ارتفاع أسعار بعض المواد والسلع الأساسية وظاهرة الغلاء عموماً ستكون أهم مفردات الأزمة العالمية الجديدة التي نبهت وحذرت من تداعياتها الولايات المتحدة والبنك الدولي ومنظمة الفاو... الناجمة عن نقص الكميات المعروضة من الحبوب في الأسواق العالمية, أما الركود فسيكون الفصل الثاني المرافق لانتشار الأزمة باستثناء المواد الأساسية التي سيزداد الطلب عليها, لأن استهلاكها يومي وأساسي في السلم الغذائي.
وفي النتائج أيضاً سيواجه الفقراء على مستوى العالم كله صعوبات جديدة وإضافية في توفير حاجتهم من الغذاء ومن السلع عموماً, وستتدنى مستويات المعيشة..
وستنضم أفواج جديدة من البشر إلى قائمة الفقراء. وإلى قائمة من هم تحت خط الفقر. فعدد الجياع في العالم زاد عن المليار نسمة. وفي المحصلة ستجد كل الحكومات أنها مضطرة لصياغة برامج جديدة من دعم السلع الأساسية وكذلك الخدمات بهدف الحد من آثار الأزمة على الطبقات والفئات الأقل دخلاً. وهذا يعني تحويل جزء كبير من الأموال التي كانت مخصصة للاستثمار في المشاريع الإنتاجية, أو تحديث وتطوير مشاريع قائمة بهدف خلق فرص عمل جديدة.. ما يعني ارتفاعاً جديداً في نسب البطالة وضعفاً في السيولة لدى المستهلكين.. باختصار إن الأزمة العالمية الجديدة لم تصل بعد إلى مرحلة الذروة ولم تبلغ مداها حتى الآن... لكن المصاعب الناجمة عنها ستشمل كل القطاعات الاقتصادية.
المضاربات
يبدو إن الأزمة العالمية المتمثلة في نقص كميات المواد الغذائية المعروضة في الأسواق وبالتالي فتح المجال واسعاً لارتفاع أسعارها.. دفعت بالعديد من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة إلى مغادرة أسواق الذهب وترك المضاربة بالمعدن الأصفر والتوجه نحو أسواق الغذاء ليحيكوا فصولاً قاسية مأساوية في المضاربة بالمواد الغذائية.
ويمكن القول إن عملية المضاربة بالذهب أصبحت في مراحلها الأخيرة.. وسيستقر سعر المعدن الثمين ولن يتجاوز مجدداً عتبة الـ 1400 دولار للأونصة الواحدة... بل كاد تراجع أسعار الذهب أن يقترب إلى نحو 1300 دولار وفي هذا السياق يمكن أن نشير إلى الارتفاعات الكبيرة التي حققتها أسعار المعدن الثمين فقبل عشر سنوات كان سعر الأونصة 300 دولار وقبل خمس سنوات كان سعر الأونصة 600 دولار أما خلال العام الماضي فارتفعت أسعار الذهب من 1100 دولار وحالياً إلى 1448دولاراً.
الأعلاف
بدأت ملامح الأزمة العالمية بالوصول إلى أسواقنا المحلية فقد شهد الأسبوع الماضي ارتفاعات كبيرة بأسعار طن الشعير وصلت إلى ألفي ليرة والصويا حوالي 1250 ليرة أما الذرة فكانت الزيادة في أسعارها قليلة بالقياس للشعير والصويا... وهذه الارتفاعات الجديدة ستؤدي إلى زيادة كلف الإنتاج بشكل كبير ما سيخلق مصاعب عديدة للمربين قد ينجم عنها ارتفاع بأسعار البيض والفروج واللحوم الحمراء مستقبلاً وأيضاً خروج فعاليات اقتصادية من قطاع تربية الدواجن والبيض وكذلك المواشي من أغنام وماعز وأبقار... وهذا يعني أن كميات اللحوم والبيض ستنخفض في الأسواق..... وبهذه المناسبة نعيد التذكير بمطلب المربين المتمثل بإلغاء الضريبة على الأعلاف المستوردة والضميمة علماً أن قطاع الدواجن يوفر حوالي مليون فرصة عمل بدءاً من استيراد وتوزيع وتصنيع الأعلاف مروراً بالمسالخ ومحلات تقديم الوجبات.. كما أن قطاع المواشي يقدر عدد العاملين به بين 200-400 ألف عامل....
16%
أكد السيد عمر غلاونجي وزير الإسكان خلال الأسبوع الماضي أن قطاع البناء والتشييد يستوعب 16% من إجمالي قوة العمل السورية لكن هناك عدم دقة حول إجمالي قوة العمل فالأرقام الرسمية لا تزال تقدر قوة العمل بين 5.5 إلى 6 ملايين عامل... بينما الواقع يؤكد أن الرقم أكبر من ذلك بكثير ويشير بعض المتابعين لهذا الأمران قوة العمل السورية قد تتجاوز الثمانية ملايين عامل. وهذا الرقم يبرره عدد السكان الذي وصل إلى 23 مليون نسمة... وإذا صحت هذه التقديرات فإن حوالي مليون عامل يشتغلون في قطاع البناء والتشييد, لكن قسماً كبيراً من العاملين في قطاع البناء أصبحوا حالياً بسبب حالة الركود التي يعاني منها قطاع العقارات والبناء لا يعملون في الأسبوع أكثر من يومين أو ثلاثة... وقسم آخر تحولوا إلى عاطلين عن العمل... فمؤشرات هذا القطاع تؤكد أن حركة البناء والتشييد في أدنى معدلاتها.. إذ إن مستودعات مؤسسة عمران تغص بكميات الأسمنت المنتج محلياً وبالسعر الرسمي دون أي مبالغ إضافية.. أما الاسمنت المستورد فيوجد منه كميات كبيرة مكدسة في المستودعات تنتظر من يرغب بشرائها. وفارق السعر بين المنتج محلياً والمستورد مئة ليرة فقط في الطن الواحد.. وفيما يتعلق بتجارة العقارات فقد شهدت انتكاسة جديدة ومسيرة التراجع في أسعارها متواصلة... وربما تستمر حالة الجمود لعدة أشهر قادمة.... وكل عمليات البيع التي تتم هي لأغراض الاستخدام وليست لأغراض الاتجار..
الألبسة
تعاني تجارة الألبسة وكذلك معامل تصنيع الألبسة الوطنية من صعوبات عديدة تتمثل أهمها في منافسة المستورد الأجنبي للبضاعة الوطنية من حيث السعر والجودة وكذلك ضعف القوة الشرائية للمستهلكين ما دفع بمحلات البيع والعرض إلى مواصلة العمل بالتنزيلات والاعتماد على أسلوب استجرار البضاعة من المعمل بالأمانة أي أن القطعة التي لا تباع يعيدها صاحب محل العرض إلى المعمل ولا يسدد إلا ثمن القطع المبيعة.
الخضر واللحوم
سجل الأسبوع الماضي انخفاضاً جديداً في أسعار بعض أنواع الخضر مثل البندورة والخيار وكذلك تراجع أسعار الفروج وثبات أسعار البيض على حالها... أما اللحوم الحمراء فبقيت على حالها لكن أسعار لحوم العواس البلدية ينظر إليها على أنها فوق طاقة الشريحة الأكبر من المستهلكين... وفي ظل هذا الوضع فإن الجميع ينتظر دوراً مهماً لوزارتي الزراعة والاقتصاد في استيراد لحوم البيلا الحية من الدول التي ليس فيها أوبئة أو جوانح مرضية واستيراد لحوم مبردة وفق المواصفات السورية لأنه من خلال مثل هذه الإجراءات يمكن كسر حدة أسعار اللحوم...
أجهزة الخلوي
امتدت حالة الركود إلى تجارة أجهزة الخلوي التي أصبح لا يخلو تجمع سكاني في سورية من وجود عدد من محلات بيع الخلوي..
لكن جزءاً كبيراً من مبيعات هذه المحلات يتم لأجهزة قديمة وذلك بسبب ضعف الحالة المادية للمستهلكين..
خفض الفائدة
يرى بعض المتخصصين في الشأن المالي والمصرفي أن خفض الفائدة على الودائع في المصارف السورية إلى 1% أو إلى الصفر قد يكون أحد أهم العوامل لتحريك عجلة الاقتصاد والاستثمار وتوجيه الأموال المكدسة في أقبية المصارف نحو مشاريع جديدة أو نحو السوق لابتياع السلع.. فإجمالي المبالغ المودعة في المصارف وبالليرة يقدر بنحو تريليون و 300 مليار ليرة. لن تخرج إلى النور والعمل المنتج إلا إذا تم خفض الفائدة.
علماً أن هناك دولاً كبيرة ومتقدمة وضمن مجموعة العشرين لجأت إلى هذا الإجراء الذي قلص من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وبالتالي بدء مرحلة من الانتعاش وارتفاع معدلات النمو...
كما أن إعادة النظر بالأجور والمرتبات أصبح من أولويات معالجة حالة الركود وكبح جماح الغلاء...
فصول جديدة من حالة الركود والغلاء
تشرين
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية