل لكم في البداية أنكم لاترونهم سوى أعداد وقطعان من الأغنام .. وأسألكم ياسيادة الوزير .. ألم يختل الميزان الاجتماعي بعد ..؟ هل يحتمل المواطن مزيدا ً من الضغط ..؟!
مايحدث الآن هو مجزرة حقيقية لمفهوم العدالة ولحقوق المواطنين وستزداد الشكاوى ويرتفع صوت الأنين ويتعاظم حجم التذمر لدى المواطنين الذين وقعوا بين تراجع قدراتهم على سلوك سبيل القانون وبين انحراف القانون باتجاه حرفية النص وافتقاد القضاة للقدرة على الإبداع .
هناك الكثير .. الكثير مما يتوجب قوله ولكنني أجلته مراعاة للظروف الراهنة ولن أتحدث عن كيفية اختيار القضاة وتفضيل بعض الأخصاء والأبناء والأقارب على آخرين هم أكثر خبرة وقدرة .
ياسيادة الوزير إن ماأراه وحسب قدراتي العقلية وإمكاناتي الثقافية ومواطنيتي المتواضعة جدا ً هو أن دوركم ليس ممارسة سلطة ونفوذ وهذه ظاهرة عشق لدى العديد من المسؤولين عندنا تحتاج لدراسات نفسية من أهل الاختصاص .
الواجب ياسيادة لوزير هو أن تشكل مجموعات من ذوي الخبرات المشهود لها تسعى وتعمل على تطوير القوانين وتوسيع أفقها بحيث تحمي أدق تفاصيل حياة المواطن عندنا وبحيث تلائم روح العصر والتطور بحيث يستعيد المواطن ثقته بالقضاء والقانون .. قصور العدل عندنا تحتوي على كل شيء إلا العدالة وبنسبة كبيرة ..والقضاء كما قلت لكم واكررها يتوجب أن يكون الملجأ لاالسوط الذي يلهب ظهورنا .
- ياسيادة الوزير أن عدد القضاة في سوريا يتجاوز 2500 قاضي في كافة الدرجات وحاجتنا لاتقل عن عشرة آلاف قاض ِ متمرس .. نزيه .. يقرأ ويقرأ ويقرأ ويملك الوقت الكافي لقراءة والتدقيق والبحث في أدق التفاصيل ..القاضي هو الملجأ وليس السوط .. وهذا القاضي توجب أن يحصل على دخل محترم جدا ًيكفيه ويزيد عن حاجته كي يقبل على عمله واضعا ً ضميره قبل كل أمر آخر .
- هل طورت القضاء الشرعي ياسيادة الوزير وأدخلت واجب اعتماد تحليل الحمض النووي ( د.ن.آ) فيما يتعلق بقضايا النسب وأسألك كيف تقبلون باعتماده في القضايا الجنائية التي قد تصل إلى ازهاق روح المتهم وترفضون اعتماده في قضايا النسب فتلحقون أبناء الزنا بباء علاقة لهم بالأمر ..؟
- لماذا لاتجتمع بالمحامين وتناقشون كافة القضايا وتتعاون مع نقابتهم بقصد تكريس أخلاقية المهنة وتكريس التخصص ورفع المستوى وأنه لايجوز أن يحوز على صفة محام ِ إلا لمن يتدرج في الخبرة القانونية ويمتلك الثقافة الاجتماعية والعامة .
- ولنا لقاء آخر نتحدث فيه بمزيد من التفصيل ياسيادة الوزير ..
- سيادة الوزير لقد تسببتم بتراجع منسوب العدالة في البلد .
السيد وزير العدل ... لماذا ..؟!!
خليل صارم
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية