أنطلقت أول شرارات حرب واقعية من قبل ناشري الصحف الورقية باتجاه النشر الالكتروني الذي اجتاح الاسواق وغير ميزان الاعلام المعاصر.
وهاجمت رابطة ناشري الصحف الأوروبية شركة "أبل" متهمة أياها باقتطاع جزء من أرباحهم عبر التحكم باشتراك المستخدمين بالنسخة الالكترونية عبر اجهزة "آي باد".
وعبرت الرابطة عن قلقها من سعي شركة أبل إلى توجيه الاشتراكات بالنسخة الالكترونية من الصحف عبر تطبيقات "آي تيون" على اجهزة "أي باد".
وكان امبراطور الاعلام روبيرت مردوخ قد اتفق مع مدير شركة "ابل" ستيف جوبز، في اصدار صحيفة بمواصفات رقمية تحمّل على أجهزة "أي باد" باسم "ذي ديلي".
وصدرت الصحيفة الالكترونية "اليومية" قبل أسابيع وهي تحمّل على الاجهزة الالكترونية لتكون أول صحيفة مصممة خصيصا لأجهزة الكمبيوتر اللوحي.
واتهم الناشرون الاوربيون شركة "أبل" بمنع المشتركين بالنسخة الورقية من حق المطالعة المجانية للنسخة الالكترونية.
ويخشى الناشرون من أن لا يتمكن القراء من الاشتراك عبر مواقع الصحف.
وتحصل أبل على عمولة قدرها 30 في المئة من الاشتراكات التي تتم عبر تطبيق "آي تيون".
وسيفقد الناشرون المعلومات الشخصية للمشتركين كالسن والجنس ومكان الإقامة في حال جرت عملية الاشتراك عبر تطبيق "آي تيون" الخاصة باجهزة "ابل" وليس باستخدامات الانترنت.
وكان مخترع الشبكة العنكبوتية العالمية (الويب) تيم بيرنرز لي، قد اتهم الشركات الكبرى ومواقع التواصل الاجتماعي بالخروج عن مبادئها المعلنة وإنشاء صومعة مغلقة المحتوى.
وأعرب عن ألمه لقيام الشركات والمواقع بانتاج برامجها الخاصة للتعامل مع الانترنت دون المرور بالويب.
وهذا يدفع المستخدم الذي يريد أن يقرأ صحيفة مثلاً الى تصفحها مباشرة من خلال تطبيقها الخاص، دون الحاجة لاستدعائها من خلال المتصفح، الامر الذي سيقتل فكرة الويب.
وأصبحت الانترنت مجرد بنية تحتية لعدد كبير من التطبيقات بعدما كان الويب/المتصفح هو التطبيق الاساس.
وأكد تيم بيرنرز لي ان الويب تطور ليصبح أداة قوية في كل مكان لأنه بني على مبادئ المساواة، معبراً عن خشيته بتلاشي هذا التنوع عبر تهديده بطرق مختلفة.
وحذر بيرنرز لي من التطبيقات الخاصة التي تهدد مستقبل الإنترنت في جميع أنحاء العالم.
ووصف مخترع الويب هذه الحالة بـ "جزر مستقلة ضمن سياج كبير اسمه فيس بوك".
وتهدف الصحيفة اليومية اليومية الالكترونية التي تنشرها "أبل" على أجهزتها اللوحية إلى الجمع بين "حساسية التابلويد والصحف الرصينة" من دون ان توفر منها نسخة ورقية او "طبعة ويب" بل تحمل فقط على أجهزة "أبل".
وطور مهندسو شركة ابل الذين نجحوا من قبل في أجهزة "أي فون" و"أي باد" في تصميم الصحيفة الورقية لتتوائم مع مستخدمي الاجهزة الذكية المحمولة.
وتوزع الصحيفة الرقمية تلقائيا على أجهزة "أي باد" الامر الذي يدفع الى تزأيد حصة ابل في السوق العالمية.
وتعود فكرة الصحيفة الرقمية الى مردوخ نفسه الذي اطلقها على ستيف جونز وبقيا يتفاوضان عليها في الاشهر الماضية قبل الاتفاق على اطلاقها.
ويرى المتابعون ان مردوخ يسعى في هذه الصحيفة الى تأكيد فكرته الداعية الى فرض رسوم على "المحتوى المتميز" المقدم على الانترنت وان المستخدمين على استعداد للدفع مقابل الحصول على هذه الخدمة.
ويعتقد مردوخ ان جهاز "أي باد" سيغير قواعد "اللعبة الصحفية" ويتوقع انه سيباع منه مع نهأية العام المقبل 40 مليون جهاز الامر الذي سيدفع وسائل الاعلام الورقية الى اعادة حساباتها.
وبدأت فكرة دفع مقابل لقراءة محتوى على الإنترنت التي قادتها شركة "نيوزكورب" تثبت أقدامها ببطء وإن كان بثقة، بوصفها نموذج الأعمال التالي في الإعلام الغربي.
وفي الآونة الأخيرة قررت مجموعات نشر تقليدية مثل "التأيمز" البريطانية و"نيوزكورب" و"نيويورك التأيمز" و"أكسل سبرينجر" أن تخوض التجربة وتبدأ فرض رسوم مقابل الأخبار التي تنشر على الإنترنت مجازفة بتقليل حجم مستخدميها مقابل الحصول على مكاسب محتملة من خلال أيرادات الاشتراكات.
وكان رئيس تحرير صحيفة الغارديان البريطانية آلان روسبردجر قد دافع عن بقاء الصحافة الورقية تجاه تهميشها من قبل الصحافة الرقمية.
ورد آلان روسبردجر على دعوات روبيرت مردوخ المطالبة بفرض تكلفة مالية على مطالعي الصحف على الانترنت بقوله "ان المستقبل للصحافة الورقية والرقمية جزء منه والاكثر تميز هو الذي يفرض نفسه ويوثق علاقته مع القارئ".
واشار الى قيام مردوخ من قبل بتسعير صحفه بمبالغ ضئيلة جدا تصل الى اقل من سعر التكلفة من أجل الاستحواذ على الجمهور، وهو مردوخ نفسه الذي يطالب اليوم بفرض رسوم على دخول القارئ على موقع الصحيفة على الانترنت.
وقال "ان آلية الخلاط التي يعتمدها مردوخ والتي انهارت مع التوفر الكبير للمعلومة عن طريق العولمة والتقنية، لم يعد لها مكان في عالم اليوم، لأن نموذج الاعمال المعتمد تكسر على صخرة العولمة والتقنية".
وعبر متابعون عن خشيتهم من نجاح هذه الاستراتيجية ووصفوها بعالية الخطورة بسبب توفر مقدار كبير من الأخبار مجاناً على شبكة الانترنت.
وقالت ريبيكا بروكس الرئيسة التنفيذية للشركة المالكة "نيوز إنترناشونال" "إن الخطوة حاسمة لجعل الأعمال التجارية للأنباء اقتراحاً اقتصادياً مثيراً، وجاءت في لحظة حاسمة بالنسبة للصحافة وتمثل البدأية على طريق الاستمرار في تطوير منتجاتنا الرقمية والاستثمار والابتكار من أجل قرائنا".
وكانت قمة أبوظبي للاعلام التي عقدت منتصف أذار/مارس الماضي قد ناقشت في أغلب جلساتها توق شركات الوسائط لنشر ثقافة الدفع مقابل الحصول على محتوى من الإنترنت.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية