لعل أفضل ما قيل مؤخرا بصدد الوضع الفلسطيني هو الطلب الذي جاء على لسان لجان المقاومة الشعبية من حماس بحل السلطة و بناء سلطة بديلة مقاومة , و أنا أضيف هنا و شعبية و لا سيما ديمقراطية بمعنى أنها تعتمد على الجماهير الفلسطينية أساسا..من المؤكد أن حماس قد فرضت الأمن في غزة لكن هذا لا يكفي..إن المطلوب أن تقدم للجماهير الفلسطينية نموذجا مختلفا عن سلطة رام الله و ربما سائر الأنظمة العربية التي تتباهى فقط ب" الأمن " الذي تفرضه علينا بالحديد و النار..المطلوب هو بديل حقيقي أي جذري عن سلطة رام الله التي لا يختلف اثنان حتى من داعميها الدوليين على فسادها..ليس الأمن وحده هو هذا البديل خاصة تحت خطر الاجتياح الإسرائيلي الدائم و تحت الحصار و التجويع المستمرين وسط دعم أمريكي مطلق و تواطؤ عربي رسمي , هذا لا يمكن مواجهته استنادا إلى المناورات السياسية التي يمارسها مثلا النظام السوري و ربما الإيراني و يعتقد الاثنان أن سلامتهما تعتمد عليها..إن قضية الشعب الفلسطيني تختلف عن قضية كلا النظامين السابقين , إنها ليست قضية السلامة الشخصية للنظام بل كما ذكرنا مقاتلو لجان المقاومة الشعبية قضية تحرير شعب من الاحتلال و إن التضحية جزء أساسي من مشروع المقاومة قبلت به حماس كسائر قوى المقاومة..إن خيار المقاومة ليس حالة لا علاقة لها بأوضاع الجماهير كما حاولت أن تقنعنا به أنظمة عربية مبررة بذلك فسادها و استبدادها الذي كان من الطبيعي أن يولد الهزائم و لا شيء غير الهزائم..هناك اليوم قرار إستراتيجي بتصفية القضية الفلسطينية التي تضغط على أمريكا و النظام العربي الرسمي و بالطبع إسرائيل..إن النظام العربي الرسمي لخوفه أو لارتباطه بأمريكا أو لفزعه من نجاح أية مقاومة قد اتخذ قرارا استراتيجيا بالمساومة على فلسطين و بالتالي فمحاولة أي جهة مقاومة لإثبات حسن النوايا أو تحقيق أية مكاسب من محاولة إرضاء هذا النظام لن تنتهي إلا بالفشل كما هو الحال حتى الآن..المقاومة لا تعني طبعا كسب الأعداء دون مبرر لكن اليوم , كما كان الوضع بالأمس , لا يمكن للمقاومة أن تستمر دون الجماهير , إنها السند الوحيد , المضمون على الأقل , للمقاومة..قد يرد البعض أن على المقاومة أن تحاول البناء و لو مؤقتا على التناقضات في معسكر الأعداء , هذا صحيح لكن من المؤكد أيضا أنه إذا خسرت المقاومة , أو بعض فصائلها المؤثرة , الجماهير أو ابتعدت عنها بحجة إرضاء أو كسب ثقة قوى كالنظام العربي الرسمي فإن تناقضات العدو المزعومة هذه لن تكون كافية لا لتحقيق النصر و لا حتى لممارسة مقاومة مؤثرة..لقد اختارت الجماهير الفلسطينية حماس كبديل , بديل عن التضحية بالحقوق الوطنية و بديل عن حالة الفساد و النهب و البيروقراطية و انعدام الحريات , و عليها أن تتصرف كذلك اليوم..
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية