أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السوريون يصنعون عالماً من "التنك"

أقيم أخيرا في دمشق معرض بعنوان "عالم من تنك"، اختار فيه الفنانون مادة التنك موضوعا لأبحاثهم وأعمالهم الفنية قد نظم "مركز أدهم اسماعيل للفنون التشكيلية" ورشة عمل شارك فيها الفنانون وطلابهم، اختتمت بمعرض لنتائج الورشة.

احتوى المعرض أعمالا تركيبية مختلفة حملت عناوين "رقعة الشطرنج" و"عجلة الزمن" و"المحارب" وسواها. واستوحي بعضها من أعمال شهيرة مثل منحوتة من التنك لكلب، على غرار "كلب" النحات العالمي جاكوميتي.

بعض الأعمال لا يخلو من الطرافة حيث حمل أحدها اسم "رجل الموبقات"، وهو عبارة عن مدخنة مدفأة على هيئة كائن بشري ولكنه يحمل في جسده كل الأشياء التي تدل على ممارسته الموبقات، من حقنة المخدرات المغروسة في ذراعه إلى علبة الكحول (التنك) في يده، إلى الخنجر المغروس في بطنه.

وتحمل بعض الأعمال قيمة فنية رفيعة المستوى تستحق أن تحتل موقعا بارزا في صالات العرض، وهي القادمة بمادتها الأساسية من النفايات.

وفي حديث لوكالة فرانس برس تقول الفنانة ريم الخطيب مديرة المركز عن اختيار مادة التنك موضوعا "التنك يحمل ذاكرة، لأنه يتفاعل مع الأحوال الجوية فيترك عليها أثرا".

وتصف الخطيب هذه المادة بالقول "إن سطوحها تحمل غنى المادة الطبيعية إضافة إلى الإحساس الصناعي، فقد تكون مصنعة ومطلية بألوان جذابة، فهي إذن تنطوي على تناقض بين إحساس بالقدم والإحساس الصناعي". وعن تاريخ المادة تقول "هي ليست قديمة كثيرا فأول من استعملها نابليون في حفظ الأطعمة للجيش، لسهولة الحفظ والتنقل، وهي بالتالي مرتبطة بعدم الاستقرار".

وتشرح الخطيب أن "هناك أيضا البعد البيئي الذي يدفعنا للتفكير بإعادة تدوير المادة وتحويلها إلى عمل فني". لكنها تلفت إلى مفارقة صعوبة العثور على هذه المواد "حيث عمال التنظيفات يدركون قيمة هذه الأشياء فيسبقونك إليها ليبيعوك إياها"، وتضيف "اضطررنا أحيانا لشراء أشياء واستهلاكها ثم استعمالها في أعمالنا الفنية".

وعن مشاركتها كفنانة في المعرض تقول الخطيب "هناك استفزاز في أن تشارك مع طلابك في العمل على الفكرة نفسها"، أما عن عملها الذي يحمل عنوان "جدار" فتقول "حاولت فعلا أن آخذ المادة من النفايات، وكنت محظوظة بالعثور عليها، فتعاملت مع سطحها الأول كما لو أنه جدار كهف، أما السطح الآخر فكان مدهونا بطريقة ذكرتني بجدران الشوارع، فتابعت بهذا الاتجاه".

وترى الخطيب أن الورشة والمعرض يأتيان في إطار أوسع "حيث الفن التشكيلي السوري محافظ وكلاسيكي وغير مواكب". وتضيف "نحن مؤسسة تعليمية تشهد تغيرات في عالم الفن، ونرى أن الجديد يأتينا دائما عبر صور أو معارض من الخارج. قلنا إن أفضل طريقة لفهم ما يجري هي أن نختبر المواد والأفكار الجديدة بأنفسنا".

هكذا جاء "مختبر الفن المعاصر" كي "يسد ثغرة في واقع الفنون في سوريا بهدف بناء تجربة محلية تعزز الهوية الفنية السورية"، على ما جاء في كتيب صادر عن المركز.

وأقام المختبر في هذا السياق ورشة فيديو آرت لليافعين بعنوان "دمشق بلا مونتاج" (2009)، ثم ورشة "يوميات" (2009) حيث قام المشاركون "بإنجاز مجموعة من الأعمال التركيبية والمجسمات والصور واللوحات والفيديو في سياق مشاهداتهم اليومية"، إلى جانب ورشة عمل بعنوان "ذاكرة حذاء" حيث حول الفنانون أحذيتهم إلى أعمال فنية.

وتؤكد مديرة "مركز أدهم اسماعيل" "أن المشروع استطاع أن يفعل العلاقة بين الفنانين والطلاب والجمهور"، وتضيف "وهذا هو الهدف الأبعد، فهدف المركز التواصل وربط الفن بالمجتمع".

و"مركز أدهم اسماعيل"، مؤسسة تعليمية تتبع لوزارة الثقافة السورية، تستهدف اليافعين إلى جانب مختلف الشرائح الاجتماعية، من حرفيين وربات منازل وموظفين، وقد تأسس في نيسان/أبريل العام 1961.

AFP
(109)    هل أعجبتك المقالة (103)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي