أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قطة سوداء في غرفة مظلمة ... سلامة أحمد سلامة

لو كان لي من الأمر شيء في تقرير مدي الجدوي من المشاركة في مؤتمر الخريف الذي يجري التحضير له بشدة حملت كوندوليزا رايس علي الحضور للمنطقة للمرة الثامنة‏,‏ لطالبت بمقاطعته‏,‏ ولسعيت لتشكيل موقف عربي رافض لهذا الاجتماع الذي تشير كل الدلائل إلي أنه لن يفضي لشيء إذا انعقد‏,‏ اللهم إلا إذا كانت قصاصة أخري من الورق مثل خريطة الطريق‏,‏ تستجيب لرغبات إسرائيل من ناحية‏,‏ وتنقذ ماء وجه إدارة بوش التي وعدت بقيام الدولتين من ناحية ثانية‏,‏ وتضيف قائمة أخري من التنازلات الفلسطينية من ناحية ثالثة‏,‏ وفي كل الاحوال فلن تكون غير نوع من الخداع قد يسفر عن عواقب وخيمة‏.‏
ولا تقتصر‏..‏ مؤشرات الفشل علي ذلك‏,‏ ولكن واشنطن حين تصر علي جعل المؤتمر مقصورا علي مفاوضات ثنائية بين اسرائيل والفلسطينيين‏,‏ وليس كل الفلسطينيين بل مجرد جزء من الشعب الفلسطيني بقيادة محمود عباس‏,‏ دون اعتبار للنصف الآخر من الفلسطينيين في قطاع غزة‏..‏ وتتجاهل ما نصت عليه المبادرة العربية بأن يكون الحل علي أساس الندية وحسن الجوار والعودة إلي حدود‏67‏ مع جميع الدول العربية‏,‏ بما في ذلك الجولان السورية‏,‏ فمعني ذلك أنه لا مصلحة لسوريا في حضور المؤتمر‏,‏ وأن شرط إقامة علاقات طبيعية بين العرب واسرائيل سيظل معدوما‏.‏
ومن الواضح أن الإسرائيليين لا يكفون عن الحديث عن الخطوط الحمراء التي لا يريدون تجاوزها‏.‏ ومن بين هذه الخطوط شروط يخفيها أولمرت في جيبه‏,‏ تستند الي الخطاب الرسمي الذي حصل عليه شارون من بوش يقر فيه بحق اسرائيل في ضم أجزاء واسعة من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ‏67,‏ وفي رفض عودة اللاجئين‏.‏
أما العرب فليست لديهم فيما يبدو خطوط حمراء أو صفراء‏.‏ وقد عقدت حتي الآن ستة لقاءات بين أولمرت وعباس‏,‏ بدأت بالاحضان وانتهت بالاحضان‏.‏ ولا توجد معلومات عن مضمون هذه اللقاءات‏,‏ ولا يبدو أن لها محاضر مكتوبة‏.‏ وبينما يكرر عباس رغبته في وثيقة نهائية ترسم تصورات محددة للمفاوضات وأهدافها‏,‏ يصر أولمرت علي جعلها فضفاضة وتأجيل القضايا الحساسة التي هي لب المشكلة الي ما بعد المؤتمر‏.‏
إلي أي مدي سيذهب أبومازن في استجداء مفاوضات لا أمل فيها‏,‏ إذا كان علي استعداد لقبول تنازلات من قبيل تبادل أراض صحراوية في النقب مقابل تجمعات استيطانية في الضفة‏,‏ بينما يرفض إجراء أي حوار مع حماس ؟
العرب في مؤتمر الخريف أشبه بمن يبحث عن قطة سوداء في غرفة مظلمة‏.‏ لا يملكون أوراقا ولا مفاتيح للخروج منها‏.‏ أما أبومازن فهو يعلن مقدما أنه بذل غاية جهده وليس مغسلا وضامن جنة‏.‏
وأما اسرائيل فسوف تواصل حصد مكاسبها في ضم الأراضي وتعميق النزاع بين فتح وحماس‏.‏ وأما إدارة بوش فسوف تكون قد حققت هدفها بتعزيز جبهة المعتدلين وعزل العرب عن إيران وسوريا وحزب الله وحماس لإكمال مخططاتها الفاشلة في العراق‏!!‏



الأهرام
(132)    هل أعجبتك المقالة (127)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي